عندما انهارت الدولة بطبعتها الأولى تحت تسمية “الجمهورية الأولى”، يوم 13 نيسان 1975، أي 6 سنوات بعد “اتفاق القاهرة، إنهارت معها “الضمانة” أو “بوليصة التأمين” التي عمل الموارنة عليها منذ البطريرك الحويّك ودولة لبنان الكبير مروراً بالإستقلال والميثاق وصولاً إلى بناء الجمهورية الأولى.
ومع انهيارها في العام 75، بحث الموارنة عن ضمانة رديفة واتجهوا، مجتمعاً وكنيسة (ما عدا بكركي التي ظلّت متمسّكة بهيكل الدولة المنهارة) وأحزاباً إلى “الجبهة اللبنانية” ومن خلالها بحثوا عن ضمانات إقليمية ساهمت في صمودهم نسبياً حتى الـ1989… إنما بخسارة فادحة عبّر عنها المجمع البطريركي الماروني عام 2006 بقوله: “لقد جُرِّحت الكنيسة في جسدها جراحات بالغة أثناء الحرب، إذ رأت أبناءها يُقتلون ويَقتلون ويتقاتلون!”.
في العام 89 حصل لبنان على ضمانة “جماعية” تمثّلت بـ”اتفاق الطائف” الذي ارتكز على معادلة سحرية بين المسلمين والمسيحيين.
سلّم المسلمون بنهائية الكيان اللبناني وسلّم المسيحيون بالإصلاحات الدستورية وانتقلوا من طائفة مميزة في النظام إلى طائفة مكوّنة، أسوةً بالطوائف الأخرى، وعاشوا هذا الإنتقال بأسف. (ويا للأسف!)
ثم انتقل بعضهم للبحث عن “ضمانة” تعوّض “خسارتهم امتيازاتهم” وتحالفوا مع سلاح “حزب الله” ضد الغالبية السنية في لبنان والعالم العربي.
اليوم يحاول البعض العودة إلى “الإمتياز” من خلال التذاكي، تارةً بالتحالف مع الشيعة ضد السنة وتارةً بالتحالف مع السنة ضد الشيعة!
إذا كانوا في المرّات السابقة قد أخرجونا من الجغرافيا السياسية، فهذه المرة نكاد نخرج من تاريخ المنطقة!
أما آنَ الأوان للتمسّك أكثر من أي وقتٍ مضى بضمانة اتفاق الطائف؟
أما آنَ الأوان لنقتنع أننا ساهمنا جميعاً في بناء لبنان أفراداً وطوائف؟
أما آنَ الأوان للمطالبة بدولة واحدة وجيش واحد؟
أما آنَ الأوان لنتعلّم أن الإنتقال من “حبلٍ إلى آخر” قد يطيح بنا؟
أما آنَ لنا أن نتعلّم من التاريخ؟
في انتخابات العام 2009، اقترع مليون و22 ألف مسلم مقابل 560 ألف مسيحي!
إن المناصفة بندٌ مؤقّت لحين إلغاء الطائفية السياسية! (بموجب إتفاق الطائف).
أرجو أن تلتفتوا جيداً إلى ما يجري من حولكم وأن تتمسّكوا بالطائف والدستور وبناء المجلسين، كما نصّت وثيقة الوفاق الوطني… وإلا فلن تجدوا مَن۫ يترحَّم على الذين يهدمون بيتهم بأيديهم!..
والسلام لجميعكم.
(٭) – هذا العنوان مستوحى من مقال سابق كتبه سمير فرنجية تحت عنوان:
?L’éclipse des chrétiens est-il irrémédiable