العرض في هذه البلاد بدأ مع بداية الحركة الصهيونية. وأينما تنظر يعود إليك الّلحن.
الأقوال التي سترد لاحقا لم تخرج من فم يساري متطرف أو من فم لاسامي يكره اليهود: «نحن نرى ضرورة لتغيير النظام بهذا الاتجاه، بحيث أن اللواءين القوميين، اليهودي والعربي، من دون فرق بين الأغلبية والأقلية، يكونان شريكان بدرجة متساوية، على أساس المساواة، في حكم هذه البلاد» وأضاف بحماسة «نحن لن نسلم ولن نوافق على سيطرة تجمع وطني واحد في البلاد على تجمع آخر ـ ليس الآن وليس في المستقبل». بل صرخ وأكد «نحن لا نوافق على صيغة دولة اليهود الموجهة لتسلط اليهود على السكان العرب». هذه هي الأقوال التي قالها دافيد بن غوريون في خطابه في المؤتمر الصهيوني الـ 17 الذي عقد في بازل في تموز 1931.
من ناحية الاستيطان اليهودي، لم يكن هناك فرق بين صهيونية بن غوريون وصهيونية زئيف جابوتنسكي في تلك الأيام. «إمكانيات الاستيطان لا تقتصر فقط على الجزء الغربي من أرض إسرائيل»، قال ابن غوريون في ذلك المؤتمر وأضاف «في الجزء الشرقي من البلاد هناك احتياط أكثر للأراضي وفارغ أكثر، ويجب أن لا نفترض أن نهر الأردن سيكون الحدود لهجرتنا واستيطاننا».
الفرق بين ابن غوريون وجابوتنسكي تقلص وتركز حول نقطتين: الأولى، قراءة الواقع على الأرض. والثانية تتعلق بمجال المناورة الدبلوماسي للحركة الصهيونية. ابن غوريون أيد «صهيونية متشددة» كما عرف ذلك مقابل «الصهيونية المرنة» للحركة التنقيحية.
يبدو أن الموضوع الديمغرافي كان على رأس اهتمامات ابن غوريون. «إذا بقينا في أرض إسرائيل كما نحن في كل البلاد ـ أقلية بين أكثرية… إذا لم نكن قوة شعبية كبيرة»، قال «فإن مصير الشتات، مصير الذوبان والاستيعاب الثقافي والجسدي سيصيبنا أيضا في أرض إسرائيل».
دافيد بن غوريون مع ألبرت اينشتاين
ابن غوريون تطرق أيضا للأخلاق الصهيونية: «المضمون الأخلاقي للصهيونية واحتياجاته الحقيقية الحيوية تقتضي سياسة التقارب والفهم المتبادل لجيراننا العرب أيضا في مجال الاقتصاد والثقافة وفي المجال السياسي أيضا». الأخلاق السياسية للصهيونية حسب رأيه تقتضي شراكة في الحكم: «نحن لا نعترف بأخلاق الرجل غير المهذب في جنوب أفريقيا، الذي يحظر على زميله ما يسمحه لنفسه… مثلما نحن نرفض سيطرة العرب علينا، فإننا نرفض سيطرتنا على العرب».
في السنوات الأخيرة، على خلفية سلوك الكنيست والحكومة، يبدو أن أعضاء الكنيست والوزراء ليس فقط «نسوا ما معنى أن يكونوا يهودا»، بل هم نسوا أيضا ما معنى أن يكونوا صهاينة.
لو كنت بين أعضاء الكنيست من القائمة المشتركة لكنت قدمت أقوال ابن غوريون مشروع قانون في الكنيست. وكنت أريد أن أرى كيف أن زعماء الصهيونية يرمون أقوال «العجوز» في كل اتجاه. كان يكفي ذلك من أجل عرض النتاج الصهيوني الذي يسمى دولة إسرائيل في حالة عري، حيث ما بقي منها فقط هو «أخلاق الشخص غير المهذب»، كما قال العجوز.
هآرتس ـ 13/11/2017
For Hebrew, press here