بعد ثلاث سنوات من الثورة اصبح النظام اقل من ان يُنتقد، وأصبحت المعارضة اقوى بحيث تحتمل الانتقاد كما آمل…
اصبحت المعارضة هي من يجب الالتفات الى سلوكها ونقدها لأن مسالكها وصلت الى منعطفات خطيرة إحداها طرح التقسيم كحل لمواجهة النظام، او تحقيق نصر وعدوا أنفسهم به، انتصار كيفما كان حتى لو كان على حساب تدمير سورية! فالراعي الخليجي صاحب المال سيفلت من أيديهم لو انهم لم يحققوا شيئا ما! اعتادوا على القبض، وسُدَّت في وجوههم المسالك والحيل والاشغال والنضال، فلم يجدوا سوى خيارات قاتلة من اجل ضمان استمرار تدفق الاموال…
إن الوسخ –حرفياً- الذي رأيناه وفاحت روائحه من نشاطات وسلوك المعارضة السورية ربما يوازي –نسبياً- اوساخ النظام السوري المتراكمة نصف قرن، وهو وسخ متوقع على كل حال، وأقصى ما يمكن لمعارض وطني او مجموعات معارضة وطنية هو ان تقصي او تحيّد نفسها عن التلوّث به او عن سلوك نهج وسخ.
لهذا اصبح من الواجب الوطني الالتفات الى المعارضة السورية لنقدها كما كنا نفعل مع النظام السوري سابقاً ولاحقاً. الإلتفات الى المعارضة لأنها اصبحت سلطة فاسدة وقوة قاهرة للثورة واهلها ومناضليها. فالمعارضة التي تنشر اوساخها وفضاءها حتى ليكاد الشعب السوري المظلوم يخسر كل حلفائه ويقترب من الانقراض الفعلي من سورية موتا وقتلا ومجازر تهجيراً ونزوحاً أمراضاً عضوية ونفسية وعصبية تشوهات وعاهات دائمة او مؤقتة… كل ذلك واعضاء في المجلس الوطني والإئتلاف يقضون اوقاتهم في حرتقات وخلافات ومكايدات لتعيين فلان او طرد فلان او إزاحة فلان، واتصالات واجتماعات ولقاءات لاقتسام غنائم مال النفط والسفارات والمؤسسات الدولية.. ولن ننسى تصرفات هيئة التنسيق الرعناء من قبيل رسالتها – “إخبار” – الى نبيل العربي لمنع الائتلاف من استلام مقعد سورية في الجامعة العربية.
بعد ثلاث سنوات من الثورة سنعود للكتابة رغم ان مخاطرها ما زالت ماثلة، بل ربما زادت المخاطر. فنحن امام سلطتين معاديتان للحقيقة: النظام والمعارضة، سلطتان لهما نفس التكوين والجذور المعرفية والذهنية، ولهما نفس التجليات والسلوك بمقولات مختلفة ربما كانت متناقضة احياناً لكنها تنتهي الى ذات النتائج…
ولئن كان ما توقعناه في مقال طويل عن تجربة في معتقل صيدنايا اسميناه “إختبار صيدنايا وانعكاسه على الثورة السورية”- نرجو الا يكون النظام قد استفاد منه- بدأ بالتحقق في خروج مجموعات مقاومة من حمص ومدن اخرى بعد اتفافات مع النظام، مع ذلك إن ما يجري بين صفوف المعارضة السورية في الخارج يدعونا لان نكتب ونصرخ كي لا تذهب تضحيات الشعب السوري هدراً وتنقلب على اصحابها بعكس ما رغبوا وحلموا ودفعوا ثمنه غالياً، وكي لا تذهب معارضة ونظام مجنونين فاقدي الأخلاق منعدمي المسؤولية كيلا يذهبا بالوطن شر ممزق…
ولأن كان النظام دمر سورية ماديا واجتماعيا، فالمعارضة تدخل في سياق فعلي ربما لتدمير مستقبل سورية.
وما يتم الكلام عنه من رعاية امريكية لمؤتمر علوي بالشراكة مع مغامرين ومرتزقة سوريين علويين ربما يكون تمهيداً لإعلان كيان علوي معارض على شاكلة كيان كردي معارض وملحقاته على الارض، ومن حديث لقيادي في الاخوان المسلمين عن احتمالات لدولة في حلب، تزيد تقسيم المقسم وتغلق ابواب الامل، ماهو سوى بداية لجنون المعارضة او بعض شخصياتها، جنون مطبق، يطبق على راهن ومستقبل سورية وشعبها المسكين المعذّب.
معاً تعالوا نفضح المرتزقة والمجانين ولننبّه المخطئين الشرفاء، فهذا البلد لا يكرر، وكما كان لنا الحق ان نحيا فيه فمن حق ابنائنا ان يحيوا فيه، وكما ورثناه من آبائنا كاملاً واحداً علينا واجب أن نورّثه أبنائنا واحداً كاملاً وحراً أيضاً …
25 ايار 2014