“الشفاف”- الكويت
تبدأ غداً، في الكويت، اجتماعات وزراء الخارجية العرب تمهيداً للقمة العربية التي ستنعقد في ٢٥ و٢٦ الجاري. ويأتي انعقاد القمة العربية الـ٢٥ في الكويت بعد شهرين من انعقاد مؤتمر دعم الشعب السوري الذي بلغت مساهمة الكويت وحدها فيه أكثر من مليار دولار، الأمر الذي دفع بان كي مون لإطلاق لقب “أمير الإنسانية” على أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد.
ويبدي المسؤولون الكويتيون حرصاً شديداً على إنجاح القمة إنطلاقاً من فكرتين، غير مطروحتين كثيراً في الإعلام العربي، وهما “التضامن العربي” و”المستقبل العربي”. بكلام آخر، تعتبر الكويت أن مستوى التشنّجات التي وصلت إليها العلاقات الرسمية العربية بات يشكل خطراً على الجميع! وأن سياسات “المحاور” (التي نأت الكويت عنها، وانحازت.. “للشعب السوري”) باتت تكشف المنطقة العربية أمام “مخططات خارجية”.
هل ستوفّق الكويت إلى تأمين انعقاد قمة عربية “ناجحة”؟
الكويت نجحت حتى الآن في أمرين: انعقاد القمة العربية في موعدها المقرّر، وهذا أولاً. ثم الحضور اللافت لـ١٣ مسؤول عربي رفيع المستوى، بينهم ولي العهد السعودي، وأمير قطر، و١١ ملك وأمير ورئيس دولة.
وهذا النجاحان ربما كان تحقيقهما متعذراً حالياً لو لم تكن الكويت هي الدولة المضيفة!
وما تسعى إليه الكويت، كما قال وزير الإعلام الكويتي، الشيخ سلمان الحمود الصباح، في جلسات مع صحفيين عرب، هو تغليب “العقلانية في التعاملات العربية”. وكذلك، الدعوة إلى التعامل مع الملفين السوري والليبي، وحتى الملفّات الأخرى، من منطلق أنها “مسؤولية جماعية عربية”.
الخلاف الخليجي-الخليجي، يضيف وزير الإعلام الكويتي، ليس مطروحاً على جدول الأعمال الرسمي للقمة العربية، وعلى “المنظومة الخليجية” أن تسعى لاستقرار العالم العربي. ويقول “على الجميع أن يعوا مسؤولياتهم، والمهم أن تنجح القمة وأن تقدّم شيئاً لمستقبل العرب”!
وهذا كلام وتذكير لم يعد مألوفاً في مسلسل الإنهيارات الخطيرة الحاصلة في عدة بلدان عربية، من سوريا، إلى ليبيا، وتونس، ومصر، عدا انفجار الخلاف بين السعودية والإمارات من جهة وقطر من جهة أخرى ووصوله إلى مستويات غير مسبوقة.
الكويت، مثل لبنان، تفضّل “النأي بالنفس” عن الخلافات العربية، وتحبّذ التركيز على الإيجابيات وعلى التضامن.
حول الموضوع السوري، يقول الشيخ سلمان الحمود أن الأزمة السورية انطلقت بصورة “مفاجئة”، وانطلقت اولاً بصورة “إعلامية”، ثم دخلها عنصر “الإرهاب الذي بات وصمة للعرب وللمسلمين” في نظر العالم الخارجي. أما “الخاسر الأكبر فهو الشعب السوري الذي يعاني من القتل والتهجير”.
ويلفت الوزير الكويتي إلى أن “هنالك الآن ١٠ ملايين سوري خارج سوريا”، أي نصف الشعب السوري”!
ماذا تريد الكويت من القمة الـ٢٥ لجامعة الدول العربية؟
يقول الوزير الكويتي أن الكويت ليست لديها مصالح غير جمع العرب. فحالة الإنهيار الحاصلة في السنوات الثلاث الأخيرة أضعفت منعة العالم العربي، ولا بد من “تحقيق تفاهمات واضحة في بعض الأمور ومن العمل لتعزيز التعاون بين الدول العربية”.
ويضيف: “نتمنى أن يعي الجميع مسؤولياتهم ويعملوا على تحقيق تفاهم في الحد الأدنى بشأن بعض القضايا الخلافية”.
حول التمثيل السوري، كان أمين عام جامعة الدول العربية قد أعلن في مؤتمر صحفي أن المقعد السوري سيظل خالياً.
في ما يتعلق بإيران، شرح الشيخ سلمان الحمود أن “علاقتنا مع إيران هي علاقة طيبة، وعلاقة حسن جوار، وقد رحّبنا باتفاق ٥+١ بخصوص الموضوع النووي”. وأضاف “هنالك تفاؤل بعد وصول الرئيس المعتدل روحاني إلى الرئاسة”.
ورجّح أن يحضر القمة العربية بصفة مراقب مساعد وزير الخارجية الايراني في الشؤون العربية والافريقية السيد حسين امير عبد اللهيان.
كما سيزور الكويت في مطلع الشهر المقبل الرئيس التركي عبدالله غول.
ماذا بعد انعقاد القمة الخامسة والعشرين؟
يضيف الوزير الكويتي أن بلاده تحرص على ما بعد القمة أيضاً عبر وضع “آلية لتنفيذ” الإتفاقات والتفاهمات التي سيتم التوصّل إليها.
ويقول “نفكر بتعزيز الجانب الثقافي، وقضايا الشباب بشكل عام. فالأزمة العربية الراهنة كان محورها.. الشباب”! وهذا ينطبق على مشكلة “الإرهاب” الذي ضرب عدة دول عربية، “فالإرهاب يبحث دائما عن الجسم الضعيف لكي يخترقه، وفي السنوات الأخيرة تعرضت كثير من الدول العربية، للأسف، لضعف بسبب ظروف ما، واخترقها الإرهاب.”
على ماذا تراهن الكويت لإنجاح القمة؟
الرهان هو على الدور الكويتي “التاريخي” في التوسّط لحل الأزمات العربية بعيداً عن الخيارات المتطرّفة. وهذا دور عرف لبنان بعضاً منها أثناء حروبه الأهلية، وعرفه الأردن في صدامه مع المنظمات الفلسطينية. كما شهدت ليبيا بعض فصوله أثناء الثورة على القذافي حينما أرسلت الكويت سفناً محملة.. بالوقود والمساعدات الإنسانية “للشعب الليبي”.
وتراهن الكويت على دور الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، الذي كان طويلاً “عميد الديبلوماسية العالمية”، حينما شغل منصب وزير خارجية بلاده منذ العام ١٩٦٣ وحتى العام
٢٠٠٣!
عين الكويت على الخلافات العربية التي “تجاوزت المألوف” (حتى في الخليج الميّال إلى “التحفّظ”..)، وعينها على ردود فعل العالم على انقسامات العرب وعلى وباء “الإرهاب” الذي يصم العرب كلهم.
ينهي وزير الإعلام الكويتي حديثه مع الصحفيين العرب بالدعوة إلى التفاؤل. فـ”الشيخ صباح” سيركّز على “الإيجابيات” التي يمكن أن تسمح بتحقيق تفاهمات تحمي الساحة العربية من انكشافها الحالي أمام كل التدخلات الخارجية.
وموعد “القمة الـ٢٥” بعد أربعة أيام.