ترجمة وتحرير مصطفى اسماعيل
السيناريوهات المتعلقة بهجوم تنظيم “القاعدة” على الكرد السوريين متعددة: البعض يربط ذلك بتحضيرات “القاعدة” لإعلان إمارة في شمال سوريا، والبعض يربطها بالذكرى السنوية الأولى لإعلان مناطق الإدارة الذاتية الفعلية من قبل الكورد، وإثارة المخاوف منها.
مرة أخرى, ذاقت تركيا يوم أمس حقيقة محاولة تنظيم “القاعدة” تحويل حالة الخلايا التي لديه إلى إمارة. فكل صراع مسلح بين القوات المناوئة للنظام والكورد، ومنه الصراع المسلح في رأس العين (سري كانيه) لا يؤثر فقط على تركيا، بل ينهي أي أرضية للتعاون مع الكورد الذين أسسوا حالة من الإدارة الذاتية الفعلية على طول الشريط الحدودي مع تركيا. حزب الاتحاد الديمقراطي PYD المرتبط بحزب العمال الكردستاني أنحى باللائمة والمسؤولية على تركيا على خلفية هجوم الجماعات المسلحة على الكورد. وقد نقل إليّ الصحفي موتلو جيفيز أوغلو مستنداً إلى حديث له مع آلدار خليل عضو الهيئة الكردية العليا مزاعم تقول: “هذه المجموعات المسلحة تشن هجمات على المناطق الكردية بدعم من بعض الدول الإقليمية. في عفرين, وللمرة الثالثة في سري كانيه, وفي تل تمر, وحتى في بعض القرى التابعة لقامشلي, وهدف هذه المجموعات المهاجمة هو كسر إرادة الكورد. إن “جبهة النصرة” تشن الهجمات في روجآفا (كردستان الغربية) من أجل تأسيس سلطتها فيها. إن يوم 19 يوليو / تموز هو ذكرى إعادة الكورد السيطرة على مدنهم، وبهكذا هجمات فإن المجموعات المسلحة توجه رسالة مفادها: لن نسمح للكورد بتأسيس إدارتهم الخاصة في مناطقهم “.
سلطة الصيام في رمضان..
بحسب “وكالة هاوار للأنباء” التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي، فإن تركيا أجرت اتصالات بعد القبض في رأس العين على ثلاثة مواطنين أتراك كانوا في صفوف “جبهة النصرة”. وبحسب مصدر كردي آخر تحدثت إليه، فإن الشرارة الأساس التي أطلقت المواجهة العسكرية الأخيرة بين الطرفين هي قيام المجموعات المرتبطة بالقاعدة بفرض تفسيرها الخاص للشريعة على سكان المدينة (مدينة رأس العين). وقد كثفت “جبهة النصرة” و”دولة العراق والشام الإسلامية” كمشتقات لتنظيم “القاعدة” من دوريات جهازها البوليسي (“أمن المسلمين”) في شوارع المدينة خلال شهر رمضان، وتم اعتقال غير الصائمين ومحاكمتهم. وحين تم اعتقال بعض الكورد تدخلت حينها وحدات حماية الشعب YPG, ما اضطر “جبهة النصرة” إلى القول أن قواعدهم تسري على عرب المدينة فقط.
تم إعطاء تطمينات لتركيا..
بحسب المعلومات التي قدمها د. ناصر حاجي منصور عضو مجلس قيادة حركة المجتمع الديمقراطي TEVDEM لصحيفة “راديكال”, فإن الأزمة تصاعدت مع قيام جبهة النصرة باعتقال عناصر في وحدات حماية الشعب بحجة دخولهم إلى مناطق نفوذها. وقد نفت “جبهة النصرة” المزاعم الكردية تلك، وقالت أنها محاولة لاختلاق أزمة من أجل استرجاع الشعبية بعد قمع وحدات حماية الشعب لتظاهرات في بلدة “عامودا” الكردية يوم 27 يونيو / حزيران أدت إلى مقتل 6 متظاهرين. وقد اختتم تبادل الاتهامات بهجوم عناصر من “دولة العراق والشام الإسلامية” على مركز نسائي لوحدات الحماية الشعبية، ومع تدخل الجيران تم إنقاذ مقاتلتين ووقوع سائق سيارتهما محتجزاً في يد عناصر التنظيم الإسلامي.
المواجهة التي بدأتها دولة العراق والشام الإسلامية شارك فيها “جبهة النصرة”، لواء الله أكبر التابع للجيش السوري الحر, المجلس العسكري الثوري في الحسكة, وغرباء الشام, وقد نظر البعض بإيجابية إلى دعوات وحدات حماية الشعب YPG إلى الهدنة, فيما استمر بعضهم في القتال.
نهاية, قضت وحدات حماية الشعب YPG على قوى المعارضة واستولت على حي المحطة, وبعض المراكز الأخرى, وعلى مكتب المحاصيل الزراعية (مكتب الحبوب) والمخفر الحدودي, وقد حصرت مجموعة صغيرة من الإسلاميين في المعبر الحدودي حين لم تستطع العبور إلى تركيا. بعدها أرسلت وحدات حماية الشعب وفداً مدنياً إلى المخفر الحدودي التركي في مدينة جيلان بينار المحاذية لرأس العين سلم الطرف التركي رسالة يقول مضمونها: “حدود سري كانيه معكم تحت سيطرة وحدات حماية الشعب، من الآن فصاعداً لن تسقط قذيفة في الطرف التركي”. ويقول حاجي منصور: “بموجب اتفاق 17 فبراير / شباط مع هذه المجموعات تقرر نقل الإشراف على المعبر الحدودي مع تركيا إلى المجلس المحلي في سري كانيه، لكن المجموعات لم تتقيد بالاتفاق”.
” سكتنا, لأننا لم نرغب ببدء المواجهات, تركنا المعبر الحدودي للمجلس المحلي وانسحبنا من المدينة لكنهم أعلنوا التعبئة ودعوا الجماعات الجهادية في المناطق الأخرى, لهذا فإننا لم نترك مواقعنا إلى حين “.
ويميل منصور إلى فكرة عدم تدخل حزب العمال الكردستاني في الأحداث. وحول مقتل شباب في الطرف التركي من الحدود بقذيفة وسقوط قذيفة أخرى بالقرب من المخفر الحدودي التركي يقول منصور: “يمكن أن تكون قد سقطت قذائف الطرفين المتقاتلين في الطرف التركي، لكن طرفنا لم يستخدم قذائف الهاون. يحتمل أن الطرف الآخر قد استخدمها بنية الاستنجاد بتركيا أو لخلط الأوراق”.
جدير بالذكر, أن صحيفة الشرق الأوسط كانت قد كتبت أن تنظيم القاعدة سيعلن إمارة إسلامية في شمال سوريا خلال شهر رمضان، وقد أعلنت دولة العراق والشام الإسلامية عن إمارة جرابلس المحاذية لمعبر قرقميش الحدودي التركي. وقد عين قائد دولة العراق والشام الإسلامية أبو بكر البغدادي في شهر مايو / أيار قائد جيش المهاجرين المقاتل الشيشاني أبو عمر أميراً لقيادة العمليات في الشمال السوري. وتشير مصادر مختلفة إلى تعزيز جبهة النصرة لقواتها في المنطقة الكردية في الآونة الأخيرة، ويفسر البعض ذلك على أنه من قبيل التحضير لإعلان إمارة، ومنهم من يربطها بمخطط لقمع الكورد في الذكرى السنوية الأولى لتمتعهم بإدارة ذاتية فعلية لمناطقهم.
• المصدر : صحيفة “راديكال” التركية.