ترجمة وتحرير : مصطفى إسماعيل
اعتباراً من اليوم فإن سياسة تركيا في سياقها الشرق أوسطي تواجه العديد من المشاكل, بينها أربعة مشاكل
على قدر كبير من الأهمية :
1 – ماذا ستفعل تركيا مع مخرجات سياستها حيال الكورد في المنطقة؟
2 – هل بإمكان تركيا حل المشاكل مع مصر ؟ أم ستستمر حالة الاستقطاب لدى كل من أردوغان والسيسي؟
3 – كيف ستتأثر تركيا من آثار القضية السورية؟
4 – كيف ستتأثر تركيا من آثار القضية العراقية؟
لوحتان متناقضتان
يمكن الحديث عن لوحتين متناقضتين في موضوع مستقبل السياسة الخارجية لتركيا:
حسب اللوحة الأولى وفي ضوء المعطيات الحالية وإن بدت الأمور سيئة, فإن تركيا وعلى المدى البعيد ستصبح “دولة كبيرة تذكر بالدولة العثمانية”, وفقاً لذلك فإن الهيكل الفيدرالي الكردي والمجموعات السنية العراقية سينظرون إلى تركيا على أنها الأخ الأكبر لهم, ووفقاً لهذه التوقعات فإن بعضها سيدخل في نوع من العلاقات الإدارية مع تركيا.
وبحسب اللوحة الثانية, فإن مستقبلاً عصيباً ينتظر تركيا, ووفقاً لذلك فإن تركيا ستتأثر من الأحداث والتطورات السلبية في سوريا والعراق, يضاف إلى هذه اللوحة السلبية ما تحمله السياسة الكردية من مفاجآت والتي من شأنها طرح “احتمالية لوحة مختلطة” على المشهد العام.
المعنى الاقتصادي
تتواجد في محيط تركيا إمكانيات اقتصادية رسمية كبرى, فمن ناحية هناك الذي يستخدم الأموال المتوفرة لديه لبناء هياكل الدولة التي يبحث عنها, وهناك من ناحية أخرى دول كروسيا وإيران تبحث بإمكانياتها المالية الهائلة عن ممرات آمنة بسبب النظام الدولي والمشاكل السياسية.
مما لا شك فيه أن تركيا ( وبطبيعة الحال ) تستفيد بقدر كبير من الإمكانيات المالية المتوفرة في محيطها, وبالفعل فإن تركيا منذ فترة تلقت أشكال عالية ومكثفة من التمويل الدولي, وقد عانت لذلك فترة زمنية معينة.
هذه الجهات الخارجية الممولة التي تتوجه إلى تركيا تسعى إلى تأمين شركاء من الجهات الحكومية وغير الحكومية في أنقرة لأجل حلول وسط عملية.
لكن هناك نقطة ينبغي ألا تخدعنا : الفاعلون الذين يبحثون عن العناوين لاستثمار أموالهم ينبغي معرفتهم أن التوافق السياسي الذي يسهم في توظيف أموالهم لن دائماً, فالعديد من الجهات الفاعلة التي دخلت في شراكات مالية مع تركيا تقف اليوم كأخطار جدية أمام أنقرة منتجةً الأوهام.
الإقناع السياسي
هل لدى تركيا قضية تركمانية ؟ إذا كانت, أين هي ؟ هذه الأسئلة تفقد أرضيتها، لكن “القضية التركمانية” توفر لنا أدلة مهمة حول قدرة تركيا على الإقناع في المنطقة, وما هي “قدرة تركيا على التعبير سياسياً عن المجموعات المقربة منها”؟
على سبيل المثال, هل يفضل العرب السنة العراقيون تركيا؟ الملفت حالياً أن هناك من يتحدث عن “تركيا الكبرى” التي تضم كورد العراق وبعض السنة منه.
والحالة هذه, فإن الدرس الذي ينبغي على تركيا الاستفادة منه في المثالين السوري والعراقي هو أن قدرة تركيا على الإقناع منخفضة, لكن يمكن لتركيا التأثير في المجموعات المختلفة من خلال توفير الفرص لها, وتوفير الفرص مهارة مهمة، لكن التغيير السياسي الهيكلي وقابلية الإقناع لا تعنيان ذلك.
الأسوأ من ذلك, فإن العديد من المجموعات التي يتم دعمها تستفيد من هذه الفرص لتحاول تعزيز استقلاليتها كأجندة أولى, هؤلاء سيشكلون بعد فترة مشكلة للداعمين.
في الواقع على تركيا الاستفادة من المثال القطري لجهة معرفة إلى أين يقود السياسة الخارجية لدولة توفرُ المال والوسائل المالية.
• المصدر : صحيفة بوغون التركية Bugün Gazetesi.