خاص بـ”الشفاف”
بعد المفاجأة السعودية المدوّية بتوجيه ضربات جوية للحوثيين وحلفائهم بواسطة 100 مقاتلة دفعة واحدة- وهذا إنجاز عسكري وتقني بحد ذاته- حان وقت التساؤل عن “إداء” سلاح الجو السعودي في أول “حرب” له على هذا المستوى. فالمعلومات المتوفّرة حتى الآن كانت من الجانب السعودي وحده، ولم تظهر حتى الآن تقييمات للإداء السعودي لا من الجانب الأميركي، ولا من الإسرائيليين.
التقييم التالي الذي نشرته “جينز” هو الأول من نوعه، وهو يظهر بعض “الثغرات” في إداء الطيران السعودي والحليف، ويشكّك في مزاعم الجنرال الأسيري بتحقيق “السيطرة الجوية” خلال 15 دقيقة من بدء العمليات. وحسب هذا التقييم، يبدو أقرب للواقع أن “السيطرة الجوية” تأمنت بعد اليوم الثالث، وإن كان ذلك لا يقلّل من قيمة الإنجاز السعودي. (للمقارنة، فقد كشفت الإشتباكات المحدودة بين سلاحي الجو العراقي والإيراني في حرب الثماني سنوات عن “إداء” يدعو للرثاء للجانبين. فقد فرّ الطيارون الإيرانيون والعراقيون من الإشتباكات!)
الشفاف
*
صورة لشركة “إيرباص ديفنس أند سبايس إيميجري” في 27 مارس 2015 تُظهر المواقع التي تم استهدافها في موجة القصف الجوي الأولى في “عاصفة الحزم”: في حين تم تدمير مرآبين للطائرات، فإن القصف الجوي لم يستهدف مخابئ طائرات أخرى، وبينها مخابئ لـ10 مقاتلات “ميغ-29” مبعثرة حول النصف الغربي للمطار، كما لم يتم استهداف مواقع رادار الإنذار المبكّر القريبة من المطار.
نقاط أساسية:
أخفقت السعودية وحلفاؤها في شلّ قاعدة الدليمي الجوية في اليمن في اليوم الأول لـ”عملية عاصفة الحزم”.
لم يتم استهداف قاعدة صواريخ “سكود” القريبة في الغارات الأولى، كما لم يتم قصف قاعدة الـ”توشكا” التي تقع في جنوب غرب صنعاء حتى يوم 30 مارس.
تحليل
زعمت السعودية وحلفاؤها أنهم حققوا السيطرة الجوية في اليوم الأول لـ”عاصفة الحزم” التي بدأت في يوم 26 مارس.
وأعلن الجنرال أحمد العسيري أن القوات الجوية السعودية حققت السيطرة الكاملة على المجال الجوي اليمني خلال الدقائق الـ15 الأولى من الغارات عبر قصف القواعد الجوية، ونظم صواريخ أرض-جو، ومراكز “القيادة والتحكم”.
ولكن صورة القمر الصناعي المنشورة أعلاه تظهر أن “قاعدة الدليمي الجوية” اليمنية القريبة من مطار صنعاء الدولي لم تُدمّر في الغارات الأولى.
إن صورة القمر الفرنسي، التي تم التقاطها في الساعة 10 و24 دقيقة (الساعة 7 و24 دقيقة بتوقيت غرينتش) في يوم 27 مارس تظهر أن الغارات أصابت 2 من أكبر الحظائر في القاعدة. وآظهرت أشرطة فيديو، وصور التقطت بعد الغارات الأولى أنه تم تدمير طائرتي هليكوبتر “بيل 214 هيوي”، وطائرات مراقبة “بتيش كرافت كينغ إير 350 إي إر”، وطائرة نقل “سي إن-235” داخل إحدى الحظيرتين.
ولكن صور القمر الصناعي تظهر، بالمقابل، ان الغارات لم تستهدف 10 مقاتلات “ميغ-29” متعددة المهمات كانت مبعثرة في مواقف مكشوفة في المناطق المحيطة بالمطار أو قرب الحظائر التي كانت تشتمل على طائرات نفاثة سريعة أخرى. وقد تم قصف مدرّج المطار بذخائر دقيقة التوجيه. ولكن صور الأقمار تظهر أنه ظلت هنالك 2500 متر لم يتم إصابتها، أي ما كان يكفي للسماح لنفاثات سلاح الجو اليمني بالإقلاع والهبوط. ومع أن الأضرار التي لحقت بالمدرّج ربما كانت كافية للحؤول دون إقلاع أو هبوط بعض طائرات النقل الثقيلة، فقد قام اليمنيون بإصلاح المدرّج قبل التقاط صورة القمر الصناعي في يوم 27.
ويظهر أن عدم قصف حظائر سلاح الجو اليمني في الغارات الأولى لا يعود إلى تقدير سعودي بأنه لا يشكل تهديداً بسبب ما يعانيه من مشاكل صيانة أو مشاكل أخرى. بدليل أن طائرات التحالف عادت لقصف قاعدة “الدليمي” بعد يومين. وفي مؤتمره الصحفي في يوم 29 مارس عرض الجنرال العسيري صوراً بالأشعة ما تحت الحمراء لاستهداف حظائر الطائرات وتدميرها في القاعدة.
وفي مؤشر آخر على أن مخططي العمليات كانوا يعتبرون أن سلاح الجو اليمني يشكّل تهديداً ممكناً، فقد بثّت “قناة العربية” أفلاماً تظهر طائرات “إف-15 إس” سعودية وهي تنطلق من “قاعدة الملك خالد الجوية” محمّلة بصواريخ جو-جو.
ولكن لا يبدو أن طائرات سلاح الجو اليمني حاولت أن تعترض المقاتلات السعودية والحليفة داخل المجال الجوي اليمني، وهذا مع أن عدداً من طياري سلاح الجو اليمني كانوا قد نفّذوا غارات لصالح “أنصار الله” (الحوثيين) في الأسابيع التي سبقت “عاصفة الحزم”.
من جهة أخرى، كان الجنرال العسيري قد نفى مزاعم بإسقاط طائرتين تابعتين لسلاح الجو السعودي، ثم عاد في يوم 28 مارس واعترف بتحطم مقاتلة “إف-15 إس” واحدة في البحر الأحمر بسبب عطل فني. ومع أننا لا نعرف السبب الذي دفع المقاتلة السعودية لاعتماد هذا الطريق الطويل فوق البحر، فمن الواضح أن القرار المتعلق بخط تحليقها كان موفّقاً، لأنه سمح بإنقاذ الطيارين بمساعدة الأسطول الأميركي بدلاً من وقوعهما في الأسر في منطقة يسيطر عليها “أنصار الله”.
وكان الناطق السعودي قد أعلن كذلك أن القذائف البالستية استُهدِفَت في الغارات الأولى. ولكن صور القمر الصناعي تظهر أن القاعدة العسكرية المجاورة لقاعدة “الدليمي”، حيث يُعتقد أن اليمنيين يخزّنون صواريخ “سكود”، لم تُستَهدف في اليوم الأول للعمليات.
وقد تم قصف قاعدة أخرى، تقع على الجانب الأخرى من “صنعاء”، وهي تضم صواريخ تكتيكية من نوع “أو تي إر-21 توشكا” في يوم 30-31 مارس. وشاهد سكان “صنعاء” الإنفجارات واللهب المتصاعد.
كما كشف الجنرال العسيري في مؤتمره الصحفي في يوم 31 مارس أن محاولة فاشلة قام بها “أنصار الله” لإطلاق صاروخ بالستي استدعت توجيه غارة جوية على موقع لتخرين الصواريخ البالستية. وقال أنه تُبذَل جهود للعثور على ما تبقى من نظم الصواريخ المتحركة، التي قال أن الحوثيين يخبئونها في نطاق سكنية.