قالت مصادر فرنسية لـ”الشفاف” أن وزير الخارجية لوران فابيوس أبدى أمله ضمناً، بعد إعلان الإتفاق المبدئي مع إيران، في أن يلعب الكونغرس الأميركي دوراً في عرقلة حماس الرئيس أوباما لاتفاق “بأي ثمن” مع إيران!
وقالت المصادر أن الوزير فابيوس يعترض على عدم تطرّق الإتفاق الذي يعتزم الأميركيون توقيعه على أية بنود تتعلّق بـ”برنامج الصواريخ الإيراني” والأهم بـ”تكنولوجيا تصغير حجم القنبلة الذرية” التي بات ثبت أن إيران عملت عليها!
وبالنسبة لاتفاقية “رافال” مع قطر، تقول مصادر فرنسية أن تلميحات قصر الإليزيه الواردة أدناه إلى أن “ما نفكّر به لا يقتصر على الرافال” تشير على الأرجح إلى مشروع فرنسي-قطري لبناء قاعدة عسكرية في قطر ستكون أكبر قاعدة فرنسية في المنطقة.
وتبقى نقطة مهمة وهي أن استقبال الخليج للرئيس أولاند “يعوّض” إلى حد ما “الإستياء الشديد” الذي شعر به الرئيس أولاند حينما تراجع الرئيس باراك أوباما عن قصف سوريا بدون أن يكلّف نفسه إبلاغ فرنسا بقراره مسبقاً- خصوصاً أن القوات الفرنسية كانت، في حينه، جاهزة للشروع بالعمليات ضد الأسد.
وتكرّر المشهد نفسه في الصيف الماضي، حينما تراجع الرئيس أوباما عن فكرة القيام بعمليات خاصة في ليبيا بالمشاركة في دول أوروبية أوّلها فرنسا!
بيار عقل
*
مراسل “لوموند” إيف ميشال ريول
الرسالة واضحة. قبل ١٠ أيام من لقائهم مع باراك اوباما المقرّر في يومي ١٣و١٤ مايو، فإن قادة دول الخليج السنّية- الحليفة التقليدية للولايات المتحدة- يفرشون السجادة الحمراء للرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند. وسيتم استقبال الرئيس الفرنسي بحفاوة في يومي الإثنين ٤ والثلاثاء ٥ مايو للمشاركة في قمة مجلس التعاون الخليجي. وهذه أول مرة يشارك فيها زعيم دولة غربية في قمة خليجية.
وذلك في لحظة تخشى فيها دول المنطقة من التقارب بين واشنطن وطهران، خصوصاً أن نفوذ إيران الشيعية، المنافس الرئيسي للرياض، يتزايد على حدود السعودية، من العراق إلى اليمن.
الموقف الفرنسي “الحازم”
وتمثّل بادرة دعوة الرئيس الفرنسي لحضور القمة الخليجية تعبيراً عن التقدير لموقف فرنسا المتميّز في الأزمات التي تعيشها المنطقة، وخصوصاً الأزمة السورية، بقدر ما تعبّر عن الإستياء من سياسات واشنطن. وبصورة خاصة، فإن دول مجلس التعاون الخليجي تعارض فكرة الإتفاق حول البرنامج النووي الإيراني، التي دخلت المفاوضات حوله في مرحلة حاسمة ستنتهي قبل ٣٠ يونيو المقبل. وقد حرصت دول الخليج على تحية الموقف “الحازم” لفرنسا الذي اعتبرته أكثر تطلباً من الموقف الأميركي المتساهل في المفاوضات مع إيران.
وتشاء الصدف أن آخر مسؤول أجنبي شارك في قمة الدول الخليجية قبل فرنسوا أولاند كان الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد! وكان ذلك في قمة الدولة في العام ٢٠٠٧. ولكن مشروع التفاهم مع إيران لم يعطِ نتائج. إن مثل هذه المشاركة الإيرانية تبدو غير قابلة للتصوّر اليوم، بقدر ما تشعر دول الخليج، وفرنسا كذلك، بالقلق من تصاعد نزعة الهيمنة الإيرانية في المنطقة.
إنعطافة أميركية
إن الإستقبال الذي سيُخَصّص لفرنسوا أولاند سيظهر إلى أي حد “يُنظَر إلى فرنسا كبلد يملك قدرات، واستراتيجية، ومشروعية في الشرق الأوسط”، حسب المستشار الخاص لـ”معهد الأبحاث الإستراتيجية”، فرنسوا هيسبورغ. وتقول مصادر قصر الإليزيه أن دول الخليج “تقدّر الوفاء والثبات” الذي اتّسمت به المواقف الفرنسية. وذلك تلميح إلى الإنعطافة الأميركية في صيف ٢٠١٣، حينما تراجع الرئيس باراك أوباما عن قرار توجيه ضربات عسكرية ضد نظام الرئيس بشار الأسد.
وتتخوف دول الخليج الآن من انعطافة أميركية جديدة في الملف النووي الإيراني الذي سيكون في صلب محادثات الرئيس الفرنسي مع زملائه الخليجيين. وهي تتخوف من أن يكون الرئيس أوباما راغباً في عقد اتفاق بأي ثمن مع إيران قبل موعد 30 يونيو الحاسم. فالأميركيون، على غرار الإيرانيين، يعرفون أن الوقت معدود للتوصل إلى تسوية. فأي تأجيل للإتفاق يمكن أن يقوي اعداء التسوية، سواءً في واشنطن أو في طهران.
وتبدي فرنسا تخوّفها علناً من رفع العقوبات الدولية على إيران، وهو أحد العناصر الرئيسية لأي اتفاق، الذي سيكون له تأثير “حاسم على توازن القوى في المنطقة”، حسب مصدر مقرّب من الرئيس الفرنسي. وتشارك دول الخليج الرأي نفسه (كانت أنباء قد نقلت عن الرئيس أوباما أن إيران يمكن أن تحصل على 50 مليار دولار من أموالها المجمدة في الخارج فور توقيع الإتفاق- – الشفاف). وهي تعتقد أن رفع العقوبات سيوفّر لإيران مزيداً من الموارد المالية الأمر الذي سيسمح لها بزيادة دعمها العسكري للنظام السوري، وللميليشيات الشيعية في العراق ولبنان واليمن.
ويثير هذا الإحتمال قلق الرياض المنخرطة منذ أكثر من شهر في عملية عسكرية ضد جماعة الحوثيين في اليمن. ويوجّه التحالف المكون من 9 دول عربية بقيادة السعودية ضربات عسكرية ضد المتمردين منذ 26 مارس للحؤول دون سيطرتهم على كل اليمن. ولكن العملية العسكرية لم تحقق نتائج حاسمة بعد، الأمر الذي يثير مخاوف من وصولها إلى طريق مسدود.
ويذكر أن الرئيس أولاند، قبل التوجّه إلى الرياض للبحث في التهديد الإيراني، توقّف في “الدوحة” للتوقيع على عقد لبيع 24 مقاتلة “رافال” لقطر. وتنوي فرنسا استخدام هذا العقد كمنصة انطلاق. ويقول مصدر في الإليزيه “ما نفكّر به لا يقتصر على الرافال”! وذلك تلميج إلى صفقات أخرى عديدة مع السعودية ترغب بعقدها مجموعات فرنسية مثل “فيوليا” و”ألستوم” و”إيرباص”.