في صباح 30 اغسطس من العام الماضي وصل شابان على دراجة نارية امام بيت الدكتور « كال برجي» نائب رئيس جامعة «كانادا» السابق في ولاية « كارناداكا» بجنوب الهند، احدهما دق الجرس، فتحت زوجة « كال برجي» الباب، عرف الشابان بأنهما تلميذا «كال برجي» ودخلا البيت. كان الأستاذ «كال برجي» يتناول الفطور، بدأ الشابان بالتحدث اليه، وخلال المحادثة اطلق احدهما النار فجأة نحو الأستاذ «كال برجي»، وحين سمعت زوجته صوت الرصاص هرعت الى طاولة الطعام، ولكن الأستاذ « كال برجي» سقط ميتا والشابان لاذا بالفرار!
كان الأستاذ «كال برجي» مثقفا كبيرا وشاعرا مرموقا كما كان مصلحا ممتازا حارب الخرافات والترهات المنتشرة في اوساط المجتمع الهندوسي. وكان له عدة بحوث في هذا المجال. وانتقاداته الموضوعية الحادة ضد المعتقدات الفاسدة التي تتمسك بها الطائفة الهندوسية هي التي استفزت العناصر المتطرفة لاغتيال هذا الكاتب المبدع الذي حازت مؤلفاته على عدد من الجوائز القيمة.
اغتيال الأستاذ «كال برجي» ليس حادثا فريدا بل كان حلقة في سلسلة من الحوادث المتكررة الآن في الهند، ففي تاريخ 20 اغسطس 2012 اغتيل الدكتور «ناريندرا دابولكير» في نفس الطريقة التي اغتيل بها الأستاذ «كال برجي»، خلال مشيه الصباحي المعتاد ظهر امامه شابان على دراجة نارية حيث قاما بإطلاق النار عليه مباشرة. وكان المذكور ايضا ناشطا في النضال ضد العقائد البالية التي تستحوذ على المجتمع الهندوسي. وفي فبراير عام 2015 توفي السياسي اليساري « جوفيندا بانساري « نتيجة جرح رصاص اطلقته عليه عناصر متشددة من الهندوس.
وعندما اغتيل الأستاذ «كال برجي» هدد في «تويتر» قيادي من «بجرانغ دل» احدى المنظمات المتطرفة الهندوسية بأن الهدف التالي سيكون الدكتور « بهاجافان» الكاتب الجريئ الذي يدعو المجتمع الهندوسي الى ترك تقاليدهم الفاسدة والخزعبلات الراسخة في عقائدهم الوهمية وممارساتهم الدينية.
وفي ولاية «تاميل نادو» انصرف الروائي الناشئ «بيرو مال موروجان» من كتاباته تحت تهديد العناصر المتطرفة. وقبيل شهور من هذا الحادث قتل حشود متعصبة من الناس في ولاية «اوتارا برديش» مسلما اسمه محمد اخلاق بتهمة حفظ لحم البقرة في ثلاجته، وفي دلهي أقامت الشرطة حملة على مطبخ المكتب الذي تحت حكومة ولاية كيرالا بنفس التهمة، اثار هذان الحادثان ضجة كبيرة في الوسائل الإعلامية، وهكذا قد وصلت الفاشية حتى داخل مطابخ المواطنين في الهند، ذبح البقر وبيع لحومها وحفظها ممنوعة قانونا في كثير من الولايات في الهند الآن، والظريف ان الشركات الكبيرة التي تقوم بتصدير لحوم البقر الى الدول الخليجية مثل «شركة الكبير» يملكها الهندوس وتوجد حصص فيها لأعضاء بارزين من الحزب الحاكم الهندوسي.
ماذا يحدث الآن في الهند؟
كانت الهند تعرف قديما بأنها بلاد احلام ورومانس، مهد الأمة الإنسان، بلد الف أمم، ام التاريخ وجدة الأساطير، كانت شجرة تظلل جميع مواطينها بأوراقها الجميلة النضرة الرائعة من التعايش السلمي والتسامح الديني وقبول الآخر والنظام والاحترام وصون الأعراض. وها هي تفقد رومانسيتها وتتحول الى بلاد كوابيس؟ هل جمال قوس قزح الذي يحيط بأفقها بدأ يغيب؟ ميزة الهند منذ الأزمنة الغابرة كانت تنوع الطوائف والجماعات والهويات وجو وطني آمن ومستقر بين مختلف الأديان. هل ستحرم من هذه الميزة؟ الحقيقة المرة ان الفاشية قد بدأت بالتكبر بشكل مرهب داخل احشاء جسد بعض الأحزاب السياسية في الهند. والمؤسف ان الحكومة هي نفسها التي تقوم بتغذية النزاعات الطائفية ودعم الجماعات التي تؤجج هذه النزاعات.
وفي شهر فبراير 2016 دخلت الشرطة حرم «جامعة جوهر لال نهرو» بدلهي المشهورة واعتقلت رئيس اتحاد الطلبة «كانهايا كومار» بتهمة خيانة الوطن، وهذا الحادث ليس له مثيل سابق في تاريخ هذه الجامعة التي انجبت عددا كبيرا من العباقر العمالقة الذين يقومون الآن بخدمات جليلة في دوائر الحكومة ومجالات شتى من السياسة والثقافة والأكادمية، وجدير بالذكر أن «جامعة جوهر لال نهرو» هي إحدى الجامعات المركزية العريقة ذات سلطة استقلالية لاتستحق الحكومة ان تتداخل في شؤونها الداخلية. ولم تتجرأ الشرطة من قبل ان تدخل حرم الجامعة. وفي شأن « كانهايا» تدخلت شرطة دلهي لمجرد تهمة رمت بها منظمة طلابية تابعة للحزب الحاكم ضد هذا الطالب اليساري. واثار اعتقاله احتجاجا واسعا في اوساط الطلبة والأساتذة في الجامعة حيث قاموا بالإضراب عن الدراسة والتدريس كما انتشر الاحتجاج الى جامعات اخرى في مدينة دلهي بالإضافة الى جامعات في الولايات المجاورة. اصر الطلاب على الإضراب حتى يتم اطلاق سراح الطالب «كانهايا». ودوليا أدان بيان وقع فيه 455 اكادميون من جامعات «هيل وكولومبيا وهارفارد وكيمبردج» اعتقال الطالب «كانهايا»، وحين احضرت الشرطة الطالب «كانهايا» امام المحكمة هجمت عليه وعلى مرافقيه من الطلاب والأساتذة ورجال الإعلام بلطجة من الحزب الحاكم ومحامون محسوبون على نفس الحزب بقيادة احد الأعضاء البارزين في البرلمان. وقبل شهر من هذا الحادث انتحر طالب من طبقة المنبوذين بـ«جامعة حيدراباد» حيث تم اخراجه من الجامعة مع خمسة طلاب آخرين بموجب اوامر من وزير شؤون الموارد البشرية بالحكومة المركزية اثر شكاية من المنظمة الطلابية التابعة لحزب الحاكم. وصب بعض القنوات الزيت على الحادث بعرض صور فيديوهات يظهر فيها طلاب يرفعون نداآت ضد الوطن ولكن تبينت بعد فحوص جرت في مختبرات بموجب اوامر صادرة من حكومة دلهي التي يحكمها حزب عامة الناس المعارض انها كانت مزورة مما ادى الى استقالة احد مقدمي البرامج في تلك القنوات. وأخيرا اصدرت المحكمة امرها باطلاق سراح الطالب « كانهايا» بضمان بالرغم من المعارضة من جانب الإدعاء العام وشرطة دلهي.
الفاشية كما يعرفها المفكر النمساوي « فيلهيم رايش « (Wilhelm Reich) هي تصرفات غير عقلانية تصدر من نفس غير طبيعية، وهي ما نراه الآن في الهند. ولم تسبق للمجتمع الهندي حالة سيطرت عليه أفكار وسياسات غير عقلانية تبنتها احزاب متطرفة مثلما سيطرت عليه الآن. قبل ان يتولى حزب «بهارتييا جناتا» الحكم لم يتجرأ اي حزب ان يظهر في المشهد العام بسياسات رعناء تضر قيم التسامح الديني والتعايش السلمي القائمة في الهند طوال تاريخها الفاخر. الخطة المدروسة لتحويل الهند الى دولة هندوسية في قدم وساق. وخطابات امثال «آديتيا راجا» و«سوادهي ارتمبارا» و«ساكشي ماهاراج» من اعضاء البرلمان الذين ينتمون الى الحزب الحاكم قد وصلت الى اوجها حيث تنفث سم الكراهية والعداوة نحو الأقليات الدينية، مؤخرا قال «ساكشي» انه لا يوجد في الهند الا فريقان – فريق من اولاد «رام» ( شخصية مقدسة في الأساطير الهندوسية ) وفريق من «اولاد الحرام» يعني المسلمون والمسيحيون وغيرهم من اصحاب الديانات الأخرى. ناشد « جيري راج سنغ» احد قادة حزب الحاكم المسلمين الذين امتنعوا عن ادلاء اصواتهم لصالح «مودي» للهجرة الى الباكستان كما طالب «مانوهار كهاتاك» رئيس وزراء ولاية «هاريانا» المسلمين الذين يأكلون لحوم البقر بمغادرة البلاد فورا.
وفي حفلة تسليم «جائزة جويانكا» للصحافة قال النجم السينمائي الكبير عامر خان : «حتى هذا اليوم عشت انا وزوجتي « كيران» (هي هندوسية الديانة) في الهند بدون اي قلق، ولكن «كيران» بدت تعبر عن مخاوفها عما اذا كنا نضطر لمغادرة البلاد تحت ظروفها الراهنة. تقول انها ينتابها الخوف كل صباح حين تتصقح الجرائد اليومية وان هاجسها الكبير هو عن طفلها». وفور صدور هذا التصريح هدده «راج تاكرا» زعيم «جيش شيفا» احدى المنظمات الهندوسية المتطرفة في ولاية «ماهاراشترا» انه اذا كرر عامر خان مثل هذا التصريح سوف يتم اغتياله. وطالبه «هندو ماهاسبها» منظمة هندوسية اخرى ان يهاجر الى الباكستان. وهذه المنظمة في الآونة الأخيرة قد طالبت الحكومة المركزية لوضع صنم لـ«جودسيه» الذي قام باغتيال الغاندي.
وبالرغم عن هذا الفضاء المفعم من الكراهية والتهديدات المستمرة لم تتوقف نبضات ضمير الهند الحيوية، وهناك عدد كبير من المثقفين والكتاب الذين يجدفون عكس تيار النظام، هذا هو التسلي الوحيد، حين يتكثف دجى النظام الحالك في جانب يتضح أمل بارق في جانب آخر، تشتد الاحتجاجات يوما بعد يوم ضد سياسات الحكومة التي تسوق البلاد الى مستقبل متدهور، وقوى المعارضة من جميع الأطياف اصطفت صفا واحدا في البرلمان ضد الحزب الحاكم، واكثر من 100 كاتب ومثقف وفنان امثال اروندهاتي روي ونيانترا سهجال واشوك باجباي واودايا بركاش وسارة جوزيف رجعوا جوائزهم الى الحكومة احتجاجا على الجو القائم في البلاد الذي تكبر فيه الكراهية والعداوة نحو الأقليات و«الآخر» كما تقدم عدد كبير من الأكاديميين بالاستقالة من مناصبهم الرسمية وفي مقدمتهم رحمن عباس وجورو بتشان سينغ وجي ام رانغ ناته وجانيش ديفي ونيروبما ونارايانا مورتي. وممن فقدوا مناصبهم العليا بسبب عدم خضوعهم لتركيع النظام «بالايا جودا سودارشان» رئيس المجلس الهندي للبحوث التاريخية والمهندس الدكتور «سانديب باندي» الناشط الأكادمي والعضو المحترم في المعهد التكنولوجي و«اميت سين جوبتا» الأستاذ المساعد في معهد الاتصالات العامة. وفي عدد من المناسبات عبر الرئيس الهندي «براناب موكهارجي» عن حزنه في الحالات المأسوية الجارية في البلاد. ومؤخرا كتب امير البحر المتقاعد رام داس رسالة مفتوحة الى رئيس الوزراء مودي يعبر فيها عن قلقه البالغ على فقدان التسامح الذي ينتشر الآن في الهند بشكل ملحوظ كما القى خطابا في حرم جامعة جوهر لال متضامنا مع الطلبة المحتجين ضد اعتقال رئيس اتحادهم. وقد تقدم عدد كثير من المبدعين من جميع انحاء البلاد يساهمون بإبداعاتهم التي تقاوم تيار الفاشية الجارف الذي بدأ يشتد في الهند.
نختار هنا قصائد مترجمة من اللغة الملايالمية، اللغة المحلية في ولاية كيرالا في جنوب الهند، كنماذج من تلك الإبداعات.
قصـــــــائد هنديـــــــة
تقاوم الفاشية
مللناك يا حسين إذهب إلى أي مكان*
P.K. Parakkadavu
يا صاحب لوحة «الحرب بين يامونا وجانجا»(1)
أنت الآن في بر الأمان
ضيف كريم في احدى الصحارى العربية
لاتزال تتدفق بالحنان.
نحن موجودون هنا
منذ زمان قديم كالصحارى
التي لا ماء فيها ولا كلأ.
قبل ان تحلق في فضاء الصحراء
بلحيتك البيضاء مثل القطن الأملس
اسمع ما أبقينا لك من الكلام:
كان يمكنك اختيار لون الزعفران(2)
لونا مفضلا لديك
كما كان اللون الأصفر عند الفنان «فان غوغ».
حين سحرت عينيك مفاتن «مادهوري»(3) حبا
لم نصرخ على وجهك بأنك جهادي في لباس الحب (4)
مثلما قلنا عن كاتبتنا الكبيرة في لغتنا(5)
أنها كانت اولى فريسات هذا النوع الجديد من الجهاد
كان يمكننا ان نقول عنك أيضا
بأنك اول صياد رفع سلاح هذا الجهاد
كم نحن متسامحون
لم تنبس شفاهنا شيئا.
نعرف
أن للوحاتك الشايخة قيمة بالملايين.
في الماضي
حين قامت «إنديرا غاندهي»
بزيارة الى الولايات المتحدة
حملت معها إحدى لوحاتك الجميلة
كأثمن هدية تهدى لهم
ولكن اللوحات التي رسمناها في الماضي
بدماء الانسان التي فاضت
في شوارع
«أحمد آباد» و«بهيفاندي»(6)
هل تقارن قيمتها بقيمة لوحاتك؟
وفي «غوجرات» رسمنا لوحة
بأسنان الرماح
بعد أن شققنا بطونا
وأخرجنا منها جنينا(7)
هل تبلغ قمتها يا حسين
قيمة لوحتك عن الحصان؟(8)
وعند انهدام المسجد البابري
اسكت لسانك عن الحديث
ووقفت امام
النظام الدكتاتوري واجما.
ولكن لم لم تهتم
بلقاء «بال تاكريه»(9)
قبل ان تقعد امام علبة الوانك؟
هل ما تزال في إبائك القديم
لا تخضع لمرسوماتنا؟
كفاية يا حسين
ما لك عندنا مكان
ميت يتكلم
P.K. Parakkadavu
أنا كاتب ومثقف
وما ترونه على مؤخرتي
كرسي ملتصق بها، لن اتركه
ان تركته قد يجلس عليه هندوسي متطرف
ولست من طماعي السلطة
كم مرة حكيت لكم قصة « سيدهارتها»(8)
الذي خرج من قصره الفاخر
في صباح باكر
لم تستيقظ فيه حتى اوراق الأشجار
دون ان ينبه زوجته « يشودهارا»
انا كاتب ومثقف
وما ترونه على يدي
اسورة البسها لي الحكام
لن اتركها، اخذتها مطأطئا رأسي
يداي من اياد تستلم العطايا
ولا تعلو الا اياد المعطيين
كيف ارجعها لهم؟
اذن سأكون مثل الذي
ترك والدلته في بيت العجزة
ولذالك حين اموت سوف آخذ معي
اسورتي وحرائري
انا كاتب ومثقف
ادري كم مسافة من «دادري»(9) الى هنا
انا ماهر في الحسابات منذ زمن قديم
وحياتي رتبتها بحسابات دقيقة
انني مهتم بصحتي جيدا
ولذا لا آكل لحوما
مبردة في ثلاجات مصطنعة
عموما طبيعتنا باردة
فما الحاجة الى تبريد مصطنع
المنبوذ الذي بلغ عمره تسعون عاما
اذا لوت الليالي كفه على العصا
عليه ان يقضي ايامه المتبقية داخل البيت
يحكي لأحفاده حكايات ظريفة
عليه ان يبتعد عن معابدنا
لا ان يمشي داخلها سارحا مارحا(10)
لست بأبله لا يعرف الحقائق
انا كاتب ومثقف، مكفوف واصم
ضعوا اناملكم على انفي
الا تشعرون بانفاسي
لا، لست بنائم اغطي جسدي بالخوف
بل مستلق على فراشي ميتا
وفي اجتماع الأكاديمية القادم
ان شئتم اقرؤوا مرثية على روحي
إن كانت البقرة أمكم
K. K. Shashi
ان كانت البقرة امكم
فلا تربطوها بحبل على جذع شجرة
ان كانت البقرة امكم فلا تبيعوا حليبها
فلا تدخلوا حبلا في منخريها
ولا تسوقوا امكم الى سوق الأنعام
بعد ربط الحبل في انفها
لا تشتروها ولا تبيعوها في كل الأسواق
ان كانت البقرة امكم فلا تحلبوها
ولاتبيعوا منتجات البانها
لفحول الشركات المتعددة الجنسية
لتدعونها تتضحم
ان كانت البقرة امكم
فلا تقوموا بتصدير لحومها
الى خارج البلاد
ولا تفتخروا بتصديرها
الى الأسواق الدولية
هل البقرة امكم؟
اذا ابوكم بلطجي كبير
هل البقرة امكم؟
اذا امشوا على الأرض
على ارجلكم الأربعة
هلا البقرة امكم؟
فقد وجدنا على رؤوسكم قرونا
ووجدناكم تنطحون بها الآخرين
ان كانت البقرة امكم
فلا بأس ان ينبت على ناصيتها قرنان
ولكن لا تسمحوا لها بأن
تنطح بهما الآخرين
واعلموا ان الآخرين ايضا مثلكم
مولودون مثلكم في هذه التربة
تربوا مثلكم في هذا الطين
النضال في سبيل الاستقلال
اس. في. عثمان
يا ابا الأمة،(11)
اشكال نضالك العظيم
الطرق المتنوعة في تحمل الألم،
التجارب الغنية في البحث
عن الحقيقة،(12)
لم ولن نتركها ابدا،
ابتاه
هلا ترى ملحا يتجمع،
في عيني ام مغتصبة،
وفي عيني اخت مسكينة
تنتظر الموت،
بعد ان انتزع الرحم من بطنها
ومغزلا(13) متروكا الى زاوية منذ فترة
يستخدمه عنكبوت صياد
لنسج خيوطه بدقة.
واطفالا جائعين في الشوارع
محرومين من الطعام والثياب
يلبسون اشعة الشمس القاسية
وبطونهم قد انقبضت جوعا
الا ترانا نحرم الناس والأشجار
وجميع الكائنات الحية
من نظرية عدم العنف
وننقلها الى بقرات
معبودات كالآلهة
ابتاه
كن راضيا ومرضيا
ولن تكون حياتك
العظيمة عبثا
ولم ولن ينتهي
نضالنا العظيم
في سبيل استقلال بلادنا
لمعان الملح
Saritha Mohan
يا صاحب العكازة(14)
الذي يمشي بسرعة
متأبطا زمانا آمنا
كمظلة مطوية
ويمشي الى وطن لا يوجد فيه
مطر ولا شمس.
واشجار القطن لا تزال حتى الآن
تنتظرك ان تستفيد منها
لتنسج رداء بخيوطها الناعمة
يوضع فيه رأس انسان ينزف منه الدم
لتقديمه امام الثور الاله المسوم
يملكه من قام بطقوس «هيرانيا جاربها». (15)
الأبحر لم تنفد بعد
ماؤها الأزرق يجفف
لتنتج منها بلورات من الملح(16)
ليحتفل الراهب الأعزب بعشائه
بمشويات من لحوم عجل صغير
مخلوطة بالماء المالح.
الأجندات لم تنته بعد.
يا صاحب العكازة
الذي يتوارى خلف تل الأعشاب
باحثا عن حمامة السلام
هل عرفت
ان الإنسانية التي قمنا
بتغذيتها وتربيتها
في « سابرماتي» و«نفاقالي»(17)
قد ماتت بعد ان اضربت عن الطعام
واه أسفاه
نسينا تلك الكلمات التي نطقتها
عند منتصف تنفسك في لحظاتك الأخيرة
حين ارتعش جسدك لما ودعته الروح
هل كانت تلك الكلمة
«يا رام» ام «يا أولاد الحرام» ؟(18)
الهوامش
* كتبها حين هاجر الفنان الكبير الراحل مقبول فدى حسين الى دولة قطر لما واجه مضايقات من المتطرفين الهندوسية..
1 – إحدى لوحات حسين المشهورة. «يامونا و جانجا» نهران في الهند ورد ذكرهما كآلهتين في الأساطير الهندوسية.
2 – اللون الذي اتخذته الأحزاب الهندوسية المتطرفة شعارا لها.
3 – هي «مادهوري ديكشت»، إحدى الممثلات الحسناوات التي لعبت ادوارا هامة في افلام هندية، نسخ الفنان حسين جمالها في كثيرمن أعماله الفنية.
4 – إشارة إلى الأخبار الملفقة التي نشرتها وسائل الاعلام في ولاية كيرالا في الأونة الأخيرة تطرح تهمة ضد الطلبة المسلمين في الجامعات بأنهم عن طريق المغازلة مع البنات الهندوسية والمسيحية يحاولون تهريبهن الى المعسكرات الباكستانية بعد تبديل ديانتهن حيث يغتصبن ويستخدمن كقنبلات انتحارية
5 – اشارة الى الكاتبة الكبيرة كامالا داس التي أثارت ضجة كبيرة في الاوساط الثقافية في الهند عندما اعتنقت الإسلام. وحين توفيت في السنة الماضية اتهمت إحدى الصحفيات الكبيرة في ولاية كيرالا بانها اعتنقت الإسلام بعد واقعة غرامية مع شاب سياسي مسلم ولكنه اخيرا خدعها.
6 – إشارة الى الاضطرابات الطائفية في مدينتي «أحمد آباد» و«بهيفاندي» .
7 – إشارة الى الاستئصال العرقي ضد المسلمين الذي وقع في ولاية «جوجرات» تحت حكومة مودي زعيم حزب بهارتيا جاناتا الهندوسي.
8 – رمز لرسوم الفنان حسين.
9 – زعيم حزب « جيش شيفا» الهندوسي المتطرف.
10 – اسم بوذه الحقيقي. كان ابن ملك.
11 – اسم القرية التي قتل فيها مسلم بتهمة جريمة احتفاظ لحم في ثلاجته.
12 – اشارة الى خبر تناقلته وسائل الإعلام بأن منبوذا ضربه جماعة من المتطرفين الهندوسيين لجريمة دخوله احد المعابد.
13 – الغاندي.
14 – اشارة الى سيرة الغاندي الذاتية تحت عنوان «تجاربي في بحث الحق».
15 – كان المغزل سلاحا استعمله الغاندي ضد الاستعمار البريطاني، دعا الى مقاطعة الأقمشة التي تصنعها الشركات البريطانية وبدلا منها انتاج الأقمشة الوطنية باستخدام المغازل اليدوية،
16 – الغاندي.
17 – طقوس كان يقوم به الملوك في الهند قديما، حسب هذا الطقوس كان على الملك الجديد عند تولي حكمه ان يمر تحت بقرة تلبس الذهب، ويسمى هذا الطقوس « هيرانيا جاربها « في «اللغة السانسكريتية».
18 – كان صناعة الملح بدون ترخيص ممنوعا في ايام الاستعمار البريطاني في الهند، خالف الغاندي وتلاميذه المناضلين هذا القانون بالقيام باعتصامات في شواطئ البحور لصناعة الملح باستخدام مياه البحر.
19 – منطقتان مشهوران في شمال الهند اتخذهما الغاندي مقر نشاطاته.
20 – اشارة الى تصريح عضو برلماني من الحزب الحاكم الهندوسي وصف فيه الهنادك بأنهم اولاد «رام» احد ملوكهم المقدسين في قديم الزمان بينما وصف الآخرين جميعا بأنهم «اولاد الحرام»، علما بأن الكلمة الأخيرة التي نطقها الغاندي حين اطلق عليه النار « الغودسيه» الهندوسي المتطرف كانت « يا رام».