فجأة وبلا سابق إنذار، دخل معبر اليعربية، “تل كوشر” بالتعبير المحلي، واجهة الحدث السوري نظرا لعلاقة الموضوع بموقف عراق المالكي الفعلي والنهائي من الثورة السورية. فعلى ماذا يراهن المحور الأسدي – الأيراني؟ وأين تقع خسّة النظام الأسدي في استعداده لقتل طياريه والتخلي عن عسكره الموالي له، تحقيقا لجرّ العراق إلى المحور المذكور؟ وهل تعتبر تفجيرات بغداد الأخيرة ضمن مخطط المحور المذكور؟
كانت بلدة “اليعربية” ومحيطها الشرقي بكامله (قبائل شمّر) منطقة محررة منذ فترة بأستثناء المعبر الحدودي اليعربي المتروك بيد خميسن عنصرا من الجيش الأسدي والذين لم يتقدم الثوار نحوهم لضرورة استمرار المعبر مفتوحا كمدخل تمويني لكل منطقة “الحسكة” والمنطقة الشرقية المحررة.
المعبر المذكور معبر شاحنات فقط، ومعبر الأفراد الى الجنوب منه في “التنف” وهو مغلق حاليا من الناحية العراقية بسبب إعتصام اهالي “الانبار” وجلّهم من قبائل “شمّر”.
جاءت التفجيرات الأخيرة ببغداد، والتي لا استبعد وقوف محور طهران – الأسد خلفها، لترفع من وتيرة إحتقان مذهبي داخل العراق ينظر الى الحراك المطلبي ذي الصبغة السنّية هناك بعين الريبة. وتيرة إحتقان دفعت المالكي الى التصريح (لزوم ما لا يلزم) والتحذير العلني من مغبة نجاح الثورة السورية وانعكاسها على الوضع الداخلي العراقي وهو ما أدى، على الأرجح، إلى تحدي الثوار لتصريح المالكي وقرارهم بالأستيلاء على المعبر الساقط عسكريا أصلا.
خلال معركة استمرت يومي الخميس والجمعة الماضيين ، لم يقم النظام الأسدي بالقصف الجوي إسنادا لعناصره المخلصة له والتي قاتلت حتى نفذت ذخيرتها مع معرفتها باستحالة امكانية وصول امداد بري يرسله النظام لها. خلال المعركة، اكتفى الجيش العراقي بالتفرج من الجهة المقابلة طيلة المعركة. فقط، سمح لعناصر الحاجز بالهروب مع قتلاها وجرحاها باتجاهه. وقامت القوات العراقية بتجريدهم من اسلحتهم ونقلهم الى الخطوط الخلفية بعيدا عن المعبر، كما نقلت مصابيهم للمستشفيات. وهذا موقف طبيعي ومسؤول.
في اليوم التالي لسقوط الحاجز، السبت 2\3، حصلت ظهرا إشكالات بين عناصر الحاجز الجدد من الثوار والجيش العراقي، تراجع إثرها الثوار خلف البيوت للإحتماء. بعد ساعة و نيف على الاشكال، وهو الوقت الطبيعي لرد فعل القيادة الاسدية و تحرك طيرانها، وصلت المقاتلات الأسدية آتية من الجهة العراقية لتقصف!!!. لم ولن تحقق الضربة الجوية فائدة، فالشمس في عيون الطيارين، والثوار مستترون اصلا من الانكشاف على الجهة العراقية شرقهم. لماذ لم يقصف الطيران الاسدي في اليوميين الماضيين اثناء حاجة عناصر الحاجز له؟ ببساطة، هو غير مكترث بحياة عسكره ولو كانوا مخلصين له. ولماذا لم يقصف قادما من الغرب حيث سيحقق اهدافا ويواصل طيرانه الى الشرق داخل الاراضي العراقية ليلتف أو يقفز طياروه بأمان في حالة اصابة طائراتهم؟ ببساطة، النظام الاسدي كان يريد طياريه ان يقعوا ضمن المناطق المحررة حيث وبردة فعل مفهومة يقوم الاهالي بالاقتصاص منهم وبالفؤوس. ولا أستبعد ان يكون النظام قد ارسل طيارين من مختلف الطوائف والمذاهب السورية حتى يظهر نفسه ممثلا لوحدة الشعب السوري (يلزم لكل “ميج” طياران). ويظهرالثوار كإرهابين سلفيين، يقاتلهم كما تقاتل فرنسا الارهاب في مالي. و كما يقاتل العالم كله هذا النوع من الارهاب نظام لا يتورع عن قتل طياريه لأستمراره! فما أخسّه…
كل هذه الخسة تزامنت بعد لقاء وزير خارجيته المعلم مع الروس في موسكو وأثناء لقائه مع الايرانيين في طهران.
هل كان المحور الاسدي – الايراني بحاجة لممارسة كل هذه الخسّة لو لم يكن المالكي مترددا في الإلتحاق بالمحور المذكور؟ سؤال يعرفه ثلاثتهم.
علينا نحن كمؤيدين للربيع العربي، وفي لحظة خلاصه الابدي من النظام الخسيس، وفي لحظة إنكشاف الدونية الخلقية لروسيا، علينا ان نكون اكثر تنبها. وعلينا تحذير المالكي، و قبل انغماسه، مما يحوكه له الخسيسان. وعلينا استمرارالتدليل على خسّة النظام الاسدي والايراني. لاخسّة أخس منهما، ولا إرهاب يعلو على إرهابهما!
itani_farouk@live.com
بيروت في 3/3/2013