قبل أن تبدأ “حفلة الإتهامات”، وقبل صدور “نفي” من هنا أو “تهرّب” من هناك، فقد يكون مفيداً التذكير بـ”مبادرة السلام العربية”، التي صدرت، من بيروت بالذات، في العام ٢٠٠٢، أي قبل ١١ عاماً من توقيع الإتفاق الغربي-الإيراني في جنيف قبل أسبوعين. وكانت مبادرة الملك عبدالله بن عبد العزيز بالذات.
تلك المبادرة، التي وافقت عليها كل الدول العربية وخصوصاً ممثلو الشعب الفلسطيني، ورفضتها حكومة شارون في حينه، تضع شروطاً تمهّد لـ”اعتبار النزاع العربي الإسرائيلي منتهيا، والدخول في اتفاقية سلام بينها وبين إسرائيل مع تحقيق الأمن لجميع دول المنطقة”، وأيضاً لـ”إنشاء علاقات طبيعية مع إسرائيل في إطار هذا السلام الشامل”!
وكل استطلاعات الرأي الحديثة في الضفة الغربية أظهرت أن أغلبية الفلسطينيين ترغب في “السلام” وليس في استمرار الصراع المدمّر إلى ما لا نهاية! وقد يكون مفيداً التذكير بـ”بديهية” أن “القضية الفلسطينية” هي قضية شعب فلسطين قبل أن تكون قضية الإيراني والإندونيسي واللبناني والسعودي و..!
وهذا ما أثبتته أيضاً “الثورات العربية” التي لم ترفع أي منها، لا في تونس ولا في مصر ولا في ليبيا ولا في اليمن ولا في سوريا، شعار “تحرير فلسطين”!
المشكلة ليست في أن إسرائيل “راكضة” وراء السلام، والعرب ضد السلام. المشكلة الحقيقية هي أن حكومة نتنياهو، من وجهة نظر العرب وكثير من الإسرائيليين، وحتى من وجهة نظر مسؤولين أميركيين، لا ترغب بـ”السلام الآن”!
شمعون بيريس قد يكون “أفضل الموجود” بين السياسيين الإسرائيليين، ولذلك يفيد الإستماع له والتحاور معه، كما كان يفعل ياسر عرفات وكما يفعل أبو مازن وغيره اليوم.
نظام “ولاية الفقيه” يملك الوقت، كل الوقت الذي يمتدّ لآلاف أخرى من السنين، بانتظار “عودة المهدي”! خصوصاً أن “من يعد العصي ليس كمن يذوقها”، وهم في هذه الحالة العرب والفلسطينيين خصوصاً! وهذا لم يمنعهم من “التعامل مع إسرائيل” والحصول على صواريخ وذخائر إسرائيلية أثناء حربهم مع العراق. كما لم يمنع شركة النفط الوطنية الإيرانية من مواصلة تزويد إسرائيل بالنفط، بعد سقوط الشاه، عبر شركة “مارك ريش” السويسرية وبواسطة شركة وهمية في إفريقيا (سيعود “الشفاف” إلى هذا الملف قريباً).
وهذا كله بغض النظر عن أي اتفاق أميركي-إيراني! أما وقد بدأت ملامح “الصفقة” الشهيرة التي يروّج لها نظام الملات منذ سنوات، وموضوعها “مكانة إيران في المنطقة”، والتي لا تختلف كثيراً عن نظرية “شرطي الخليج” التي روّج لها آخر شاهات إيران، فإن السلام العربي-الإٍسرائيلي يصبح أكثر إلحاحاً.
أن يحاور مسؤولون عرب شمعون بيريس، لم لا؟
بيار عقل
*
تحدث عبر الفيديو إلى 29 وزير خارجية في أبو ظبي
بيريس محاوراً دولاً عربية وخليجية: عدوّنا المشترك… إيران والتطرف الإسلامي
كتبت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الاسرائيلية أمس، ان الرئيس الاسرائيلي، شمعون بيريس، ألقى خطابا أمام 29 وزير خارجية دولة عربية واسلامية، اضافة الى مسؤولين اخرين بينهم نجل خادم الحرمين الملك عبد الله بن عبدالعزيز، خلال اجتماعهم في أبوظبي قبل أسبوعين، وقال لهم: «ان عدونا المشترك هو إيران والتطرف الإسلامي».
وأضافت الصحيفة، أن بيريس، ألقى خطابه عبر دائرة تلفزيونية مغلقة (فيديو كونفيرنس) من مكتبه في القدس وبشكل مباشر أمام وزراء الخارجية في أبو ظبي، وأن مساعد الأمين العام للأمم المتحدة، تيري رود لارسن، الذي تواجد في الاجتماع هو الذي تحدث الى بيريس.
وشارك في اجتماع أبو ظبي وزراء خارجية البحرين، والامارات العربية المتحدة، وعمان، واليمن، وقطر، وكذلك وزراء خارجية دول عربية واسلامية أخرى بينها اندونيسيا، وماليزيا، وبنغلاديش، كما حضر الاجتماع المبعوث الخاص للادارة الأميركية الى المفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية، مارتن انديك.
ووفقا للصحيفة، فان لارسن كان جالسا في المنصة وهو الذي حاور بيريس، الذي تحدث بشكل مباشر معه والى وزراء الخارجية، لكن بموجب اتفاق مسبق لم يوجه وزراء خارجية الدول العربية والاسلامية أسئلة مباشرة الى بيريس وانما الى لارسن.
وقالت «يديعوت» ان منظمي الاجتماع وافقوا على أن تتم دعوة بيريس للتحدث في الاجتماع شرط ألا يتم تسريب مضمون حديثه الى وسائل الاعلام.
واعتبرت الصحيفة أن دعوة بيريس للتحدث أمام اجتماع وزراء الخارجية يدل على الأهمية التي يولونها له ولدولة اسرائيل، «خصوصاً في الوقت الذي يوجد فيه عدو مشترك هو إيران» حسب الصحيفة التي أشارت الى أنه عندما تحدث بيريس لم يغادر أحد من وزراء الخارجية قاعة الاجتماع، بل صفقوا له في نهاية خطابه.
وذكرت أن المحلل في صحيفة «نيويورك تايمز» توماس فريدمان، الذي حضر الاجتماع في أبوظبي، هو الذي كشف عن خطاب بيريس أمام وزراء الخارجية لكن لم يكشف عما دار فيه.
وقالت الصحيفة ان بيريس قال انه «بامكان اسرائيل أن تكون عاملاً مساعداً في الشرق الأوسط» وأنه «توجد فرصة للحوار في ضوء الهدف المشترك، وهو النضال ضد التطرف الاسلامي والنووي الإيراني» وعرض رؤيته لسلام عالمي.
الرأي
***
النص الكامل لمبادرة السلام العربية لعام 2002
في ما يلي النص الحرفي لمبادرة السلام العربية التي أطلقت في قمة بيروت العربية عام 2002 والتي من المتوقع أن تعيد قمة الرياض التأكيد عليها:
– “إن مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة المنعقد في دورته العادية الـ14 إذ يؤكد ما أقره مؤتمر القمة العربي غير العادي في القاهرة في يونيو/ حزيران 1996 من أن السلام العادل والشامل خيار إستراتيجي للدول العربية يتحقق في ظل الشرعية الدولية، ويستوجب التزاما مقابلا تؤكده إسرائيل في هذا الصدد.
– وبعد أن استمع إلى كلمة صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز، ولي عهد المملكة العربية السعودية، التي أعلن من خلالها مبادرته داعيا إلى انسحاب إسرائيل الكامل من جميع الأراضي العربية المحتلة منذ 1967، تنفيذا لقراري مجلس الأمن (242 و338) واللذين عززتهما قرارات مؤتمر مدريد عام 1991 ومبدا الأرض مقابل السلام، وإلى قبولها قيام دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة وعاصمتها القدس الشرقية. وذلك مقابل قيام الدول العربية بإنشاء علاقات طبيعية في إطار سلام شامل مع إسرائيل.
وانطلاقا من اقتناع الدول العربية بأن الحل العسكري للنزاع لم يحقق السلام أو الأمن لأي من الإطراف:
1- يطلب المجلس من إسرائيل إعادة النظر في سياساتها، وأن تجنح للسلم معلنة أن السلام العادل هو خيارها الإستراتيجي أيضا.
2- كما يطالبها القيام بما يلي:
أ – الانسحاب الكامل من الأراضي العربية المحتلة بما في ذلك الجولان السوري وحتى خط الرابع من يونيو/حزيران 1967، والأراضي التي مازالت محتلة في جنوب لبنان.
ب- التوصل إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين يتفق عليه وفقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194.
ج- قبول قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ الرابع من يونيو/حزيران 1967 في الضفة الغربية وقطاع غزة وتكون عاصمتها القدس الشرقية.
3- عندئذ تقوم الدول العربية بما يلي:
أ – اعتبار النزاع العربي الإسرائيلي منتهيا، والدخول في اتفاقية سلام بينها وبين إسرائيل مع تحقيق الأمن لجميع دول المنطقة.
ب- إنشاء علاقات طبيعية مع إسرائيل في إطار هذا السلام الشامل.
4- ضمان رفض كل أشكال التوطين الفلسطيني الذي يتنافى والوضع الخاص في البلدان العربية المضيفة.
5- يدعو المجلس حكومة إسرائيل والإسرائيليين جميعا إلى قبول هذه المبادرة المبينة أعلاه حماية لفرص السلام وحقنا للدماء، بما يمكن الدول العربية واسرائيل من العيش في سلام جنبا إلى جنب، ويوفر للأجيال القادمة مستقبلا آمنا يسوده الرخاء والاستقرار.
6- يدعو المجلس المجتمع الدولي بكل دوله ومنظماته إلى دعم هذه المبادرة.
7- يطلب المجلس من رئاسته تشكيل لجنة خاصة من عدد من الدول الأعضاء المعنية والأمين العام لإجراء الاتصالات اللازمة بهذه المبادرة والعمل على تأكيد دعمها على كافة المستويات وفي مقدمتها الأمم المتحدة ومجلس الأمن والولايات المتحدة والاتحاد الروسي والدول الإسلامية والاتحاد الأوروبي”.