ما الذي يجمع بين محمد رعد ومعمر القذافي؟
وما الفرق بين “زنقة زنقة” و”الجرذان” وبين “قطع الايدي” “و العملاء”؟
لا فرق، بل جمع. فالمصدر واحد: وهْم القوة المطلقة، وحلم الانتصار، والصراخ، تغطية على مأزق، او على التيه امام الصدمة. والمنفذ، في الحالتين، إما الرضوخ للواقع، وإما زعم الانتصار عليه.
يذكر ذلك، بمشهد جيش الأسد الأب يغادر لبنان عام 1982، تحت ضغط الاجتياح الاسرائيلي، رافعاً رايات النصر. تكرر المشهد في 26 نيسان 2005، عند هزيمة الوصاية الأسدية أمام الإجماع الوطني اللبناني الذي اطلقه اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
الديكتاتور الليبي القذافي لم يبعد عن ذلك: زاد إدعاؤه القوة ارتفاعا، وألفاظه بذاءة، مع تزايد انهيار سلطته. لم يختلف عنه علي عبدالله صالح، اليمني، سوى بالنجاة بنفسه في اللحظة الاخيرة. وإلى هذين، يضيف التاريخ، مهازل تهيؤات مماثلة لديكتاتوريي اميركا الللاتينية وافريقيا، قبل أن يزبلهم الزمن.
يدفع الى هذه الذكريات ، صراخ “الحزب المتسلط”. فبعد خيبة تفاؤله بنصر ايراني في المفاوضات “النووية”، وجد نفسه امام جدار الحقائق اللبنانية التاريخية، التي تُجهض، ولو في اللحظة الاخيرة، كل انتظاراته.
في طليعة هذه الحقائق، أن لا أحد يستطيع، مهما اشتدت قدرته، وتراكم سلاحه، ان يفرض ما لا يقره التوازن الوطني. يستوي في ذلك ما يفرضه احتلال اسرائيلي، أو وصاية أسدية، أو تسليح ايراني وولاية فقيه. فكيف وقد سقطت تفاؤلات هذا الحزب في خانة “الرهانات الخاطئة”: من الترويج لاشتباك اميركي – سعودي، وتناقض بين الرياض والدوحة اسقط زعمه امير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في خطاب افتتاح دورة مجلس الشورى في بلاده، انتهاء بمحاولة إيهام اللبنانين بانهم أمام الفرصة الأخيرة، قبل “دفعه” الى قطع الايدي.
في مأزقه هذا، يفتش الحزب عن مخارج لعقد اخرى سيواجهها قريباً. منها المحكمة الدولية التي سيربطها، في يوم آت، بـ”اكتشاف” رئيس مجلس النواب (وليس الوزير المختص!) اجهزة تنصت اسرائيلية على الاتصالات اللبنانية.
المأزق نفسه ذكَر الحزب بحليفه العوني، فاستقبل نائب امينه العام (شخصيا) وفدا من التيار، لا يضم مسؤولاً في مستوى تمثيله، ولا يقترب منه. وحفلت التصريحات بدفاع مفتعل، عن متانة العلاقات. ولا يبعد عن هذا “التحصن” عراضات الدواليب النارية عند اطراف “المناطق المسيحية” لتذكير الحليف بـ”حماية” “وثيقة التفاهم”، وتنبيه الخصم الى أن يد السلاح طويلة.
ما يستعجله الحزب المعلوم، فرض أعراف جديدة على بنية الدولة اللبنانية،، تعطيه وضعا فيديراليا، في نظام غير فيديرالي، قبل أن يخرج الدخان الأبيض من اجتماعي جنيف النووي والسوري.
أول الغيث، أوركسترا الزعم التي انطلقت، أمس، أن مقاومته بند في الميثاق الوطني.
وحده يقرأ الممحي!
rached.fayed@annahar.com.lb
بيروت