(دخان يتصاعد في أعقاب غارات جوية روسية على مشارف مدينة إدلب شمال غرب سوريا، في 29 آذار/مارس 2021 )
(وكالة الصحافة الفرنسية) – حثّت عدة منظمات حقوقية روسية في تقرير نشرته الجمعة الروس إلى “تحمّل مسؤولياتهم” تجاه ما قالت إنّها جرائم ارتكبتها القوات الروسية في سوريا منذ تدخلها العسكري هناك عام 2015.
وصدر التقرير، الأول الذي تخصصه منظمات روسية غير حكومية عن سوريا، لمناسبة الذكرى العاشرة للنزاع السوري، ويهدف إلى إلقاء الضوء على موضوع ضحايا العمليات العسكرية الروسية، المحظور في وسائل الإعلام الموالية الكرملين.
وتتناقض خلاصات التقرير مع خطاب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يقدّم جيشه على أنه يخوض معركة عادلة لإنقاذ السلطة الشرعية للرئيس السوري بشار الأسد من “الإرهابيين”.
ويقول التقرير الذي أعدته بالأخص منظمة “مموريال”، إنّ التدخل الروسي أدى إلى تغيير مسار الحرب على حساب العديد من الضحايا المدنيين.
ويستند النص المؤلف من مئتي صفحة، إلى شهادات أكثر من 150 شخصاً حول الأحداث في سوريا.
وقالت المنظمات إنّ “الغالبية العظمى من محاورينا، لا يرون روسيا منقذةً، وإنّما قوة أجنبية هدّامة وقد ساعد تدخلها العسكري والسياسي في تمتين مجرم حرب على رأس بلادهم”.
وأضافت أنّ “بعض الذين تحدثنا إليهم كشفوا أنهم هم أو أقاربهم كانوا ضحايا قصف روسي”.
وحث التقرير موسكو على إجراء تحقيقات مستقلة في شأن غارات قواتها الجوية في سوريا ودفع تعويضات للضحايا.
“مرارة وخزي”
كما تناول التقرير انتهاكات ارتكبها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، لكنه أكد أن معظم الشهادات التي تم جمعها تتعلق “بانتهاكات على يد قوات الحكومة السورية وحلفائها، وجماعات معارضة مسلحة، بما في ذلك الإرهابية منها”.
وشبّه العضو في “ميموريال” أوليغ أورلوف في مؤتمر صحافي عمليات القصف الروسي بالتكتيكات العسكرية في الشيشان حيث خاضت موسكو حربين في التسعينيات والعقد التالي.
ولم يتمكن معدّو التقرير من دخول سوريا، لكنهم أجروا مقابلات مع سوريين فرّوا من الحرب، في لبنان والأردن وتركيا وألمانيا وروسيا.
ويتهم التقرير الذي احتاج إعداده عامين، موسكو بانتهاكات بسبب غارات عشوائية على المدنيين أو بسبب دعم نظام متهم بارتكاب فظائع عديدة مثل استخدام الأسلحة الكيميائية أو سلاح الجوع ضد مدن محاصرة.
وقالت قاطنة سابقة في حيّ الوعر بمدينة حمص الذي حوصر بين 2013 و2016، “تجاوز عدد ضحايا القصف الروسي بعد ستة أشهر على بدئه، حصيلة ضحايا عامين من القصف السوري”. وأضافت أنّ وزنها لم يتعدّ 33 كلغ في مرحلة معيّنة.
وبينما نفت روسيا مرارا لجوء السلطات السورية للأسلحة الكيميائية ضد المدنيين، مستخدمة حق النقض في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لحماية السلطات السورية، يقول معدّو التقرير إنهم تحدثوا إلى ضحايا هجمات بالغاز.
وقال جرّاح من الغوطة الشرقية “رأيت 30 طفلا ميتين وأشخاصًا آخرين كانوا يواصلون صب الماء عليهم”، مضيفاً “لن أنسى هذا المشهد أبدا”.
وأشار معدّو التقرير إلى رغبتهم في وصول خلاصاتهم إلى أكبر عدد من الروس “وأن يتحملوا مسؤولياتهم حيال ما يحدث نيابة عنهم في سوريا”.
وقالوا “لقد شعرنا بالمرارة والخزي بسبب الطريقة التي ينظر بها السوريون الذين قابلناهم إلى الروس”.