فريق العمل: يوسف فخر الدين –راتب شعبو – غريب ميرزا. مساهمة: همام الخطيب – طارق أحمد. استشارة: الأستاذ أنور البني، مدير المركز السوريّ لدراسات والأبحاث القانونيّة. أ.د يوسف سلامة، المدير العلميّ لمركز دراسات الجمهوريّة الديمقراطيّة
الإستراتيجية الإيرانية للميليشيا الشيعية في سوريا
وضّح خطاب الأمين العام لحزب الله اللبناني “حسن نصرالله”، في 24-5-2015، الذي يمكن عدّه أحد أركان النظام الإيراني، وفاعلاً رئيسيّاً فيه ولا سيّما في المنطقة، إستراتيجية الحرس الثوري الإيراني بهذا الخصوص حيث قال: “نحن نتمسك بالمعادلة الذهبيّة: الجيش، والشعب، والمقاومة… اليوم نقدّم هذه المعادلة لكلِّ شعوب المنطقة لصنع الانتصار”. وهو ما يعني، بشكلٍ لا لبس فيه، أنهم أنشأوها لتكون، بالحدِّ الأدنى( )، شريكاً للدولة تابعاً لإيران على شاكلة حزب الله بما يضعف سيادة الدولة ويثبت النفوذ الإيراني. وهو ما يمكن اعتباره تصديراً للثورة الإيرانية، تحديداً تجربة الحرس الثوريّ الذي تحوّل من ميليشيا إلى دولة موازية.
وفي تحديد للدول التي يعمل النظام الإيراني على تطبيق هذه المعادلة فيها، وإن كان يزيّف تاريخ البدء فيها، يقول نصرالله في الخطاب نفسه: “هذه المعادلة التي تحمي اليوم لبنان… لنخرجها من الدائرة اللبنانية ونقدمها معادلة لسورية، وقد بدأتها سورية من سنوات، ونقدمها معادلة للعراق، وقد بدأها العراق من سنة( )، ونقدمها معادلة لليمن، وقد بدأها اليمن منذ ستين يوماً( )( ).
إلا أننا في الخطاب نفسه نتبيّن عمومية الدعوة لإنشاء ميليشيا لتطال طوائف أخرى، وهو ما نجده محققاً قبل الخطاب على أرض الواقع في العراق ولبنان ويجري في سوريا. ففي لبنان أنشأ حزب الله ميليشيا “سرايا المقاومة الشعبية”، ودعم مجموعات ميليشياوية صغيرة في مناطق عدة( )، آخرها ميليشيا “رمزية” للحزب الشيوعي اللبناني. وفي العراق شرعت «كتائب الإمام علي»، التابعة لإيران بدورها، في تدريب مسيحيين بهدف تشكيل جماعةٍ فرعيّةٍ لها تُدعى «كتائب روح الله عيسى بن مريم»( ). أما بخصوص سوريا فستحوي دراستنا نماذج كثيرة.
ويبني كلٌّ من الإيرانيين وحزب الله الدعوة على حجج تتمحور حول هواجس الأقليات الدائمة، ولكن أيضاً بعض مراكز مدن تجارية سنية، في دعوة لإنشاء تحالفٍ عسكريٍّ سياسيٍّ بوصاية إيرانية. وأهمُّ هذه الحجج “خطر التكفيريين”.
أما آلية الإنشاء فهي التبعية لإيران، والارتهان السياسي العسكري لها. نستنتج ذلك من دور حزب الله في لبنان، وقدرته على شلِّ فعالية الحكومة حين يريد، فضلاً عن سيطرته على قرار الحرب والسلم، وهو بمنزلة وكيلٍ مسلّحٍ لإيران. مع العلم أن الحزب لم يرتضِ وجود أيِّ قوى أخرى ضمن المناطق اللبنانية التي يعتبر أن لها حساسيةً، وحتى ممّن يتبع له ويخدم مصالحه. والميليشيا التي صنعها الحزب بنفسه فمثالها الأبرز “سرايا المقاومة اللبنانية” التابعة له بشكل كامل( ). أما في العراق فتضغط إيران، والميليشيا الشيعيّة المنضبطة بولاية الفقيه على رئيس الحكومة العراقية “حيدر العبادي” لمنعه من تسليح العشائر السنيّة في العراق لقتال “داعش”( ).
هكذا يظهر بشكلٍ واضحٍ أن الإستراتيجية الإيرانية للميليشيا الشيعية تقوم على استمرارية الاشتباك، بمعنى عدم رهن الصراع بزوال النظام، أي فرض ذاتها كأمرٍ واقعٍ له حضوره في سوريا من خلال خلق تحالفٍ مركّبٍ من مكوّناتٍ طائفية، وإثنية، وعقائدية، لمقاومة تقدم المعارضة السورية في سوريا، و”عاصفة الحزم” في اليمن، وتنظيم “داعش” في العراق، ولتأمين حصة من الواقع السياسيّ المستقلِّ عن النظام الذي تدافع عنه.
لقراءة الدراسة وتنزيلها إضغط أدناه: