ما لا تقوله برقية وكالة الصحافة الفرنسية أدناه هو أن عمر البشير فتح خطّاً مع إسرائيل في السنتين الأخيرتين من حكمه. كما سعى لاستدراج الروس (« بطريقة مذلّة جداً »، كما تكشف وثائق وزارة الدفاع السودانية) ومنحهم قاعدة بحرية يتبرّأ منها النظام الجديد في السودان. ربما كما استدرج الأسد فلاديمير بوتين إلى المستنقع السوري.
وتفيد معلومات « الشفاف » أن الإسرائيليين وافقوا على فتح خطوط مع البشير، ولكنهم لم يوافقوا على « دعمه »، كما طلب!
*
(وكالة الصحافة الفرنسية)
الرئيس السوداني السابق عمر البشير الذي قررت بلاده تسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية، هو انقلابي سابق طُبع حكمه الذي دام 30 عامًا بالاستبداد والفساد والإفلات من العقاب إلى أن سقط تحت ضغط شعبي في عام 2019.
ومذّاك التاريخ، يقبع البشير (77 عاماً) في سجن كوبر في الخرطوم، في المكان نفسه حيث اعتاد سجن معارضيه. وفي كانون الأول/ديسمبر، صدرت بحقه أول إدانة من محكمة سودانية.
على مدى عقد كامل، وحتى لحظة إسقاطه في الشارع، تجاهل البشير، العسكري ذو الخلفيات الإسلامية والذي تولى الحكم اثر انقلاب في العام 1989، المحكمة الجنائية الدولية. وسافر إلى دول عدة في إفريقيا وخارجها في تحدّ واضح لها، رغم صدور مذكرتي توقيف بحقه في العام 2009 لارتكاب “جرائم حرب” و”جرائم ضد الانسانية”، وفي العام 2010 لارتكاب “إبادة” في إقليم دارفور.
– خطوات راقصة –
أُعيد انتخاب البشير لمرتين عامي 2010 و2015 رئيساً للبلاد، في انتخابات قاطعتها المعارضة. وحتى نهاية حكمه، سحق كافة أشكال المعارضة بيد من حديد.
في 11 نيسان/أبريل 2019، أطاح الجيش بالبشير واعتقله، بعد أربعة أشهر على بدء احتجاجات شعبية ضدّه. قبل ذلك بأيام، كان البشير يتقرّب من الحشود عبر الرقص أمامهم والتلويح بعصاه الشهيرة فوق رأسه، في خطوة اعتاد القيام بها أمام التجمعات الجماهيرية هو الذي لطالما ظهر واثقاً من نفسه.
والبشير، وهو متزوج من إمرأتين وليس لديه أولاد، مولود لعائلة فقيرة تعمل في الزراعة في قرية حوش بنقاء الواقعة على بعد نحو مئتي كيلومتر شمال الخرطوم. وينتمي إلى قبيلة البديرية الدهمشية، إحدى أكثر المجموعات القبلية نفوذاً.
دخل في سن مبكرة الكلية الحربية في مصر، وترقى في المناصب ثم انضم إلى فوج المظليين، وشارك في حرب 1973 بين العرب وإسرائيل إلى جانب الجيش المصري.
في 30 حزيران/يونيو 1989، قاد انقلابا أطاح بحكومة الصادق المهدي، ودعمته حينها الجبهة الإسلامية القومية بقيادة حسن الترابي، الذي بات لاحقاً من أبرز معارضيه.
– “مهارة” –
تحت تأثير الترابي، وضع البشير السودان الذي كان مشرذماً بين عدد كبير من القبائل ومنقسماً بين شمال ذي غالبية مسلمة وجنوب يسكنه مسيحيون ووثنيون، على سكة الإسلام المتطرف.