من يتابع النقاش الساخن في الثلاثية الخشبية واصرار أهل السلاح عليها يخال ان غيابها عن البيان الوزاري يجعل “حزب التسلط”، يسلّم سلاحه لقرار السلطة، ويتحول من اداة لاستراتيجية اقليمية، الى شريك فاعل في الارادة الوطنية.
يعرف الحزب وخصومه ان كل ذلك من التهيوءات، على الأقل راهنا. أولاً لأن راعيه الإقليمي يستخدمه لانتزاع دور مقرر في المنطقة، في مرحلة تلي مفاوضاته في الملف النووي. وثانيا، ان هذا السلاح أنقذ، لإيران، الأسد من السقوط، وثالثا ان الحزب وسلاحه ليسا سوى جزء من منظومة تمتد من حوثيي اليمن الى لواء ابو الفضل العباس ورئيس الوزراء نوري المالكي في العراق، وغيرهم من ادوات التفجيرات الموضعية في العالم العربي، بهدف فرض هوية عليه، تنقض هويته، اتخذت الإسلام غلالة انكشفت اليوم عن طموحات قومية مذهبية وشوفينية مناقضة.
يعرف الحزب، ايضا، ان الثلاثية لم تغير في الموقف الدولي من سلاحه، ودوره. فمن “اتفاق الطائف” الى القرارات الأممية، التي انطلقت بالقرار 1559، وصولا الى مراجعات أمين عام الأمم المتحدة الدورية لتطبيق القرار 1701، لا يخرج نص من نيويورك، ومن اي لقاء مع اي جهة دولية، إلا ويكون التشديد على سلطة الشرعية وجيشها واضحا.
ويعرف الحزب ان “مقاومته” لم تعد تنطلي على اللبنانيين، منذ انسحاب الاحتلال سنة 2000، ومباركة إميل لحود الخط الأزرق. وتكرس الأمرفي 7 أيار 2008، يوم واجهتهم ميليشياه بسلاح ايّدوه في وجه الاسرائيلي، ليفاجأوا به غير مقصر في وجههم. حتى مؤيديه، باتوا يرون فيه سلاح أرجحية مذهبية لتغيير التوازنات، امتد دوره الى سوريا، ضد شعبها المظلوم، تنفيذا لقرار الولي الفقيه.
كما يعرف الحزب أن لا وجه مقارنة بين صورته اليوم، وما كان عليه يوم انتزع الرئيس الشهيد رفيق الحريري تفاهم نيسان 1996 ومنحه شرعية المقاومة.
ولأن الحزب يعرف، ان اللبنانيين يعرفون كل ذلك، حاول استغباء الرأي العام مرات عدة، لثبيت وظيفة سلاحه، فزعم ان “اتفاق الطائف” ينص على شرعية مقاومته، لينتهي، هذه الأيام، الى زعم أنها “مندكة في الميثاق الوطني”.
اذا، لم الاصرار؟ لتثبيت “وظيفة” السلاح الداخلية بحجة مواجهة العدو، وتحويل “المقاومة” من حالة الى دور أبدي لـ”البيئة الحاضنة”، تفرض به معادلات داخلية، على رأسها المثالثة، انتظارا للآتي اقليميا، ولو اقتضى الأمر تهشيم موقع رئاسة الجمهورية، الذي يريده عون قويا، لكن ليس في وجه حليف “الوثيقة”.
للمصادفة، تواكبت المماحكة مع الإعتداء الإسرائيلي على البقاع. وهذه ليست حجة للمقاومة، بل ضدها. فهي حين لا تقاوم إذ يعتدى على السيادة، فمتى تقاوم؟ طبعا، على الطريقة الأسدية المُعمّرة منذ 1973 “في المكان والزمان المناسبين”.
إذا، “أبشر بطول سلامة يا مربع”.
Rached.fayed@annahar.com.lb