أعلنت سيئول أن بيونغ يانغ عرضت عليها الثلاثاء، في أو ل محادثات رسمية بين الطرفين منذ أكثر من عامين، إرسال وفد رفيع المستوى لحضور الألعاب الأولمبية الشتوية التي تستضيفها كوريا الجنوبية في فبراير المقبل. وقالت سيئول إنها ستدرس رفع العقوبات مؤقتا عن كوريا الشمالية إذا كان ذلك ضروريا لتسهيل زيارة مواطني الشمال. كما اقترحت إجراء محادثات عسكرية بين الطرفين. وكان متحدث باسم وزارة الوحدة الكورية الجنوبية قال إن “محادثات جرت في بانمونجوم، في المنطقة المنزوعة السلاح بين شطري شبه الجزيرة، بدأت بإعلان افتتاحي أدلى به رئيس الوفد الكوري الجنوبي إلى هذه المحادثات”. والأسبوع الماضي، أعلنت كوريا الشمالية أنها ستعيد فتح الخط الساخن مع جارتها الجنوبية في بانمونجوم، والذي أغلقته في 2016.
هذه التطورات قد تؤشر إلى إمكانية حدوث انفراجة في العلاقات بين الطرفين، من شأنها أن تساهم في تخفيف حدة التوتر في شبه الجزيرة الكورية، وأن تُبعد المجتمع الدولي عن خطر حدوث احتكاك عسكري قد يكون مصحوبا بتهديد نووي من شأنه ان يؤدي إلى اندلاع حرب واسعة. فبيونغ يانغ كانت وصفت قبل أكثر من أسبوعين العقوبات التي فرضها مجلس الأمن الدولي عليها ردا على تجاربها الصاروخية، بأنها “عمل من أعمال الحرب”، فطرح المراقبون سؤالا جديا مرتبطا بتوقعات اندلاع حرب في تلك المنطقة، خاصة وأن أنباء تداولت قبلها بأيام قليلة أشارت إلى وجود خطط لدى واشنطن لشن هجوم عسكري ضخم على كوريا الشمالية، وهو خبر أوردته صحيفة “ديلي تلغراف” البريطانية.
ففي ظل اعتقاد كوريا الشمالية بأن الردع النووي الصاروخي سيحول دون اندلاع حرب ضدها، إلا أنه يبدو أن التهديدات العسكرية الأمريكية كانت جدية ومؤثرة في تطور المسار الدبلوماسي فأتت أكلها وأدت إلى عقد محادثات الثلاثاء، أو بعبارة أخرى أدت إلى ما يمكن أن يسمى انفراجة. فقبل العقوبات الدولية الأخيرة، حث وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس جنود بلاده إلى “الاستعداد للحرب” في حال عدم حل الأزمة دبلوماسيا، لكنه اعتبر أن “الدبلوماسية المدعومة بقوات قوية” هي أفضل فرصة لمنع اندلاع الحرب. وكان تقرير لدائرة الدراسات بالكونغرس الأمريكي ذكر في أكتوبر الماضي، أن اندلاع حرب في شبه الجزيرة الكورية سيؤدي إلى قتل من 30 ألفا إلى 300 ألف شخص خلال الأيام الأولى من الحرب، وأن ذلك سيؤثر بشكل مباشر على 25 مليون شخص يعيشون على جانبي الحدود.
ورغم التطورات التي جاءت في إطار محادثات الثلاثاء، إلا أن البرنامج النووي لبيونغ يانغ، والاستفزازات ضد جيرانها، لا يزالان يمثلان أساس الأزمة، حيث يجب أن يصار إلى تسويتهما قبل أي حديث عن انفراجة حقيقية في العلاقات.
فحسب العواصم المعنية، كطوكيو وواشنطن وسيئول، يعكس الملفان أصل التوتر الذي تعيشه منطقة شبه الجزيرة الكورية والدول المحيطة بها. ففي الوقت الذي جرت فيه المحادثات الكورية، طالب وزيرا الدفاع الأمريكي والياباني بزيادة الضغط على بيونغ يانغ من أجل تغيير سياستها.
لكن، قد تكون محادثات الثلاثاء، الضوء الذي بات يخرج من نفق العلاقات المتوترة بين الطرفين، والذي قد يعوّل عليه لإحداث تغيير في سلوك بيونغ يانغ. فهل تكون الرياضة مدخلا لتسوية أزمة شغلت العالم سياسيا وعسكريا؟ وبعبارة أخرى، هل تكون الألعاب الشتوية الأولمبية بوابة لتسوية الملفين؟..