بعد اعتقال “الشيخ منقارة”، يبقى “بديل ميشال سماحة” الذي يمتنع “الشفاف” عن ذكر إسمه بانتظار إيداعه “النظارة”.. كما يستحق! وسنعرض “سيرته غير المشرّفة”.. بعد اعتقاله!
ما لا يعرفه “الشفاف” هو التالي: إذا كان “منقارة” اعترف بأنه كان يعرف مسبقاً بانفجاري طرابلس، فماذا عن انفجار “الرويس”؟ هل كان يعرف به مسبقاً، أم لا؟
سؤال وجيه!
*
ادعت النيابة العامة في الشمال على “الشيخين” أحمد الغريب وهاشم منقارة بتهمة التورط في التفجيرين الذين استهدفا مسجدا السلام والتقوى في مدينة طرابلس شمال لبنان، واوقعا أكثر من 50 قتيلا وإصابة 900 شخص بجراح مختلفة.
وإذا كان اسم الشيخ احمد الغريب غير مألوف شمالاً، وهو من محدثي النعمة والعهد بالتعامل مع الاستخبارات السورية كما تسرب من التحقيقات معه، إلا أن “هاشم منقارة”، إسم معروف وهو ارتبط بمجازر طالت الشيوعيين والمسيحيين وحتى السنّة العلمانيين في مدينة طرابلس وفي محلة الميناء على وجه الخصوص، منذ ثمانينات القرن الماضي.
هاشم منقاره، بدأ حياته، في اعمال السباكة، وعرف عنه التهور والنزعة الاجرامية. فالتحق بتنظيم “جند الله” الاخواني في طرابلس، بداية الحرب اللبنانية، بزعامة فواز آغا. ومع دخول “قوات الردع العربية” الى لبنان، تبخر تنظيم “جند الله”، وبدأ نجم الشيخ “سعيد شعبان” بالارتفاع في مدينة طرابلس، وأطلق عليه الطرابلسيون تسمية “سعيد ثعبان”، وهو شيخ من مواليد بلدة كفيفان قضاء البترون، اانتقل للعيش في مدينة طرابلس، وأسس حركة “التوحيد الاسلامي”، فجمع فلول جند الله، وتحالف مع الجماعة الاسلامية برئاسة المهندس عبدالله بابتي، والداعية الاسلامي فتحي يكن، وتربى الجميع على العلاقة الوطيدة مع إيران، وفي كنف منظمة التحرير الفلسطينية، التي شكلت مصدرا لتمويلهم وتعزيز قدراتهم.
حرحة فتح التي كان حضورها طاغيا في مدينة طرابلس والشمال بداية الحرب الاهلية، عملت، على الاستفادة من الجماعة الاسلامية، فسلحتها واشرفت على تدريب عناصرها، واستخدمتها في مواجهة مفتوحة مع النظام السوري، الذي كان يسعى الى مصادرة القرار الفلسطيني، بزعامة “ابو عمار”.
في ظل هذه الاجواء كان هاشم منقاره، ولم يكن شيخا بعد، في عداد عناصر “حركة التوحيد الاسلامي”، مدعوما من حركة فتح، ومن مسؤول جهاز الامن فيها في طرابلس في تلك الحقبة، المدعو “ابو منصور”.
رمى جثث الشيوعيين في البحر!
برز إسم منقاره للمرة الاولى، في العام 1983، إثر ارتكابه مجزرة في حق عناصر من الحزب الشيوعي في محلة الميناء، بتواطوء من عناصر من منظمة التحرير الفلسطينية، وجهاز امن حركة فتح الذي كان يطلق عليه تسمية “امن 17″، حيث هاجم منقاره احد مراكز الحزب الشيوعي في الميناء، وسانده من جهة البحر عناصر الـ”17” الذين قدموا من المخيمات في “البداوي” و”البارد”، وقتل 50 شيوعيا ما زال معظمهم في عداد المفقودين، حيث تفنن منقاره في إخفاء جثثهم، فلجأ الى وضع بعضهم في براميل، وصب عليها الاسمنت ورماها في البحر، في حين ربط بعض الجثث بسلاسل معدنية الى مكعبات إسمنتية ورماها أيضا في البحر!
“المينا” صار “بيشاور”!
وتفنن منقاره في تعذيب وتشويه جثث الشيوعيين قبل وبعد قتلهم، خصوصا المسيحيين من بينهم، فكان يرسم شارة الصليب برشاشه على صدورهم.
واستتب الامر لمنقاره ترهيباً لسكان الميناء بعد هذه المجزرة، فحكم المحلة على طريقة “الامر بالمعروف والنهي عن المنكر”، ناشرا في الاحياء والازقة والشوارع الرئيسية “زعرانه” باللباس الديني الباكستاني! ففرض على محلة “الميناء” ذات الاغلبية السكانية المسيحية نمطا “طالبانيا”، في اللباس والتجول ومنع بيع المشروبات الروحية، وحكم بالجلد على شاربيها، وصادر المؤسسات الرسمية وجميع مظاهر الدولة.
“منقارة” نصّب نفسه “أميراً” على محلة “الميناء” في طرابلس، وصادر المرفأ الحكومي، وبدأ يجمع ثروات مالية، الى حد تم معه تصنيفه أسرع مليونير في العالم، فجمع خلال اشهر عدة ما يقارب 35 مليون دولار، نقدا، ونشط في مجال التجارات على انواعها.
عام 1986، وإثر تفاقم الخلاف بين “ابو عمار” والنظام السوري، قررت دمشق التخلص من البؤرة الاصولية السنية في طرابلس، فحاصرت قوات الجيش السوري المدينة ومعها ما كان يعرف بالاحزاب “الوطنية والتقدمية”، وعلى راسها الحزب الشيوعي اللبناني، والحزب السوري القومي الاجتماعي، اللذين اخرجهما “ابو عمار”، و حركة التوحيد”، من طرابلس. واستطاعت القوات السورية، بعد معارك ضارية، إحكام السيطرة على المدينة، بتواطوء من الشيخ “سعيد شعبان”، الذي أمنت طهران حمايته. ففر هاشم منقارة الى جرود الضنية، حيث تمت ملاحقته والقى الجيش السوري القبض عليه بعد إصابته برشق ناري من أحد عناصر الحزب الشيوعي اللبناني الذي كان في عداد فريق الملاحقة.
الجيش السوري الذي داهم مقرات منقارة صادر منها حاويات عدة من المشروبات الروحية واصناف مختلفة من البضائع التجارية، قدرت قيمتها بملايين عدة من الدولارات، إضافة الى كميات من المال النقدي.
راتب شهري من الرئيس ميقاتي!
إحتجز منقارة في سجون النظام السوري، قرابة 14 عاما، حين لجأ رئيس حكومة تصريف الاعمال حاليا نجيب ميقاتي، ولاسباب انتخابية محلية طرابلسية، في مواجهة مع تيار “المستقبل” بزعامة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، الى الطلب من السلطات السورية، لما له من مونة عليها، الافراج عن منقارة، فأخلي سبيله، وأقله ميقاتي في سيارته، من السجن في دمشق الى طرابلس، بعد ان تعهد منقارة، بضمانة ميقاتي، على العمل مع الاستخبارات السورية، وإحياء ما استطاع من فلول عناصره ومن “حركة التوحيد الاسلامي”.
منقارة العائد بعد سجنه الطويل وجد ثروته تبعثرت ولم يستطع استعادة سوى الجزء اليسير منها. إلا انه حصل على تمويل من نجيب ميقاتي، يقال انه بدأ بـ 25 الف دولار أميركي شهريا ليتدرج نزولا الى 15 الف دولار منذ إطلاق سراحه وحتى اليوم.
منقارة، وعملا بتعليمات اسياده بعد السجن، شكل راس حربة لـ”حزب الله”، والاستخبارات السورية في مدينة طرابلس، فرفده الحزب بالسلاح، وميقاتي والاستخبارات السورية بالمال. إلا أن سيطرة تيار المستقبل على المدينة حالت دون ان يستطيع منقارة تكرار تجربته في ذبح الشيوعيين، مع تيار المستقبل! فالظروف تغيرت: لا منظمة التحرير قادرة على دعمه، والجيش السوري خرج من لبنان، فكان عليه ان يتدبر امره بنفسه بعد ان وضع يده على مسجد عيسى ابن مريم في الميناء، وجعل من المسجد مقرا له ولعناصره.
مع إغتيال اللواء الشهيد وسام الحسن، تجمع أهالي المدينة وطردوا منقارة و”زعرانه” من المسجد وأعيد تسليمه لدار الفتوى، بعد اتفاق وافق عليه منقارة ليخرج من الميناء ومن طرابلس، مقابل سلامته الجسدية.
منقارة لجأ الى الضنيه من جديد، ومن هناك أدار عمليات التخريب والبلطجة في طرابلس، ليتبين لاحقا تورطه في تفجير المسجدين فأوقفته القوى الامنية وادعى عليه القضاء.
القاتل بلباس “شيخ”: من ذبح الشيوعيين إلى تفجير مسجدي “التقوى” و”السلام”
من ادعى فعليه البرهان وقد اصبح الانسان يشك في الكثير من التصريحات فعلينا ان ننتظر الادلة