كشف غرق لبنانيين، كـ”مهاجرين غير شرعيين” الى القارة الاوسترالية عورات بنيوية لبنانية، من نتائجها غرق المواطنين اللبنانيين، الذين لم يٌغرِّر بهم احد، بل ذهبوا بملء إرادتهم الى حتفهم. وهم دفعوا ما جمعوه، او ثمن ما باعوه، لينطلقوا في مغامرتهم غير محسوبة العواقب!
اول العورات، هو عدم معرفة وزارة الخارجية اللبنانية بحجم التمثيل الديبلوماسي بين لبنان واندونيسيا!
ففي اعقاب الإعلان عن غرق اللبنانيين، بدأ البحث عن الصفة التمثيلية التي للبنان في اندونيسيا، واستمر البحث لاكثر من سبع ساعات قبل ان يدرك الوزير الهمام عدنان منصور، عدم وجود سفير لبناني في اندونيسيا بل قائم بأعمال السفير، وهي السيدة جوانا قزي. وذلك في اعقاب وصول الاخيرة الى الساحل الذي غرقت فيه العبارة، وإدلائها بتصريح، فيما كانت عمليات إنتشال الجثث والناجين تسير على قدم وساق.
السيدة قزي وصلت الى الساحل الاندونيسي خالية الوفاض، ولم تستطع ان تقدم للناجين سوى الدعم المعنوي فقط! علما ان معظمهم كان بحاجة الى مأوى، والى حماية من الاعتقال، خصوصا ان من بينهم من انتهت مهلة التأشيرة الممنوحة له، ويقيم بطريقة غير شرعية في اندونيسيا في إنتظار “العبّارة” التي ستقله الى ارض الاحلام.
العورة الثانية، وتتمثل بشبكات تسهيل الهجرة غير الشرعية، من لبنان الى اوستراليا وسواها، وهي شبكات تمتد على طول الاراضي اللبنانية وعرضها، وبقيت غائبة عن أعين الاجهزة الامنية اللبنانية لحين حصول كارثة الغرق.
العورة الثالث، هي جهل المهاجرين غير الشرعيين، بالتحولات السياسية في اوستراليا. فقد فاز في الانتخابات التشريعية الاخيرة، حزب الاحرار، وكان عماد خطابه الانتخابي، وقف الهجرة غير الشرعية الى اوستراليا، خصوصا العربية منها. وترفض السلطات الاوسترالية الجديدة بشكل قاطع التعاطي مع هؤلاء المهاجرين غير الشرعيين بوصفهم “أمراً واقعا”. وبناءً عليه، فإن السلطات الاوسترالية ستلجأ الى عزل هؤلاء، في حال تمكنوا من بلوغ الساحل الاوسترالي، في جزيرة نائية تدعى غينيا بابوا وتبقيهم هناك الى اجل غير مسمى من دون ان تمنحهم اي حقوق.
اما العورة الرابعة، وهي ما لم يذكره احد، وما بدا واضحا من المقابلات التي اجريت مع أقرباء المهاجرين غير الشرعيين من قرى عكار، فقد بدت منازل هؤلاء على يسر حال، ولا تشي بحال فقر مدقع، يدفعهم الى الهجرة!
فقد لعب “الطمع” دورا اساسيا في قرار الهجرة، للاستفادة من القوانين الغربية، خصوصا في حالة العائلات كبيرة العدد، حيث تتحمل دول الهجرة اعباء هذه العائلات وتكاليف التعليم والطبابة وسواها إضافة الى اجر شهري يُدفع لرب العائلة الى حين تأمين عمل له. فضلا عن ان مهاجرين غير شرعيين كانوا سبقوا اقرباءهم الى اوستراليا ونجحوا في الدخول في الدورة الاقتصادية للبلاد، وأرسلوا فائضا من الاموال الى “قبعيت” وسواها، وبدأت تنتشر فيها الفيلل السكنية، ما شكل حافزا لتكرار التجربة من قبل مغامرين ارادوا التشبّه باقرباء سبقوهم الى يُسر الحال.