أمس، قام الطيران الإسرائيلي بشن غارات ضد مواقع في الأراضي اللبنانية. وحتى الآن، لم يصدر عن قيادة الجيش اللبناني، وعن حكومة لبنان (حكومتيه)، وعن رئاسة الجمهورية، أي بيان يؤكّد أو ينفي الخبر، ويشرح للمواطنين أسباب الغارة، وما ألحقته من خسائر!
الدولة اللبنانية، وجيشها، “نأيا بأنفسهما” عن ضربة عسكرية وجّهتها إسرائيل داخل الأراضي اللبنانية! وكأن الدولة اللبنانية “تنازلت” عن “سيادتها” في “السلسلة الشرقية” الفاصلة بين لبنان وسوريا لحزب الله وإيران ونظام بشّار الأسد! فإذا أراد “فيلق القدس” أن “يهرّب” بضعة صواريخ لتابعه في لبنان، فهذا شأن “يمر فوق رؤوس اللبنانيين” الذين “يُفتَرَض بهم” أن يندّوا بـ”العدوان الإسرائيلي الغاشم”، حتى لو كان ردّاً على احتلال إيراني “أغشم”!
وهذا كله يذكّر بـ”اتفاق القاهرة” الشهير الذي وقّعه قائد للجيش كان يطمح لرئاسة الجمهورية. فخسر “السيادة” ولم يربح “الكرسي”!
*
رغم الاجواء الايجابية التي رافقت تشكيل الحكومة اللبنانية الاخيرة، إلا أن البيان الوزاري ما زال متعثرا في ظل تمسك قوى 8 و 14 آذار، بمواقفهما المعلنة بشأن ما سيتضمنه. قوى 14 آذار تصرّ على عدم تضمين البيان ثلاثية “الشعب والجيش والمقاومة”، وعلى إقرار “إعلان بعبدا” في صلب البيان الوزاري، في حين تطالب قوى 8 آذار بالتغاضي عن “إعلان بعبدا” والحفاظ على “الثلاثية”.
وفي ظل تعثر صدور البيان الى الآن، يسعى الوزير وائل ابو فاعور الى إجتراح صيغ بيانات على الطريقة اللبنانية، في ما يعرف بـ”تدوير الزوايا”، إلا أن محاولاته باءت بالفشل حتى الآن.
وتشير معلومات ان من بين الصيغ المتداولة، إستبدال ثلاثية “حزب الله”، بـ”حق لبنان واللبنانيين” في مقاومة الاحتلال الاسرائيلي، واستعادة الاراضي اللبنانية المحتلة في مزارع شبعا وقرية الغجر، وتلال كفرشوبا، على ان يتضمن البيان أيضا إقرار الحكومة لجميع بنود “طاولة الحوار” ومن بينها الجلسة التي أقرت إعلان بعبدا، من دون ان يتم التطرق الى الإعلان صراحة!
وتضيف ان هذه الصيغة لم ترضِ “حزب الله” لانها تسمح لاي طرف لبناني باقتناء السلاح، تحت بند مقاومة إسرائيل وتحرير الاراضي اللبنانية، كما انها تلزم الحزب الالهي بمقررات جلسات طاولة الحوار، تلك التي تم الاتفاق عليها، تحديدا، لجهة سحب السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، وصولا الى إعلان بعبدا.
مصادر في قوى 14 آذار تخوفت من تنازلات يقدم عليها الاطراف المسيحية المشاركة في الحكومة، مشيرة الى ان ثلاثة أطراف مسيحية تشارك في حكومة سلام، هي حزب الكتائب اللبنانية، والتيار العوني، والمسيحيين المستقلون. والاطراف الثلاثة تسعى للوصول الى منصب رئاسة الجمهورية! وهذه الاطراف سوف تسعى من خلال مشاركتها في الحكومة الى استرضاء الفرقاء الآخرين،و تحديدا “حزب الله”، من اجل تعزيز فرص الفوز بالانتخابات الرئاسية.
وهذا ما انعكس سلبا على إصدار البيان الوزاري، بحيث امعنت هذه الاطراف في تنازلاتها، الامر الذي دفع الرئيس سليمان الى التشدد والمطالبة بإدراج إعلان بعبدا في متن البيان الوزاري، ما أعاد النقاش في صيغة البيان الى المربع الاول.
وشبهت المصادر في قوى 14 آذار التنازلات التي أبدت الاطراف المسيحية استعدادها لتقديمها بأنها تشبه “إتفاق القاهرة” السيء السمعة الذي شرّع السلاح الفلسطيني في لبنان وأدخل البلاد في أتون حرب اهلية.