(1)
ظهر أبا محمد الفاتح الجولاني قائد جبهة نصرة التابعة للقاعدة في بلاد الشام على شاشة قناة الجزيرة من خلال برنامج الاستاذ أحمد منصو “بلا حدود”. قناة الجزيرة التي يبدو أن أشعة الايمان بجهاد الامة وتباشير زوال الغمة بدأت تتسلل إلى مكاتبها حتى انعكس ذلك في أثر السجود الذي أخذ يشع نوراً على جبهة الاستاذ الاعلامي الكبير أحمد منصور.
أما الفاتح الجولاني فقد أخفى وجهه عن الكاميرة التي راحت تركز على تفاصيل لباسه الذي يشبه لباس العقيد معتز في مسلسل باب الحارة. ليس هذا و حسب، بل حتى حركات يديه و هزات رأسه بدت و كأنها تقليد للعقيد معتز و لكن لم يتثنى لنا رؤية عينيه إن كانتا قد إحمرتا أم لا، و لم نسمعه يقول “شكلين ما بحكي”
و لم ينس الأستاذ الإعلامي أحمد منصور أن يعيد طلب عرض وجهه الجولاني مرارا و تكرارا و قد اعترت وجهه حمرة الخجل من فرط التواضع الذي ينم عن أدب عنده و عند بقية موظفي قناة الجزيرة مؤخراً و خصوصا حين التعاطي مع الدواعش أو النواصر.
(2)
بتاريخ 11/12/2012 أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية عن وضع “جبهة النصرة” على لائحة الارهاب لديها. وقد أكد الأمريكيون حينها بأنه ليس لديهم أي وهم حول كون جبهة النصرة منظمة ارهابية لدى اعتراض ممثلي المعارضة السورية على هذا التصنيف. ملاحظة هنا “كان اعتراض المعارضة محاولة لتصدر المشهد الثوري، ظنا منهم أن النصرة تفهم معنى الثورة و يمكن أن تحترمهم”
وبتاريخ 11/4/2013 قامت جبهة النصرة بالانضمام رسميا الى تنظيم القاعدة المحارب عالمياً مما وضع العالم أمام تحديات جديدة مركزها تورا بورا سورية و ليس افغانسانية هذه المرة. و كان تشكيل التحالف العربي الامريكي لمحاربة التنظيمات القاعدية في العراق و سوريا.
ومع تقدم الوقت بدأت جهات دولية تشيع بقرب اعلان النصرة تخليها عن القاعدة ، وعودتها الى حضن الشعب السوري وثورة كرامته و ليس خلافته أو إمارته. و لكن الذي حصل أن الدكتور أيمن الظواهري قرر عدم إدامة ظله على أحد من ربعه فأنهى تنظيم القاعدة فعليا حين أحل الفصائل الارهابية حول العالم من بيعته.
و كان الكثير من الرومانسيين و شيوخ الولائم و سياسيي المرحلة و المنظرين الجدد الى ما قبل نصف ثانية من المقابلة يتوقعون بأن يقوم الفاتح الجولاني بقلب الطاولة على العالم و اعلان فك ارتباطه عن القاعدة.
“و كأن القاعدة قاعدة” و الذي حصل و على الهواء مباشرة و من خلال قناة الجزيرة مركز عمل أحمد زيدان أنه أعاد مبايعة الظواهري على السراء و الضراء و المغنم و المغرم وسط ذهول الجمهور السابق، و لا استغرب من ذهولهم.
(3)
ذكر الجولاني بأن دعمه داخلي و ان انتصارات النصرة هي بسبب الغنائم التي حصلوا عليها من النظام. ولكن أدب الأستاذ أحمد منصور لم يسمح له بأن يسأله عن السلاح الذي استخدمته النصرة أول مرة للحصول على الغنائم.
ربما لم يفعل لانه يعلم بأن جواب الجولاني هو:” كنا نكبّر و نصرخ بأعلى صوتنا على شبيحة الاسد فيتركون سلاحهم و يفرون مثل الفئران.”
و طالما أن الجولاني أصرَّ كثيرا على أن دعمه داخلي مع بعض البهارات التي تأتيه من المسلمين، فلتعلموا بأنه لا يقول الحقيقة . لان مصادر دعمه المالي و العسكري هي على النحو التالي:
يحصل الجولاني على ما بين المليون و المليونين دولار شهريا من الظواهري.
تحصل الجبهة على مساعدات مالية غير محددة من أطراف عربية.
تحصل النصرة على السلاح و الذخيرة من بعض الدول بشكل مباشر و دون أية وساطات.
كانت تحصل على سلاح و ذخيرة كعضو في غرفة عمليات حلب و لكن تحت مسمى لواء معين لن أذكره الآن.
أي بمعنى كان شباب الجيش الحر، الله يخليهم، يقومون بتسجيل كمية من السلاح على أنها سلمت الى أحد الألوية وهي في الحقيقة تذهب الى جبهة النصرة.
جبهة النصرة كانت و مازالت تسطو على سلاح فصائل الجيش الحر الصغيرة و التي تخشى بطش النصرة.
هاجمت جبهة ثوار سورية و قتلت و جرحت الكثير من أوائل الثوار و استحوذت على سلاح الجبهة بحجج كان هدفها اسكات الحاضنة الشعبية و قد نجحت بذلك. ثم قامت بمهاجمة حركة حزم و قتلت أكثر من سبعين مقاتلا سوريا و استحوذت على سلاحهم.
سيطرت جبهة النصرة على صوامع الحبوب و أصبح طن الطحين بحوالي 85 الف ليرة سورية وهذا كله يصب في المجهود الحربي.
آثار المنطقة الشمالية أضحت أثرا بعد عين بعدما جندت النصرة عناصرها للتنقيب عنها و السطو عليها و بيعها لعملاء دوليين.
يقوم بعض عناصر جبهة النصرة بحمل قطرميز زجاجي نظيف بالمرور على الناس و يطلبون منهم التبرع، فيتبرع كل شخص بما تجود به يده و الذي قد يصل الى مئة ليرة سورية عدا و نقدا فيعتاشون على ما يجود به الافاضل من الشعب السوري.
(4)
الفاتح الجولاني يعتقد بأن سقوط بشار الاسد مسألة وقت ، ووقت قصير جدا، و هو مؤمن بأن تحديد شكل الدولة و الحكم في سورية سيكون من اختصاصه و من اختصاص الفصائل “المجاهدة” و لم يذكر عبارة الشعب السوري على لسانه و لا مرة واحدة، ربما يعتقد بأن الشعب السوري “يحتاج لاجيال” حتى يصبح قادرا على اختيار قائده.
(5)
من الموقف اللافتة لقائد جبهة النصرة أنه تنازل كثيرا هذه المرة، و هذا هو “التغير القنبلة” في موقفه حيال العلويين و المسيحين و الدروز. طبعا هو يتكلم بصفته الحاكم بأمره في سورية بعد اسقاط النظام.
فبالنسبة للعلوين تلطف معاليه بوضع لهم ، ماشاء الله، باب خير كثير حين أعطاهم خيار الحصول على الامان لقاء اعلان اسلامهم، و تبرأهم من جرائم بشارو مقاطعة الاسد. وعلى ما يبدو فقد اعتبر الاستاذ أحمد منصور هذه الفكرة منحة ربانية جولانية جاءت على شكل سبق صحفي حتى أعاد استيضاح ذلك من ضيفه على كون ما قاله بأنه امر و قرار رسمي صادر عن قائد جبهة النصرة غير قابل للطعن. فأكد الجولاني ذلك، فتهلل وجه الاستاذ احمد منصور بهذا السبق الصحفي الهائل و كاد يبكي و كادت الكاميرة تبكي و الميكرفون.
أما بالنسبة للمسيحيين فقد كان في منتهى الكرم و الطيبة حين أكد أن الجزية سيدفعها من يقدر على دفعها، و أن المسيحيون ليسوا كالنصيرية و أن الذكر ليس كالانثى.
(6)
كلمة الى العقيد الجولاني و جبهته و الى أؤلئك المكحلين من اتباع القاعدة:
طالما أنكم مازلتم تضعون النقاب و الخمار الابيض و الاسود على وجوهكم فما زالت الفرصة سانحة لديكم للعودة الى بيوتكم و مشاهدة الأجزاء الجديدة من باب الحارة أو فيلم الارهاب و الكباب و أنتم تأكلون الكبسة أو الكسكسة، فسورية لم يسكنها الا شعوب عظيمة تعودت على قهر أراذل الامم و لصوصها أمثالكم.