ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﺼﻒ ﺭﺟﻞ ﺩﻳﻦ ﺷﻴﻌﻲ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ “صَنَم ﻳﺠﺐ ﻛﺴﺮﻩ”، ﻭﻳﻬﺎﺟﻢ ﺭﺟﺎﻝ ﺩﻳﻦ ﺳﻨّﺔ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻭﻳﻌﺘﺒﺮﻭﻧﻬﺎ ﻣﺪﺧﻼ ﻟﻤﻤﺎﺭﺳﺔ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺻﻮﺭ ﺍﻟﻤﻔﺴﺪﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ، ويستغل ﻣﺴﺆﻭﻝ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ، ﺍﻟﻤﺘﻨﺎﻏﻢ ﻣﻊ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺔ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﻨﺎﻫﻀﺔ ﻟﻠﺤﺮﻳﺎﺕ، ﻭﺍﻟﻤﺪﻋﻮﻡ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺣﻔﻨﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺻﻮﻟﻴﻴﻦ، هذا الوصف والهجوم ﻟﻜﻲ ﻳﻤﻨﻊ ﺃﻱ ﺍﺧﺘﺮﺍﻕ ﻟﺴﻠﻄﺘﻪ ﻭليواجه ﺃﻱ ﺗﻬﺎﻓﺖ ﻋﻠﻰ ﻛﺮﺳﻲ ﺍﻟﺤﻜﻢ، ﺳﻮﻑ ﻧﻌﻲ ﺣﺠﻢ ﺃﺯﻣﺔ ﺍﻻﺳﺘﺒﺪﺍﺩ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻨﺎ.
فرجل ﺍﻟﺪﻳﻦ الذي يظن بأنه ﻭصيّ ﻋﻠﻰ حريات ﺍﻟﻨﺎﺱ، سيكون ﻭﺻﻴّﺎ أيضا ﻋﻠﻰ ﺇﻳﻤﺎﻧﻬﻢ ﻭﻋﻠﻰ ﺃﺧﻼﻗﻬﻢ. ومفهوم الوصاية سيحوّله أتوماتيكيا إلى مشروع للهيمنة، معتقدا بأن هذه الهيمنة إلهية وهو مسؤول عن تنفيذها على البشر غصبا عنهم. ﻭﻋﻠﻰ هذا الأﺳﺎﺱ ﻧﺠﺪﻩ ﻳﺘﺤﻜّﻢ بحياة الناس، في دنياهم وفي مصيرهم بعد الموت، ﻓﻴﺘﺪﺧّﻞ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﻭﻛﺒﻴﺮﺓ، ﻭﻳﺮﻯ ﻧﻔﺴﻪ ﺣﺎﺭﺳﺎ ﻋﻠﻰ كل أمورهم، وﻻ ﺳﺒﻴﻞ ﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﻣﻬﻤﺔ ﺍﻟﻮﺻﺎﻳﺔ ﻫﺬﻩ ﺇﻻ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺳﻠﻮﻙ ﺍﻹﻛﺮﺍﻩ، ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ يشير إلى معارضته للإﻛﺮﺍﻩ.
ﻫﻞ ﺭﺟﻞ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺗﺒﻨﻴﻪ ﺻﻔﺎﺕ ﺍﻟﻮﺻﺎﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﺤﻜّﻢ ﻭﺍﻟﺘﺪﺧّﻞ ﻭﺍﻟﺤﺮﺍﺳﺔ ﻭﺗﻜﺴﻴﺮ ﺻﻨﻢ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ، ﻳﺨﺸﻰ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ، ﻭﻳﺮﺑﻂ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﻧﺘﺸﺎﺭ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ؟
بنظرة ﻋﺎﺑﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﻣﺆﺷﺮ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ يبدو ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ فيها مهيمنين إلى حد كبير على شؤون الناس وعلى الوضع العام فيها، ﻛﻔﻴﻠﺔ ﺑﺎﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ. فاﺭﺗﻔﺎﻉ ﺻﻮﺕ ﺍﻷﺫﺍﻥ، والتحكّم بسلوك ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ، ﻭﺇﺟﺒﺎﺭﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﻤﺎﺭﺳﺔ ﺍﻟﻄﻘﻮﺱ ﺍﻟﺘﻌﺒّﺪﻳﺔ، ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﺰﻝ ﺃﻭ ﻓﻲ ﺧﺎﺭﺟﻪ، ﻭﺯﺣﻤﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺎﺕ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ وفي الشعائر التعبدية، ﻭﺍﻟﺤﺴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﻤﻔﺮﻃﺔ تجاه سلوك ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ، حجابها ﻭﻧﻘﺎﺑﻬﺎ وتحرّرها، ﻭﻣﺤﺎﺭﺑﺔ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺻﻮﺭ ﺍﻟﺘﺮﻓﻴﻪ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ، ﻻ يمكن أن تساهم في تقوية إيمان الناس ولا أن تحافظ على تدينهم، كما لا ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻭﺻﻔﺎﺕ ﻋﻼﺟﻴﺔ ﻟﻠﻔﺴﺎﺩ، ﻭﺇﻻّ ﻟﻜﺎﻧﺖ ﺳﺎﻫﻤﺖ ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ ﻣﺎ ﺗﺌﻦ ﻣﻨﻪ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻨﺎ، ﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺜﻮﺍﺑﺖ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ، ﻣﻦ ﻓﺴﺎﺩ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﻭﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﻣﺎﻟﻲ ﻭﺇﺩﺍﺭﻱ ﻭﻏﻴﺮﻩ.
ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺑﺄﻥ “ﻣﺪﻯ” ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻫﻮ ﺃﺳﺎﺱ ﻓﺴﺎﺩﻩ، ﻟﺬﺍ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻻ ﻳﺼﻞ ﺣﺪﺍ ﺗﺘﻬﺪّﺩ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﺍﻟﻤﺴﻠّﻤﺎﺕ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ، ﺇﺫ ﺳﻴﺆﺛﺮ ﺫﻟﻚ ﺳﻠﺒﺎ ﻋﻠﻰ ﺑﺎﻗﻲ ﺻﻮﺭ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ. ﻓﺎﺭﺗﻔﺎﻉ هذا “ﺍﻟﻤﺪﻯ” ﻳﻮﺻﻒ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺒﻌﺾ “ﺑﺎﻟﺼﻨﻢ”، ﻭﺃﻓﻀﻞ ﻭﺻﻔﺔ ﻟﻌﻼﺟﻪ هو تكسيره.
ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﻘﺎﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺑﺄﻥ ﺷﺨﺼﺎ ﻣﺎ ﺃﺻﺒﺢ صَنَماً، ﻓﺬﻟﻚ ﻳﻌﻨﻲ ﺑﺄﻧﻪ ﻭﺿﻊ ﻧﻔﺴﻪ ضد ﺍﻟﻠﻪ، ﺃﻱ أنه ﺍﺗﺼﻒ ﺑﺼﻔﺎﺕ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﺳﺎﻫﻢ ﻓﻲ ﺗﺨﺮﻳﺐ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨﺎﺱ. ﻭﻋﻠﻰ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ، ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺭﺟﻞ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺑﺄﻥ “ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ صَنَم ﻳﺠﺐ ﻛﺴﺮﻩ”، ﻓﻬﻮ ﻳﻀﻊ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﺿﺪ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﻳﻌﺘﻘﺪ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺗﺴﺎﻫﻢ ﻓﻲ ﺗﺨﺮﻳﺐ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻟﻠﻪ، ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ “ﺗﻜﺴﻴﺮ صَنَم ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ” ﻟﻜﻲ ﻧﻬﻴّﺊ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﺍﻟﻠﻪ.
بينما، ﻻ ﻃﺮﻳﻖ ﻳﻀﻤﻦ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﺇﻻ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ، ﺳﻮﺍﺀ ﺃﺳﻤﻴﻨﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺻﻨﻤﺎ ﺃﻭ ﺃﻱ ﺷﻲﺀ ﺁﺧﺮ. ﻛﻤﺎ ﻻ ﻃﺮﻳﻖ ﻟﺘﻜﺮﻳﺲ ﺍﻻﺳﺘﺒﺪﺍﺩ، ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ وغير الديني، ﻭﺿﺮﺏ ﺻﻮﺭ ﺍﻟﺘﻌﺪﺩﻳﺔ ﺍﻹﻳﻤﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎفية والسياسية، ﺇﻻ ﺑﺘﺒﻨﻲ ﺷﻌﺎﺭ ﻛﺴﺮ صَنَم ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ. ﻓﻤﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻧﻬﻴﺊ ﺍﻷﺭﺿﻴﺔ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻟﺘﻌﺪﺩﻳﺔ ﻃﺮﻕ الحياة، وتعددية ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ، وعدم الإيمان، ﻭتعاﻳﺶ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻣﻦ مختلف ﺍﻟﺪﻳﺎﻧﺎﺕ والمذاهب، وستتم مواجهة من يسعى أن تكون الحياة مجرد طريق واحد أوحد، مما ﻳﺘﻜﺮّﺱ ﻣﻌﻪ ﺍﻟﻤﺴﻌﻰ ﺍﻟﻤﺘﺸﺪﺩ ﺍﻹﻗﺼﺎﺋﻲ ﺍﻟﺘﻜﻔﻴﺮﻱ.
فرجل ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺰﻋﻢ ﺑﺄﻥ ﻫﺪﻓﻪ ﻫﻮ ﻫﺪﻡ صَنَم ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ، ﺇﻧﻤﺎ ﻳﺴﻌﻰ ﻟﺘﺜﺒﻴﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﻣﻨﻬﺠﻪ ﻭﺻﻴّﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ، ﻭﻳﺨﻄﻂ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ ﺁﺧﺮ ﺇﻟﻰ ﻫﺪﻡ ﺍﻟﺘﻌﺪﺩﻳﺔ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎفية والفكرية، ﻭﺗﺜﺒﻴﺖ ﺭﺅﺍﻩ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ بأنها رؤى نهائية ﺑﺸﺄﻥ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ. ﺃﻱ ﺑﺘﻌﺒﻴﺮ ﺁﺧﺮ ﻳﺴﻌﻰ ﺇﻟﻰ ﺗﺤﻮﻳﻞ ﻓﻬﻤﻪ ﻟﻠﺪﻳﻦ ﺇﻟﻰ ﺻﻨﻢ ﺩﻳﻨﻲ. ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺃﻥ ﺟﻮﻫﺮ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﻟﺮﺍﻫﻦ ﻳﺴﺘﻨﺪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻖ ﻓﻲ ﺣﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ، ﻭﺍﻟﺤﻖ ﻓﻲ ﺣﺮﻳﺔ الإيمان وعدم الإيمان، والحق في حرية ﺍﻟﺘﻌﺒّﺪ بمختلف الصور، ﻭالحق ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮ عن جميع ذلك ﺑﺸﺘﻰ ﺍﻟﻄﺮﻕ ﻟﻜﻞ ﺃﻓﺮﺍﺩ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺩﻭﻥ ﺍﺳﺘﺜﻨﺎﺀ ﻭدون التضييق ﻋﻠﻰ أحد.
ﻳﻄﺮﺡ ﺍﻟﻤﻔﻜﺮ ﺍﻻﻳﺮﺍﻧﻲ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺠﺘﻬﺪ ﺷﺒﺴﺘﺮﻱ ﺗﺴﺎﺅﻻﺕ ﺑﺸﺄﻥ ﺍﻟﻤﻔﺎﺿﻠﺔ ﺑﻴﻦ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻭﺑﻴﻦ ﺷﻌﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﻭﻣﺴﺎﻋﻴﻬﻢ ﻟﻬﺪﻡ ﻣﺎ ﺃﺳﻤﻮﻩ ﺑـ” ﺻﻨﻤﻬﺎ”. ﻓﻴﻘﻮﻝ: “ﺇﺫﺍ ﺍﻋﺘﺒﺮﻧﺎ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﺻَنَماً ﻳﺠﺐ ﻛﺴﺮﻩ ﻭﺣﺮﻣﻨﺎ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻣﻨﻬﺎ، ﻛﻴﻒ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺃﻥ ﻳﻤﻴّﺰ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺼﻨﻢ ﻭﺑﻴﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻜﻲ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻳﺒﻌﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻦ ﺍﻷﺻﻨﺎﻡ؟ ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻧﻄﺮﺩ ﺍﻷﺻﻨﺎﻡ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ﻭﻧﺜﺒّﺖ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﻭﺟﻮﺩ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﻭﺍﺳﻌﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ؟ ﻫﻞ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻧﻜﺘﺸﻒ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﺍﻟﺼﻨﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺩﻭﻥ ﻭﺟﻮﺩ ﺣﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻔﻜﺮ ﻭﺍﻟﺘﻌﺒّﺪ ﻭﺍﻟﺒﺤﺚ ﻭﺍﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺎﺩﻟﺔ ﻭﺍﻟﺮﺃﻱ ﻭﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮ؟”.
ﻟﻤﻮﺍﺟﻬﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻹﺷﻜﺎﻟﻴﺔ ﻭللإجابة ﻋﻠﻰ ﻣﺜﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﺳﺌﻠﺔ، ﻳﻄﺮﺡ ﺷﺒﺴﺘﺮﻱ ﺣﻠّﻴﻦ ﺍﺛﻨﻴﻦ: ﺍﻷﻭﻝ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﺸﺪﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻭﺟﻮﺩ ﻫﺎﻣﺶ ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ ﺣﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻭﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﺀﻟﺔ ﻭﺍﻟﻨﻘﺪ ﻟﻜﻞ ﺃﻓﺮﺍﺩ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ، ﻭﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻔﺮﺩﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﺰﺯ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﺼﻨﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ، ﺳﻮﺍﺀ ﺍﺭﺗﺒﻄﺖ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻮﺍﺟﻬﺔ ﺑﺎﻟﺼﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺃﻭ ﺑﺎﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺃﻭ ﺑﺎﻟﻔﻜﺮ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﺍﻟﺪﻳﻦ. ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻫﻮ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﺮﺅﻯ “ﺍﻟﺠﺎﺯﻣﺔ” ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺃﺻﺤﺎﺑﻬﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺭﺅﻯ ﻧﻬﺎﺋﻴﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﻤﻮﺡ ﺑﻨﻘﺪﻫﺎ ﻭﺗﻐﻴﻴﺮﻫﺎ، ﺇﺫ ﺗﻜﻮﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺮﺅﻯ ﻭﺃﺻﺤﺎﺑﻬﺎ ﻫﻲ ﺍﻷﺻﻨﺎﻡ، ﻭﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﺣﺎﺿﺮﺓ ﻟﻤﻮﺍﺟﻬﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺻﻨﺎﻡ.