بعد عرسال، انتقلت الأنظار إلى عسال الورد. قد يكون الفارق حرفاً بين البلدتين، لكن من حيث الأهمية فإنهما تشكلان خاصرة للأطراف المتحاربة في سوريا.
“الأخبار الواردة تشير إلى أن قوات المعارضة المسلحة حققت خلال الأيام الأخيرة وتحديداً في منطقة القلمون الغربي تقدما ملحوظاً بعد توجيهها ضربات قاسية لقوات الأسد وحزب الله”، بحسب مدير مكتب القلمون الاعلامي ثائر القلموني، الذي اعتبر أن “الهدف من شن الهجمات ومحاولة السيطرة على هذه المنطقة هو تغيير خريطة توزيع الجيش الحر والكتائب المعارضة من جهة والجيش السوري وحزب الله من جهة أخرى في القلمون، وبالتالي تغيير مجريات الحوادث في الأيام المقبلة ومحاولة إستعادة المبادرة وفتح خطوط إمداد قبل فصل الشتاء”.
خزان الإمداد
إذا كانت القلمون وهي عبارة عن شريط استراتيجي بطول نحو 120 كيلومتراً وعرض يراوح ما بين 10 و35 كيلومتراً بمساحة تبلغ 25 ألف كيلومتر مربعاً، القاعدة الخلفية وخزان الإمداد الرئيسي لدمشق وريفها وللمنطقة الوسطى في سوريا والمناطق في البادية شرقاً، فإن الاهتمام بعسال الورد كغيرها من مناطق القلمون بدأ ينصب منذ العام 2013.
هذه البلدة الواقعة على مساحة 150 كيلومتراً مربعاً فوق هضبة واسعة على قمم الجبال شمال مدينة دمشق، وعلى ارتفاع 1850 متراً فوق سطح البحر، تبعد من العاصمة السورية 55 كيلومتراً، يبلغ عدد سكانها نحو 24 ألف نسمة، يحدها من الشرق سهل رنكوس ومن الغرب جرد بريتال والطفيل ومن الشمال حوش عرب والجبة ومن الجنوب سهل رنكوس.
“قبل الثورة و ككل قرى القلمون كانت عسال الورد خاضعة لسيطرة النظام السوري الذي انسحب من القلمون في كانون الأول من العام الماضي لتستمر سيطرة الثوار عليها حتى سقوط يبرود في نيسان الفائت حيث سقطت عسال بعد يبرود بـ15 يوماً”، بحسب نائب رئيس بلدية عرسال أحمد الفليطي في حديثه لـ”النهار”، والذي أكد أن “الجيش الحر وجبهة النصرة حققا انتصارات في هذه البلدة وقد وصلوا الى منتصفها بعد أن انقلبت لجان الدفاع المدني على النظام وأيدوا الثوار”.
فتح خطوط امداد
أما الهدف من هذه العمليات في هذا التوقيت في رأي الفليطي، فهو “تأمين خط امداد بين غوطة الشام الغربية وجرد القلمون، وبعد تأمين خط امداد من درعا تتأمن كل خطوط الامداد على طول الشريط الساحلي، القلمون،الغوطه، درعا والقنيطرة، فهدف المعارضة الاستراتيجي أن يمضي عناصرها فصل الشتاء في القلمون”.
في حسابات النظام، تحظى منطقة القلمون في شكل عام بأهمية كبيرة فهو يخشى قطع الطريق الدولية بين دمشق وحمص، لأن ذلك سيؤثر في إمداد قواته في المنطقة الوسطى والشمالية، ويشل الحركة بين الشمال والجنوب، فهذه المنطقة تربط دمشق ومعاقل النظام في الساحل.
أما “حزب الله”، فيعتبرها معركة تخصه ولبنان أكثر مما تخص النظام السوري، إذ يخشى من تمدد الصراع الميداني في سوريا إلى داخل المناطق الحدودية اللبنانية.
وبالنسبة الى المعارضة فتعتبر خط تأمين إمداد وملاذ آمن ونقطة انطلاق للهجوم على مواقع النظام من الجهة الشمالية لدمشق، كما تعتبر شريان الحياة في ريف حمص الجنوبي والغربي وبعض قرى الغوطة الشرقية. وفي حال خسارتها سينجح النظام في خنق الثورة وحصر المواجهة ضمن جزر معزولة ومبعثرة على امتداد الجغرافيا السورية.
السيطرة على عسال وفي صورة أوسع جرود القلمون هو الهدف الاستراتيجي بالنسبة إلى أطراف الصراع، وقد استبعد القلموني” تمكّن أحد الطرفين من حسم المعارك بسرعة، لأسباب عدة منها المساحة الشاسعة والطبيعة الجبلية الصعبة والوعرة للمنطقة، بالإضافة إلى أننا قادمون على فصل الشتاء حيث تنخفض درجات الحرارة إلى 10 درجات مئوية تحت الصفر، ما يزيد من صعوبة المعركة، ويصب الشتاء في مصلحة المعارضة لأنه يصعب على النظام استخدام طائراته بسبب الطقس”.