عقب الإطاحة بالرئيس المصري محمد مرسي في الصيف الماضي، حذّر المحللون من احتمال قيام جماعة «الإخوان المسلمين» باعتناق الجهاد بعد تجريدها من السلطة. وقد جادل البعض، بأن الإطاحة بحكومة إسلامية منتخبة سوف تدفع «الجماعة» إلى التخلي عن الإجراءات الديمقراطية التي لم تقبل بها سوى مؤخراً، والعمل، بدلاً من ذلك، على تقديم رؤيتها الدينية من خلال القيام بأعمال إرهابية مشابهة لتلك التي يقوم بها تنظيم «القاعدة». ومع ذلك، فبعد مرور ما يقرب من ثمانية أشهر، لم تتجسد بعد تلك التوقعات. وفي حين قتل المتشددون في سيناء أكثر من 300 من ضباط الجيش والشرطة منذ تموز/يوليو، هناك القليل من الأدلة عن انضمام العديد من أعضاء «الإخوان»، إن وجدوا، إلى صفوف الجهاديين.
بيد أنه في ظل القمع الذي أودى بحياة ما يزيد عن 1000 شخص من أنصار مرسي، فإن أعضاء «الإخوان» لا يديرون خدهم الآخر إلى النظام. فهم يعمدون وهم مسلحون بالأسلحة الارتجالية، مثل علب الأيروسول الملتهبة وقنابل المولوتوف، إلى شن حملة من العنف المحدود ضد مختلف الأهداف الحكومية والمدنية، تهدف إلى إثارة الفوضى وبالتالي إضعاف النظام الذي أعقب الإطاحة بمرسي. والمفارقة أنهم يعتنقون نفس الأساليب التي تبناها النشطاء المناهضون لـ«الجماعة» لتقويض نفوذ مرسي بعد استيلائه على السلطة في تشرين الثاني/نوفمبر 2012.
ولتعزيز هذه المحاولات العنيفة، يستعين أعضاء «الإخوان» بأنصارهم من خلال وسائل الإعلام الاجتماعية، ويؤسسون جماعات عنف على «الفيسبوك» جذبت آلاف “المعجبين – likes”. على سبيل المثال، إذا نظرنا إلى صفحة “حركة إعدام” على «الفيسبوك»، التي تأسست في أوائل أيلول/سبتمبر وتدعو إلى موت كبار مسؤولي الأمن في مصر، نرى أنها تحث متابعيها – الذين يقرب عددهم من3,000 شخص – على حرق سيارات الشرطة. ووفقاً لعمود على الصفحة من 26 كانون الثاني/يناير، انتشر عبر الصفحات المؤيدة للجماعة على «الفيسبوك» “هناك 34,750 ضابط شرطة في مصر… 80 في المائة منهم يمتلكون سيارات….. وإذا نجحنا في استغلال وضع الفوضى الحالي وقمنا أثناء الليل…بحرق 1000 سيارة [شرطة]…فسوف تقوم الحكومة بتعويض [الضباط] بسيارات جديدة، الأمر الذي سيسبب خللاً في الميزانية وغضباً شعبياً… أو ستتركهم بدون سيارات مثل بقية السكان، وسوف يكون لذلك أثر كبير على معنوياتهم وأدائهم”. وفي الواقع، أن سيارات الشرطة أصبحت على ما يبدو الأهداف الأكثر شيوعاً لهذه الجماعات.
ومن بين جماعات الـ«فيسبوك» العنيفة المناصرة لـ «الإخوان» والأكثر شهرة بينهم هي “حركة مولوتوف”، التي ظهرت في أواخر 2013. فبالإضافة إلى نشرها صوراً للهجمات، فإنها توفر تعليمات حول كيفية خلط قنابل المولوتوف، وإنشاء قاذفات لقنابل المولوتوف، واستخدام طفايات الحريق كسلاح. وقد ذاع صيت هذه الحركة في أواخر كانون الثاني/يناير عندما تبنت سلسلة من حوادث الحرق المتعمد، وتفيد التقارير أنه كان لديها أكثر من 70,000 “متابع -followers ” حينما أقدمت شركة «فيسبوك» على إغلاقها لتحريضها على “أعمال التخريب” في منتصف شباط/فبراير. ومع ذلك، نجحت “حركة مولوتوف” في إعادة تكوين نفسها سريعاً حيث أنشأت العديد من صفحات الـ «فيسبوك» ذات التوجهات الإقليمية والتي أعلنت مسؤوليتها عن حرق نقطة تفتيش في “مدينة 6 أكتوبر” في 18 شباط/فبراير، ومركز للشرطة في الإسكندرية في 19 شباط/فبراير، وثلاث سيارات تابعة لضابط برتبة رائد في شرطة الجيزة في 21 شباط/فبراير، من بين حوادث أخرى.
وعلى الرغم من أن شركة «فيسبوك» والحكومة المصرية تبذلان أفضل ما بوسعهما لاحتواء هذه الجماعات العنيفة إلا أنهما تواجهان صعوبات في ذلك، لأن أعضاء «الإخوان» يستطيعون دائماً تأسيس صفحات جديدة على الـ«فيسبوك» والإعلان عنها من خلال صفحات أخرى موالية لـ«الجماعة». وهذا ما حدث تحديداً عقب اعتقال ثمانية نشطاء مزعومين من “حركة مولوتوف” في 24 شباط/فبراير: فمع تباطؤ نشاط «الجماعة» بشكل كبير، انتقل محتوى «الإخوان» المحرض على العنف بكل بساطة إلى صفحات أخرى موالية لـ «الجماعة»، مثل “مصر الإسلامية” (التي حصدت 554,000 “مُعجب – “likes) و”حركة 18″ (التي حصدت 58,000 ” مُعجب – “likes)، وتشيد هاتان الصفحتان بالهجمات على سيارات الشرطة وسيارات المحطات التلفزيونية، والطرق، وحتى حفلة خطوبة لابن ضابط برتبة لواء في الجيش المصري. كما تشجع هذه الصفحات أعضاء «الجماعة» على مواصلة محاربة النظام الحالي، وكثيراً ما تُلهم «الإخوان» باقتباساتها من سيد قطب ونشرها صور لمقاتلي «حماس».
ومن الناحية الفنية، تتركز أهداف شباب «الإخوان» على الأصول المادية، وليس الأرواح. وبطبيعة الحال هذا تمييز زائف بالكلية، حيث قد يُقتل الأشخاص عندما يتم قذف عبوة ناسفة، لكن هذه هي الطريقة التي يسوغ بها أعضاء «الجماعة» سلوكياتهم لأنفسهم ولآخرين. ووفقاً لما صرح به شباب «الإخوان»، الذين حرقوا منزل ضابط شرطة، لمراسلة “ماكلاتشي” نانسي يوسف، “حاولنا ألا نقتل أحداً…فما نقوم به هو مجرد لكمة لتخويفهم”. ومع ذلك دعت جماعات منتسبة إلى «الإخوان» من على الـ «فيسبوك»، إلى استهداف الأفراد بشكل مباشر، بما في ذلك [القيام بعمليات] اغتيال.
ومن بين الحركات التي تبرز في هذا الصدد هي “حركة الخفاش”، التي لديها ما يقرب من 1,900 “مُعجب – likes” وتستوحي فكرتها من فكرة الرجل الخفاش أو “الباتمان”. وقد دعت أتباعها إلى ضرب مصور تلفزيوني، تدّعي أنه يقوم بالتجسس لصالح أجهزة المخابرات الداخلية؛ وأعطت عنوان منزل ورقم هاتف ضابط في أمن الدولة اتهمته بقتل متظاهرين؛ ونشرت قائمة بأسماء ضباط شرطة في أسيوط، قالت إنهم مطلوبين “أحياءً أو أموات”.
كما أن “كتائب الشهيد” هي جماعة أخرى أكثر إثارة للقلق. فقد حذرت في أول بيان لها – نشرته “حركة مولوتوف” في 10 شباط/فبراير – من أنها سوف تلاحق “جميع من اشتركوا في قتل الشهداء منذ بداية الإنقلاب حتى يومنا هذا”، مدعية أن لديها عناوين أولئك الذين كانت تهدف استهدافهم. وبعدها بستة أيام، أعلنت الجماعة عن قتلها “بلطجي” مزعوم في المنصورة، وقامت بتأسيس صفحة لها على الـ «فيسبوك» في 1 آذار/مارس، ووعدت “بالثأر” في أول منشور أصدرته.
ويرجح أن يستمر هذا العنف المحدود لأجل غير مسمى ويزداد سوءاً، لأنه من غير المرجح أن يجد شباب «الإخوان» طرقاً أخرى أكثر رسمية لتعزيز أيديولوجيتهم في أي وقت قريب. وتخشى الحكومة المصرية المدعومة من الجيش من أن سماحها لـ«الجماعة» بالمشاركة في الحياة السياسية سوف يمكنها من العودة إلى السلطة والبحث عن الانتقام، وعلى نفس المنوال فإن أعضاء «الإخوان» غير مستعدين للمشاركة في المرحلة الانتقالية الحالية، وبالتالي قبول الإطاحة بمرسي. ومن ثم فإن النتيجة الأكثر احتمالاً، على الأقل في المدى القصير، هي وجود حالة من الجمود غير المريح الذي يدعو إلى اليأس: إن جماعة «الإخوان» لا تستطيع هزيمة النظام الذي أعقب الإطاحة بمرسي من خلال استراتيجيتها الحالية، كما لا يستطيع النظام إنجاز أي شيء يقرّب البلاد من الاستقرار.
نيو ريپبليك
إريك تراجر هو زميل واغنر في معهد واشنطن.