لم ينشغل العالم بسيدة أولى كما فعل مع سيدة فرنسا الأولى (القادمة) بريجيت ماكرون.
بريجيت كانت في الأربعين من عمرها متزوجة وأماً لثلاثة أولاد عندما التقت إيمانويل ماكرون الذي كان طالباً في الخامسة عشرة حينها. وقع المراهق الشاب في حب معلمة المسرح في مدرسته، وانتظر إلى أن أصبح في السابعة عشرة ليعلن لها عن حبه ويعدها: «مهما فعلت سأتزوجك». وبالفعل، وعلى الرغم من محاولة عائلة ماكرون إبعاد ابنهم إلى باريس في محاولة لإخماد ما ظنوه شرارة حب مراهق، فإن الشاب ظل متعلقاً بالمرأة التي أحبها، دخل الجامعة وباشر دراسته وظل قلبه معلقاً بأمل أن «أعيش الحياة التي اخترت مع المرأة التي أحببت»، كما دون في كتابه «ثورة».
في 2007 تحقق حلم ماكرون وتزوج بحبيبة عمره وكتب «هذا الحب بدأ سراً، وغالباً خفياً، غير مفهوم من الكثيرين، قبل أن يفرض نفسه على الجميع». وفرض ماكرون حبه وحبيبته على المجتمع الفرنسي، ووصلا يداً بيد إلى قصر الإليزيه وهو في الـ 39 وهي في الـ 64.
لكن لكل شيء وجهاً بشعاً، وللأسف أصبحت بريجيت مصدراً غنياً للسخرية عبر البرامج التلفزيونية ورسامي الكاريكاتير ورواد وسائل التواصل الاجتماعي لا لسبب إلا عمرها، ليس في فرنسا فقط بل في العالم كله.
السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا يزعجكم أن زوجة ماكرون تكبره بـ 25 سنة ولا يزعجكم كل أولئك الرجال الذين يتزوجون صغيرات في عمر بناتهم؟ لماذا لم تزعجكم زوجة ترامب التي تصغره بنفس فارق السنوات (ترامب 70 عاماً وزوجته ميلانيا 47 عاماً)؟ أم إن مقاييسكم عرجاء، حولاء تسمح للرجل أن يتزوج طفلة بعمر حفيدته ولا تسمح لامرأة بالغة ناضجة أن تختار رجلاً يصغرها، لأنها امرأة فقط؟!
بحسب إحصائيات هيئة الأمم المتحدة، يتم تزويج 14 مليون فتاة قاصرة في العالم سنوياً. وعلى الرغم من أن الكثير من الدول العربية تمنع هذا النوع من الزواج «قانونياً»، فإنه يتم التلاعب على القانون وإتمام تلك الزيجات العفنة. فالفقر والحاجة والحروب واللجوء، والعادات القبلية والتفسيرات الخاطئة للدين تدفع الكثير من الآباء لتزويج بناتهم القصر لتأمينهن.
فيسجل السودان أعلى نسبة في زواج القاصرات عربياً وتصل إلى %52، اليمن %32، المغرب %16، مصر %17، فلسطين %21، وتمتنع بعض الدول العربية عن إحصاء هذه الزيجات فما لنا إلا التخمين.
إن اغتصاب الصغيرات، الذي يسمى اعتباطاً «زواجاً»، يؤثر في صحة الطفلة جسدياً، حيث ترتفع احتمالية الإصابة بسرطان الرحم وتمزق المهبل والنزيف عند الولادة، عدا تأثيره النفسي العميق، إذ يخلف مشاكل اجتماعية تصل أحياناً إلى انتحار الطفلة للخلاص من العذاب.
بريجيت ماكرون سيدة بالغة ناضجة تزوجت رجلاً أحبها وأحبته. بريجيت ليست قاصرة، فاهتموا بمن هنّ أهم.
دلع المفتي
D.moufti@gmail.com
dalaaalmoufti@