في 24 كانون الأول/ديسمبر يلتقي قادة دول “مجلس التعاون الخليجي” في المنامة لعقد قمتهم السنوية. صحيح أن الاضطرابات السياسية التي تجتاح الشرق الأوسط لم يكون لها أي ضحية في ملكيات الخليج والإمارات الوراثية، لكن من الواضح أن قادة “مجلس التعاون الخليجي” قلقون من المستقبل. فقد عصفت التوترات السنية- الشيعية بالبحرين وهي تؤثر أيضاً على المنطقة الشرقية المجاورة الغنية بالنفط في المملكة العربية السعودية. كما كان ناخبون غاضبون في الكويت قد قاطعوا الانتخابات الأخيرة في بلادهم بسبب التغييرات التي أجرتها العائلة الحاكمة. وقد تحركت قطر والإمارات العربية المتحدة وعمان بسرعة لمواجهة الانتقادات الموجهة إلى أنظمتها السياسية على شبكة الإنترنت.
بعد تأسيس “مجلس التعاون الخليجي” عام 1981، كان المتصور منه أصلاً أن يكون سبيلاً يُجنّب دول الخليج العربي المحافِظة، الانخراط في الحرب العراقية- الإيرانية، التي كانت قد بدأت في العام السابق واستمرت حتى 1988. وما تزال إيران تشكل مصدر قلق كبير لهذه الدول، وفي حين أن العراق التي هي تحت قيادة شيعية لم تعد تشكل المتنمر الإقليمي الذي كانت عليه أيام صدام، إلا أن قادة دول “مجلس التعاون الخليجي” ينظرون بعين الريبة إلى تقاربها مع طهران. ومع ذلك، وعلى الرغم من التركيز المحتمل لمحادثات القمة على إيران والخلافات مع إدارة أوباما حول الحاجة إلى إجراء إصلاح داخلي، إلا أن البيان الختامي ربما يمنح أولوية أكبر للقضية الإسرائيلية- الفلسطينية، التي يوجد حولها على الأرجح توافق أكبر في الآراء بين المشاركين.
وثمة بند آخر على جدول الأعمال المحتمل الذي هو ذو أهمية خاصة لواشنطن ألا وهو سوريا، حيث يبدو أن السعودية وقطر منخرطتان في تنافس دبلوماسي حول أي من جماعات المعارضة المسلحة تفضلان دعمها. وسابقاً قدمت قطر (وإلى حد أقل، الإمارات العربية المتحدة) القوة الجوية والأسلحة والتدريب العسكري للمتمردين الذين قاتلوا نظام القذافي – وهو أسلوب يمكن القول عنه بأنه ساهم في الفوضى الحالية في ليبيا، وربما في مقتل السفير كريس ستيفنز وغيره من الموظفين الأمريكيين.
إن إحدى الطرق لتقييم أهمية القمة هي ملاحظة أياً من القادة سيشارك بالفعل في هذا المؤتمر. فالعاهل السعودي الملك عبد الله، الذي هو مؤيد قوي لدول “مجلس التعاون الخليجي”، قد أجرى للتو عملية جراحية في ظهره ومن غير المرجح أن يشارك في الاجتماع. كما أن سجل حضور السلطان قابوس حاكم سلطنة عمان هو أضعف ما يكون، حيث تبين بوضوح أنه لا يشارك إلا فقط عندما يشعر أن الأجندة المطروحة على مؤتمر القمة مهمة على وجه الخصوص. وربما يكون أمير قطر الشيخ حمد آل ثاني أحد أبرز القادة المشاركين، فمشيخته تشاطر إيران حقل غاز طبيعي بحري هائل، ولطالما كانت له علاقة شائكة مع البحرين. وسيكون تركيزه الدبلوماسي الآتي على زيارته هذا الأسبوع إلى مدينة رام الله في الضفة الغربية – وهي الزيارة التي سوف تعزز موقف الرئيس الفلسطيني محمود عباس بعد أسابيع فقط من إضعافه بسبب زيارة الشيخ حمد لغزة الواقعة تحت تحكم «حماس».
لقد كان أهم قرار اتخذته دول “مجلس التعاون الخليجي” في السنوات الأخيرة هو منح غطاء مقبول للتدخل السعودي- الإماراتي المسلح في البحرين خلال الاضطرابات التي وقعت في آذار/مارس 2011. إلا أن “المجلس” لم يفعل سوى القليل نحو مسار التنمية المؤسسية. ففي القمة التي انعقدت العام الماضي في الرياض، اقترح الملك عبد الله إقامة “اتحاد خليجي” يدمج الدول الأعضاء في كونفيدرالية، إلا أنه لم يظهر أي شيء [حتى الآن] حول تنفيذ هذا الاقتراح. وفي الوقت نفسه، لم يتخذ السعوديون بعد أية خطوات إلى الأمام بشأن اقتراحهم من منتصف 2011 بقبول المغرب والأردن في “مجلس التعاون الخليجي”. وفي حالة الأردن، يبدو أن الرياض ما تزال بعيدة عن عمّان، ويعود ذلك إلى حد كبير إلى عدم إرسالها الدعم المالي الذي وعدت به. وقد أدى ذلك إلى قيام عمّان بخفض دعمها [للسلع المختلفة]، مما أثار احتجاجات في الشوارع.
وفي رأي واشنطن، يُعتبر “مجلس التعاون الخليجي” بوتقة مفيدة لتدريب قوات الخليج العربي على مكافحة الإرهاب وتحسين قدراتها العسكرية ضد إيران. وستكون قمة المنامة شاهداً علنياً على ثقة “المجلس” بنفسه، أي قدرته على العمل كتجمع إقليمي في الوقت الذي تتصاعد فيه الضغوط من اجل أجراء تغيير سياسي، وما يزال يُنتظر إحراز تقدم على صعيد حل المشكلة النووية الإيرانية.
سايمون هندرسون هو زميل بيكر ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن.