لم يعد الصمت مجديا تجاه طرابلس، بعدما تحول الاهتمام الى تعداد الجولات، والضحايا، وتقبّل المزاعم الكاذبة التي يحولها التكرار الى مسلمات.
من الأخيرة، قبول منطق اعتداء الخروف على الذئب، واتهامه بتعكير مياه النبع، لوقوفه عند اسفل الساقية. وفق ذلك تصبح باب التبانة الواقعة أسفل جبل محسن، معتدية على أهاليه، ويصبح من يستظل صور بشار الأسد وحافظ، صاحب حق في تهديد الجيش والأهالي، كما يسطّر “الشبيحة” باسم “ولاية الدم” “بطولة” اطلاق النار على اقدام ابناء جبل محسن.
لا تليق البراءة بهذا الفريق أو ذاك. تحديداً عندما يسود منطق الدم، فيستدعي الفعل رد فعل. لكن يليق التساؤل عن منطق الدولة في التفرج، ممثلة، بالجيش وقوى الامن. فترك الجولات تتتالى يجعل منطقيا السؤال، الى أين؟
تتفرج الدولة التي فتت “الحزب المتسلط” هيبتها وقدرتها، سواء أقر بذلك، أم رفض، وسواء اعترف بأن سلاحه لم يعد مقاوما أو لم يعترف، وسواء فضح مشاركته أو تكتم و كذّب الاخبار.
هل الهدف ربط طرابلس، بالأزمة السورية، خصوصا ان 8 آذار، حزبا وهوامش، لا تنفك تطلق دخان التكفيريين و “داعش” و “النصرة”، لتغطي حلفاءها، جولة بعد جولة.
وهل يكرر “الحزب المتسلط” سيناريو حرب تموز 2006، يوم غطى التصعيد “النووي” الايراني في وجه “المجتمع الدولي”، بخطف الجنود الاسرائيليين، بأن يصعد حلفاؤه، أزلام النظام السوري، في الشمال لينشغل المجتمع المذكور، عن الأسد، بلبنان الذي لا ينفك يكرر حرصه على استقراره؟ وكيف إذا روجت الأبواق الحليفة إدعاءات قتال متشددين إسلاميين،يغطون باستعراضات دموية غبية جرائم الأسد ونظامه، على فظاعتها.
ايا يكن، يبقى مفتاح الحل، عند الدولة، التي ترقم الجولات والضحايا، ولو بذلت جهدا، لانكشف لها ان الغالبية المطلقة منهم ليست من جبل محسن “المعتدى عليه” زعما(!).
لم يكذب جيلنا يوم كان يتهم الدولة بانها دولة بيروت وجبل لبنان. فمنذ الاستقلال، وهي تترك الجنوب وبعض البقاع لفلسطين، والبعض الاكبر من المحافظة المذكورة، ومعه الشمال، لسوريا. حتى ان بلدات كانت تتعامل، بعد الاستقلال، بالعملة السورية، وترتبط بها تجاريا، ومعيشيا.
لكن الجنوب، و بـ”فضل” الاعتداءات الاسرائيلية، عوّض ما فاته من الدولة، وحوّله القرار 1701 الى جنة أمان دولي، بعد اعادة اعماره بأموال المساعدات العربية والدولية، فيما البقاع والشمال، زادا تخلفا، ورمى نظام الوصاية حقده على طرابلس ، بسبب انتصارها لياسر عرفات، زعيم المقاومة الفلسطينية، في وجهه، وسلّط “طفيلييه” على أمنها وأمانها، ولمّا يزل.
السياسة جنت على طرابلس، وتجني، وهذه لا تكون جريمة إلا في غياب الانماء، والدورة الاقتصادية المنتجة.
إذا لم يتأمن ذلك بوجود 3 وزراء ورئيسهم، فمع من سيتأمن؟
rached.fayed@annahar.com.lb