الإيرانيون يحرقون صور “الدكتاتور” في بندر عباس!
على خلاف الموقف الأمريكي، اعتبر مراقبون سياسيون الصمت الأوروبي إزاء تظاهرات “الجيّاع” المندلعة في مختلف المدن الإيرانية منذ الخميس الماضي، بأنه يعبّر عن مصالح أوروبا ولا يعبّر عن مبادئها.
وكانت الولايات المتحدة أعلنت تضامنها مع المتظاهرين، وطالب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الحكومة الإيرانية باحترام رأي الشعب، وحذر طهران قائلاً: “إن العالم يراقب”.
وتوضيحا للصمت الأوروبي، أكد كايل أورتون، الخبير السياسي في شؤون الشرق الأوسط، في حديث مع صحيفة “بيلد” الألمانية: “إن تردّد أوروبا (في اتخاذ موقف تجاه المتظاهرين) يعد حتى الآن دليلاً على أن مصالحها مع النظام في إيران أهم من مبادئها”. في حين أشارت الناشطة الإيرانية المعارضة، فتحية نجيب زاده، للصحيفة الألمانية، إلى ضرورة أن تتخذ أوروبا “موقفاً واضحاً من هذه الاحتجاجات، فإما أن تعلن تأييدها للمظاهرات المطالبة بالديموقراطية، أو تقف إلى جانب النظام في طهران”.
غير أن السؤال الذي قد يطرح نفسه هنا هو: هل المتظاهرون الإيرانيون يطالبون حاليا بالديموقراطية؟ وهل رفعت خلال التظاهرات شعارات تطالب بالإصلاح السياسي؟
وكانت التظاهرات التي أعقبت الإنتخابات الرئاسية الإيرانية عام 2009، قد اعتبرت شعار الإصلاح السياسي هو سلاحها الأبرز، وخرج ملايين الإيرانيين إلى الشوارع طيلة شهر احتجاجاً على تزوير الانتخابات في إطار ما سُمّي “الحركة الخضراء”، مطالبين بتغيير الظروف السياسية المناهضة للديموقراطية. بينما في الحركة الاحتجاجية الراهنة فإن “الدوافع خلف الغضب الإيراني هي اقتصادية واجتماعية”، حسب الحقوقية الإيرانية شيرين عبادي.
وقالت عبادي، الحائزة على جائزة نوبل للسلام، في حديث مع صحيفة “لاريبوبليكا” الإيطالية: “هناك أزمة اقتصادية في غاية الخطورة. والفساد في جميع أنحاء البلاد بلغ مستويات مروعة. ورفع بعض العقوبات المرتبطة بالاتفاق حول الملف النووي مع أوروبا والولايات المتحدة عام 2015 لم يأت بفوائد فعلية للشعب، خلافاً لما كان العديدون ينتظرون”. وتابعت: “إيران لديها نفقات عسكرية عالية جداً. ولم يعد الناس يتقبلون رؤية هذه المبالغ الطائلة من الأموال تنفق على ذلك“. وشدّدت على أن “الوضع الاقتصادي والفارق المروع بين الأغنياء والفقراء، بين الذين ينعمون بالرفاه والذين لا يحصلون عليه، هو أساس الاحتجاجات. الفوارق الاجتماعية تزايدت بصورة متواصلة في السنوات الأخيرة، وهذا من العناصر الجوهرية لفهم ما يجري”.
والمثير للجدل أن الحركة الاحتجاجية الراهنة التي ترفع شعار البطالة والفقر والغلاء، ترفع أيضا شعار إسقاط النظام الإسلامي الحاكم. ويشير ذلك حسب بعض المراقبين إلى أن تغيير الوضع الاقتصادي الاجتماعي المعيشي، مرتبط بتغيير النظام، أو بعبارة أخرى لا يمكن للاحتجاج على الوضع الاقتصادي والمعيشي أن ينفصل عن الاستحقاق السياسي.
وتقول زاده في هذا الإطار إن “النقطة الحاسمة في الاحتجاجات (الراهنة) تتمثل في كون مختلف التيارات المعارضة، سواء ضد الأوضاع الاقتصادية أو اضطهاد المرأة أو المعارضة السياسية، توحّدت شعاراتها السياسية، وألقت اللوم مباشرة على الزعيم الديني لدولة إيران الثيوقراطية، آية الله علي خامنئي”.