يمثل عيد ميلاد السيد المسيح لأكثر من مليارين و250 مليون مسيحي، مناسبة دينية وعائلية رائعة، وذكرى سنوية جميلة في معانيها، ولليوم بهجته حتى في الدول العلمانية، كونه عيدا للسلام والمحبة، وعطلة رسمية.
***
ولكن الكريسماس له عيدان، الأول في الـ25 من شهر ديسمبر، وتتبعه كل الكنائس الإنجليكية والبروتستانتية والكاثوليكية. والثاني يقع في السابع من يناير، وتحتفل به الكنائس الشرقية الأرثوذكسية في روسيا واوكرانيا وصربيا وإثيوبيا وإريتريا واليونان وقبرص ومصر وغيرها.
بدأ التقويم العصري مع الإمبراطور الروماني «يوليوس قيصر» الذي اكتشف، بعد احتلاله مصر، أن لدى الفراعنة تقويما دقيقا، ومتفوقاً على الروماني، فاستعان به، وجعل السنة العادية 365 يوماً وربع اليوم (6 ساعات)، والكبيسة 366 يوما، والتي تأتي كل أربع سنوات نتيجة تراكم الساعات الست. كما جعل عددَ أيام الأشهر30 أو 31 يوما عدا فبراير فيكون 29 يوما في السنة العادية 30 يوما في الكبيسة، وبدأ التطبيق سنة 45 ق.م.
***
نادى الراهب الشهير ديونيسيوس Dionysius في منتصف القرن السادس بأن يكون ميلاد السيد المسيح بداية التقويم بدلًا من التقويم الروماني، الذي كان يبدأ بتأسيس مدينة روما في 753 ق.م. وقامت أوروبا ومن بعدها العالم المسيحي، منذ عام 532 باعتماد سنة ميلاد المسيح، كبداية للسنة.
تبيّن تالياً أن الراهب أخطأ في حساباته، فالتاريخ الذي وضعه لميلاد السيد المسيح يتضمن فرقاً قدره نحو 4 سنوات لاحقة لتاريخ الميلاد الحقيقي، ولكن التقويم اليولياني بقي متبعا لأكثر من 17 قرناً، إلى أن تبين من الحسابات الفلكية الدقيقة أن السنة المدارية أطول من السنة اليوليانية بـ11 دقيقة كل 365 يوما وربع اليوم، أي ما يعادل يوماً كاملاً كل 128 سنة. وبناء عليه أصدر البابا غريغوريوس الثالث عشر، الذي سمي تقويمنا الحالي باسمه، أمراً بتعديل الخطأ المتراكم، لكي يتسنى الاحتفال بالمناسبات الدينية في مواقيتها الصحيحة، وهكذا نام الناس يوم الخميس 4 أكتوبر 1582م واستيقظوا يوم الجمعة 15 أكتوبر 1582م. عارضت الكنيسة الإنكليزية التعديل حتى عام 1752م، عندما اقتنعت بصحة إضافة الاحد عشر يوما. ولكن الكنائس الأرثوذكسية الشرقية بقيت على إصرارها فيما يتعلق بالأعياد الدينية حسب التقويم اليولياني، حتى اليوم، واتبعت التقويم الغريغوري في بقية الأمور، وهكذا أصبح لدينا عيدا ميلاد للسيد المسيح بفارق يتراوح بين 13 و14 يوما.
***
ومع بداية القرن العشرين أصبح العالم أجمع يتبع التقويم الغريغوري لدقته، مع تخلي الصينيين والهنود واليابانيين والمسلمين وغيرهم عن تقاويمهم، مع استمرار اتباعها في المناسبات الدينية.
***
يعتبر التقويم الإيراني الشمسي، الجلالي، الذي وضعه العالم الفلكي والشاعر عمر الخيام، بأمر من السلطان جلال الدين (1074م) أكثر التقاويم دقة، فنسبة الخطأ فيه يوم واحد فقط لكل 3.8 ملايين سنة، في مقابل يوم واحد لكل 3300 سنة في التقويم الغريغوري!
تتكون أشهر السنة الأولى من 31 يوماً والخمسة التي تليها من 30 يوماً، والأخير يكون 29 يوماً في السنة البسيطة و30 في الكبيسة. ويكون 21 مارس بداية السنة، أو عيد النيروز.
وننتهز هذه المناسبة لتقديم أجمل التهاني للأحبة المسيحيين كافة بعيد الميلاد المجيد. وتقديم الشكر للدكتور حسين داوود على إضافاته الثرية لهذا المقال.
a.alsarraf@alqabas.com.kw