ماكرون يوجه رسائل للمملكة بعد “انتكاسات” سياسية واقتصادية
مساء الاثنين الماضي اطلق الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون موقفا كان له وقع المفاجأة على سامعيه في باريس كما في بيروت والرياض. “السعودية احتجزت رئيس حكومة لبنان سعد الحريري ولولا تدخل فرنسا لاندلعت الحرب الاهلية في لبنان”. الكلام الاول من نوعه فرنسيا، استدعى ردا سعوديا مباشرا نقلته وكالة “واس” عن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية اكد “ان ما ذكره الرئيس الفرنسي غير صحيح”، مذكّرا بأن المملكة، كانت ولا زالت تدعم استقرار وأمن لبنان وتدعم دولة الرئيس الحريري بالوسائل كافة”.
لماذا قرر الرئيس هولاند الان ان “يبقّ البحصة” التي بقيت في فم الرئيس الحريري حتى اليوم ويفتح النار على المملكة التي تربطه بها علاقات وثيقة، وهي التي قال المصدر السعودي ان بلاده تتطلع للعمل مع الرئيس الفرنسي لمواجهة قوى الفوضى والدمار في المنطقة وعلى رأسها إيران وأدواتها؟
اوساط فرنسية مطلعة تقول لـ”المركزية” ان موقف الرئيس الفرنسي، ولئن كانت استقالة الحريري محوره الاساس، بيد انه شأن فرنسي- سعودي محض لا دخل للبنان به، فهو التقط الفرصة ليوجه رسالة الى المملكة التي وصلتها اشارات فرنسية كثيرة لم يتلقفها المسؤولون السعوديون، كما انهم، بحسب المصادر، تجاهلوا مواقف فرنسا الاقليمية التي تصب في مصلحة سياسة الرياض والدور الذي تلعبه باريس سواء في الملف النووي الايراني او من خلال اعتراضها على تدخل طهران في شؤون دول المنطقة او بالضغط الذي تمارسه في اكثر من اتجاه، وقد افضى اخيرا الى صدور اصوات دولية تؤكد ضرورة خروج جميع المقاتلين غير السوريين من سوريا لانهاء الحرب.
هذا في المواقف، اما في العلاقات فتستغرب فرنسا، وفق ما تكشف الاوساط، ان تكون حصتها من المشاريع السعودية 15 مليار دولار فقط، في حين تجاوزت الارقام مع الولايات المتحدة الاميركية الـ600 مليار دولار و”الحبل على الجرار”. وفي معرض الاستغراب ايضا، تطرح باريس مسألة رفض السعودية التعامل مع شركة “اوداس” الفرنسية لشراء السلاح والتعاطي المباشر مع الحكومة، ما دفع الشركة الى اقفال مكاتبها في المملكة ووقف التعامل مع الرياض، بعدما جمدت الرياض تسديد فاتورة السلاح الذي طلبه لبنان من فرنسا من ضمن هبة المليارات الثلاثة التي الغيت نهائيا من دون تبرير، على رغم الاتفاق الموقع بين الدولتين على تصنيع السلاح، وابلاغ فرنسا وجوب اكمال التصنيع من دون تسليمه الى لبنان بل اليها، لتضعه في مخازنها وتقرر لاحقا وجهته. الا انها تراجعت لاحقا عن قرارها وابلغت باريس وجوب وقف التصنيع.
اما في السياسة فتأخذ فرنسا على السعودية عدم تجاوبها مع المبادرات التي اطلقتها في شأن ازمات منطقة الشرق الاوسط لا سيما تلك الهادفة الى اعادة العلاقات بين السعودية وايران الى سكة التواصل والحوار، لا بل انها عوض ذلك ابدت تشددا في الموضوع الايراني ورفضت كل الاقتراحات الفرنسية لفتح صفحة جديدة، على رغم التصريحات الايرانية الداعية الى اقامة افضل العلاقات مع الجيران وتحديدا السعودية.
مجمل هذه الخطوات والمواقف، تختم الاوساط، حملت الرئيس ماكرون على توجيه رسالة عبر الاعلام الفرنسي للرياض، علّها تتلقفها فتعيد قراءة سياستها وخطواتها في الاتجاه الصحيح.