أ ف ب عربي ودولي
سجلت المعارضة الكويتية التي تهيمن عليها التيارات الاسلامية عودة قوية الى مجلس الامة بحصولها على زهاء نصف مقاعده، لكن محللين يرون ان تحول هذا التحالف الهش الى قوة سياسية فعلية يعتمد على وحدته.
وخاضت المعارضة، بمكوناتها الاسلامية والوطنية والليبرالية، الدورة الانتخابية بعد مقاطعتها الدورتين الاخيرتين في 2012 و2013 احتجاجا على تعديل الحكومة النظام الانتخابي من طرف واحد.
وشاركت المعارضة وحلفاؤها بثلاثين مرشحا في الانتخابات التي نظمت في 26 تشرين الثاني/نوفمبر سعيا لوقف ما ترى انه “تدهور سياسي” في الامارة.
ويقول المحلل السياسي عبد الواحد خلفان لوكالة فرانس برس ان المعارضة الكويتية “ليست كيانا واحدا. انها خليط من الجماعات والافراد الذين لا يربط بينهم برنامج واحد او ايديولوجية واحدة”.
ويضيف “هناك اختلافات في توجهاتهم واهدافهم لكنهم يلتقون تحت مظلة واحدة: معارضة الحكومة”.
– تاجيل الخلافات –
يشكل الاسلاميون زهاء نصف عدد المعارضين الفائزين وعددهم 24 في البرلمان المكون من 50 عضوا. وينتمي الباقون الى تيارات وطنية وليبرالية.
وتعتبر الحركة الدستورية الاسلامية المرتبطة بجماعة الاخوان المسلمين ابرز التيارات الاسلامية الفائزة في الانتخابات حيث حصلت على ستة مقاعد. ومن بين الاسلاميين الفائزين ايضا، خمسة اعضاء يتبعون الفكر السلفي.
ويرى المحلل السياسي صالح السعيدي ان مجلس الامة في الامارة الغنية بالنفط قد يشهد “اكثر من كتلة معارضة واحدة اذ انه لا يمكن وضع جميع الاعضاء المعارضين في خانة واحدة”.
ويعتبر رغم ذلك ان الاعضاء المعارضين “سيتفقون على عدد من المسائل التي تشكل اولوية بالنسبة لهم. كما ان اعضاء اخرين في البرلمان قد ينحازون الى المعارضة في مسائل معينة بينها الامور” المعيشية.
وكانت الدعوة الى الانتخابات المبكرة اعقبت قرار امير البلاد الشيخ صباح الاحمد الصباح، حل مجلس الامة اثر خلافات بين الاخير والحكومة على خلفية اتخاذها قرارات برفع اسعار الوقود وخطوات تقشف اخرى لمواجهة انخفاض اسعار النفط وتراجع الايرادات العامة جراء ذلك.
وسبق وان تحدث عدد من قادة المعارضة في المجلس عن مسائل ملحة يسعون الى اثارتها خلال الجلسة الافتتاحية للبرلمان في 11 كانون الاول/ديسمبر.
وفي السياق، عقد قادة المعارضة الاعضاء في مجلس الامة اجتماعا امس الاربعاء ناقشوا خلاله برنامجهم السياسي واحتمال طرح مرشح لرئاسة البرلمان.
وتوافق المجتمعون مبدئيا على ان الاولوية تكمن في طرح مسألة سحب الجنسية، ومعارضة اجراءات التقشف والقوانين التي تمس بالحريات والتي طرحها البرلمان السابق الموالي للحكومة.
وعمدت السلطات في العامين الماضيين الى سحب جنسيات العديد من المعارضين وافراد عائلاتهم لاسباب شتى. كما شكلت اجراءات التقشف الحكومية محورا اساسيا في الحملات الانتخابية، اذ تعهد المرشحون رفضها ومنع فرض رسوم اضافية.
ويخطط قادة المعارضة لعقد اجتماعات اخرى الاسبوع المقبل.
وكتب عضو مجلس الامة الاسلامي المعارضة جمعان الحربش في حسابه على تويتر “لا بديل عن التفاهم بين النواب وفق التزامات وطنية مشتركة تبدأ بالرئاسة وتستمر لانجاز التعديلات التشريعية على القوانين الكارثية السابقة”.
واضاف “أي تفاهمات جزئية وقضايا خلافية من الواجب الان تأجيلها لانجاح القضايا الوطنية المشتركة فالشعب لن يغفر ان تشتتنا وبحثنا عن مكاسب سياسية شخصية”.
– وحدة وتعاون –
بين عامي 2011 و2014، نظمت المعارضة تظاهرات حاشدة للمطالبة باصلاحات ديموقراطية وبتعديلات دستورية تحد من سلطة العائلة الحاكمة. لكن هذه المسائل لم تعد تشكل اولوية بالنسبة الى المعارضة التي ادخل العديد من قادتها الى السجن.
وعلى رغم عودة المعارضة، الا ان امير البلاد سيعيد على الارجح تسمية رئيس الوزراء جابر المبارك الحمد الصباح، او شخصا آخر من الاسرة الحاكمة، على رأس الحكومة الجديدة، والتي يصبح وزراؤها اعضاء حكميين في مجلس الامة.
وتتمتع دولة الكويت بحياة سياسية نشطة الى حد ما تختلف مع الدول الخليجية النفطية الاخرى، وهي كانت اولى دول الخليج التي تقر في العام 1962، دستورا نص على انتخاب برلمان. وفي 1963، بات لها اول برلمان منتخب.
ويقوم النظام السياسي على الملاءمة بين نظام برلماني وحكم اميري ذي صلاحيات واسعة. ويشغل افراد أسرة الصباح المواقع الرئيسية في الحكومة. ويتيح النظام السياسي لاعضاء مجلس الامة مساءلة رئيس الحكومة والوزراء وسحب الثقة منهم بشكل افرادي، الا ان البرلمان لا يحق له اسقاط الحكومة بالكامل.
ورافقت الانتخابات آمال متواضعة بتحقيق الاستقرار السياسي، اذ شهدت الكويت منذ منتصف 2006، ازمات حادة شملت حل مجلس الامة سبع مرات.
لكن بالنظر الى النظام السياسي الكويتي، فان التغيير لا يبدو سهلا.
ويقول السعيدي ان “قوة المعارضة وقدرتها على العمل تعتمد على وحدتها وتعاونها”.