إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
يتداول المراقبون في الكويت اسم الشيخ ناصر المحمد الصباح، رئيس الوزراء السابق، كأبرز مرشح لتعيينه من قِبَل أمير البلاد في منصب ولاية العهد. ويُتوقَّع أن يتم الإعلان عن إسمه بعد انتهاء فترة الحداد في الكويت على رحيل الأمير الشيخ نواف الأحمد الصباح، والذي يُصادِف يوم الخميس القادم.
و”تعيين ولي العهد يأتي بقوة دستور دولة الكويت الصادر في 11 نوفمبر 1962 في المادة 4 التي تنص على أن الكويت إمارة وراثية في ذرية المغفور له الشيخ مبارك الصباح. ويعين ولي العهد خلال سنة على الأكثر من تولية الأمير، ويكون تعيينه بأمر أميري بناء على تزكية الأمير ومبايعة من مجلس الأمة تتم في جلسة خاصة، بموافقة أغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس”.
وفي حالة عدم التعيين على النحو السابق “يزكي الأمير لولاية العهد ثلاثة على الأقل من الذرية المذكورة فيبايع المجلس أحدهم وليا للعهد.. ويشترط في ولي العهد أن يكون رشيدا عاقلا وابنا شرعيا لأبوين مسلمين.. وينظم الدستور الأحكام الخاصة بتوارث الإمارة من خلال قانون خاص يصدر خلال سنه من تاريخ تولي أمير البلاد مقاليد الحكم”.
وبدا جليا بروز معارضة، ولو ضمنية، من قِبَل نواب في مجلس الأمة على تعيين الشيخ ناصر المحمد في منصب ولاية العهد، مما يعكس وجود احتجاج في مجلس الأمة وفي الشارع السياسي على ذلك. فبالنظر إلى تاريخ الشيخ ناصر المحمد السياسي أثناء توليه رئاسة الوزراء، هيمن الإضطراب على علاقاته بمجلس الأمة وبالشارع السياسي، الأمر الذي جعله يقدم استقالته من الرئاسة عدة مرات، إلا أنه بعد أزمة ما يسمى “بالإيداعات المليونية” عام 2011 لم يتم تكليف الشيخ ناصر مجددا لرئاسة الوزراء.
وكانت وكالة “رويترز” للأنباء قالت في تقرير لها آنذاك (في 6 مايو 2012) إن لجنة قضائية حققت مع الشيخ ناصر المحمد فيما يتعلق بمزاعم عن مشاركته في معاملات مالية غير مشروعة. وقال مصدر للوكالة إن لجنة محاكمة مختصة في محاسبة الوزراء السابقين والحاليين حققت معه.
وقالت “رويترز” إنه عندما سلطت الأَضواء على هذه القضية (قضية الإيداعات المليونية) للمرة الأولى في 2011 نظم محتجون وأعضاء في مجلس الأمة من المعارضة سلسلة من المظاهرات أمام البرلمان في أحداث تصاعدت إلى أن تم اقتحام المجلس مما أجبر الحكومة في نهاية الأمر على الاستقالة وتسبب ذلك في حل المجلس.
وراهنا، فإن بيان النائب حمد العليان، والذي أصدره قبل أيام، يعكس وجود توجه لدى بعض النواب لرفض التصويت لصالح تعيين الشيخ ناصر المحمد وليا للعهد، وإنْ كان العليان لم يذكر إسم الشيخ ناصر في بيانه.
وكتب العليان: “لا شك أن تسمية المرشح لولاية العهد هو حق أصيل لسمو الأمير وحده، كما أن للأمة عبر ممثليها في البرلمان كامل الحق أيضاً في قبول هذا الترشيح من عدمه، دون إعتبار هذه الممارسة الدستورية تعدياً على أحد أو خروجاً عن النظام العام”.
وأضاف العليان: “من المنتظر تسمية ولي عهد قوي أمين صاحب سمعة حسنة وسيرة عطرة، عُرف عنه صلاح العمل وسداد الرأي، يعين سمو الأمير بالمشورة الحقة والنصح الصادق”.
ثم جاء في الفقرة الأخيرة من البيان التالي: “وعليه، وبراً بالقسم العظيم الذي أقسمناه أمام الله والشعب الكويتي العزيز بالإخلاص للوطن وللأمير، وتأدية أعمالنا بالأمانة والصدق، فإننا سنمارس كامل صلاحياتنا الدستورية وواجباتنا الوطنية والأخلاقية، بالتصويت لمن سيتم تزكيته لولاية العهد، وفقاً لمعيار القوة والأمانة والكفاءة ونظافة اليد والسمعة الحسنة ومصلحة الكويت وشعبها الوفي”.
ويبدو جليا أن الفقرة الأخيرة فيها إشارة واضحة إلى رفض التصويت لصالح تعيين الشيخ ناصر المحمد وليا للعهد، خاصة إشارته إلى كلمات مثل “الأمانة والكفاءة ونظافة اليد والسمعة الحسنة”.
ويأتي موقف النائب العليان متناغما مع مواقف العديد من النواب المنضوين في جناح المعارضة داخل مجلس الأمة. وكان النائب مهلهل المضف أثار قبل عامين نفس النقاط التي أثارها العليان حينما صعد إلى سطح الحياة السياسية مرض الأمير الراحل لتبرز معه مسألة من يمكن أن يكون وليا للعهد في المرحلة القادمة.
وأثار المضف جدلا حين قال إن “الشعب الكويتي في المرحلة القادمة ومن خلال مجلس الأمة لن يقبل بولي عهد قادم له ارتباط بشبهات وملفات فساد”، مضيفا “لن نجامل أحدا على مصلحة الكويت لأن مسألة ولاية العهد لا تتعلق بأسرة الحكم بل بمصير الدولة”.
وأضاف أن الطريق السليمة أن يجتمع الأمير بكبار الأسرة الحاكمة ويزكي مرشحا لولي العهد، وأن المرتكز الدستوري هو أن مجلس الأمة هو الذي يبايع، معتمدا على نص المادة الرابعة.
على صعيد آخر، تحدّث بعض المراقبين عن وجود توجّه لدى السلطة لإعادة دمج منصبي ولاية العهد ورئاسة الوزراء. غير أن هذا التوقّع يبدو بعيدا عن ذهنية مراقبين آخرين، فهو لا يحظى بدعم من التيارات السياسية ولا من الشارع السياسي، لأنه يمثّل تراجعا عن رؤية سياسية/ إصلاحية تبنّتها السلطة في الماضي، وأنه لابد من التفكير في المستقبل بمنظور إصلاحي جديد لا عن طريق تكرار تجربة تجاوزها الزمن.