“للأسف، يتم استخدام الأسلحة السورية ضد معسكرنا، بينما يستمر حكام دمشق في تكرار أن وجودهم هنا في لبنان هو لحماية معسكرنا. هذه كذبة قاتلة، ومؤلمة لنا أكثر من أي شيء آخر… ولكننا نود إعلامكم أننا سندافع عن معسكرنا بأيدينا العارية في حال نفاذ ذخيرتنا وانتهى سلاحنا، وسنشد أحزمتنا كي لا يقتلنا الجوع. لأننا عقدنا العزم على عدم الاستسلام، ولن نستسلم…”
كانت تلك الرسالة المفتوحة الموجهة للعالم من سكان مخيم اللاجئين في تل الزعتر، 13 تموز، 1976
*
لقد علمت مؤخراً باستقالات عديدة لموظفين محوريين في صحيفة الأخبار، على الأقل نتيجة خلافهم مع ميول قيادة الصحيفة الموالية للأسد. حيث ساعد هذا الاكتشاف على تفسير هيمنة البروباغاندا الحاقدة التي تقودها “أمل سعد غريّب”، وأشباه التحليلات الهاوية من قبل “شارمين نرواني Sharmine Narwani”، إضافة إلى النصائح الودية لبشار الأسد من قبل رئيس التحرير “إبراهيم الأمين”، الذي يحاول تصوير الأسد على أنه جاد في الإصلاح لكنه متأثر بالظروف.
عندما انضممت في الخريف الماضي إلى موقع “الأخبار” حديث العهد والناطق بالانجليزية، كنت متحمساً للمشاركة في الكتابة عن الوضع الإسرائيلي – الفلسطيني و السياسة الخارجية الأمريكية لصالح صحيفة اعتبرتها واحدة من أشجع وسائل الإعلام المنشورة في العالم العربي.
في تلك الأثناء، كانت الثورة السورية في بداياتها، كما كان الجدال في أروقة صحيفة الأخبار كذلك، والذي عكس النقاشات الدائرة داخل التيار اليساري اللبناني الواسع. وبعد مضي عام، باتت نتائج ذلك الجدال واضحة على صفحات الجريدة، فعلى الرغم من وجود بعض الأصوات المعارضة لذلك، وصل الدفاع عن الأسد و جرائمه إلى حد لا يمكن احتماله.
لقد فكرت في الرد من خلال مدونتي الالكترونية على بعض حالات الهذيان الغريبة التي نشرت في صحيفة الأخبار، لكنني في نهاية المطاف قررت تسخير طاقتي في تغطية المواضيع التي لي معرفة أفضل بها، والتي أستطيع مناقشتها بقوة خبرتي الصحفية. بينما كنت أزداد إحباطاً و خجلاً كلما ظهرت على موقعنا الالكتروني خطبة من خطب “أمل غريّب” الطويلة، والتي كانت كل واحدة منها مثيرة للضحك أكثر من سابقاتها.
فبعد دفاعها العنيف عن استخدام الديكتاتور السوري لاستعارات مجازية جراحية كي يعبر عن حملة قواته الأمنية الوحشية، أقدمت صحيفة “الأخبار” الانجليزية على نشر أكثر أعمال “أمل غريّب” حمقاً حتى الآن، والذي تجلى في هجومها على الاتجاه العربي الثالث (وهم أنصار الميول السياسية المعادية للإمبريالية و المناهضة للإستبداد) حيث أكدت أن “الجوهر الحقيقي لالتزام المثقفين و النشطاء العرب بالقضية الفلسطينية لم يعد يتمثل في دعمهم للحقوق الفلسطينية، وإنما يكمن في دعمهم لنضال قيادة الأسد ضد هجوم محور الإمبرايلية-الصهيونية-العربية المعتدل عليه.”
إن تخاريف غريّب، التي كان أسعد أبو خليل محقاً في إدانتها ووصفها “بأنها ضرب من الجنون”، ليست إلا جزءاً من تاريخ النظام السوري الطويل في استغلال النضال الفلسطيني لتحقيق مصالحه الذاتية الضيقة.
بالنسبة لي، كانت هذه التخاريف بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير. فأصبح السؤال الأهم، هل وفّرت القيادة التحريرية لصحيفة الأخبار منبراً لغريّب و غيرها من المدافعين عن الأسد بسبب جودة كتاباتهم، أم بسبب رغبتهم في الدفاع عن النظام متخذين الفكر اليساري غطاءاً لهم؟
لقد كنت مجبراً على استنتاج أنني ما لم أكن على استعداد لبذل مجهود لا نهاية له في مناظرة المدافعين عن الأسد، فإنني سأكون مجرد غطاء لهم عبر الإبقاء على ارتباط اسمي و سمعتي بصحيفة الأخبار. والأهم من ذلك، قررت أنني في حال استمرار صمتي مدة أطول، فسيكون ذلك بمثابة خيانة لمبادئي ومبادئ أولائك الناس الذين شجعوني وألهموني على مر السنين. ببساطة، ليس لدي أي عذر لاستمرار ارتباطي يوماً آخر مع منفذ إعلامي ذو شبهة أخلاقية.
وعليه، فبدلاً من الشعور بالغثيان في كل مرة أتصفح فيها إحدى المقالات الافتتاحية المؤيدة لنظام الأسد، والتي تظهر بشكل منتظم على الصفحة الرئيسية لموقع صحيفة الأخبار الانجليزية، فإنني أغسل يدي من العملية بأكملها.
لا أستطيع أن أختلف مع أي شخص يدعي أن الولايات المتحدة و العائلة المالكة السعودية يهدفان إلى زيادة نفوذهما الإقليمي على حساب المجلس الوطني السوري الرث، بينما تهلل إسرائيل على الهامش. على الرغم من أنه ليس من المؤكد ما إذا كانت هذه القوى ستدرك جزءاً من أهدافها، فلابد من رفض المخططات الخارجية لسوريا و لبنان، تماماً مثلما فعل المعارضون السوريون الحقيقيون أمثال ميشيل كيلو.
إلا أن مجرد وجود التدخل الغربي لا يمكنه بشكل تلقائي أن يجعل من الأسد بطلاً ثانوياً مناهضاً للامبريالية على رأس “دولة مواجهة مقاوِمة”، كما تحاول غريّب تصويره، كما أنه لا يقدم أي أساس مشروع لازدياد أعداد الخسائر في صفوف المدنيين، و إلقاء اللوم على ضحايا نظامه، أو تضخيم عامل التهديد الإسلامي لنزع شرعية المعارضة الداخلية.
في النهاية، لن يتم تذكر الأسد إلا كطاغية استبدادي، لا يمثل نظامه أكثر من مجرد مصالح طبقة رجال الأعمال الليبرالية الجديدة وأجهزة الأمن الفاشية. إن أولئك الذين دفعوا بثقلهم الفكري خلف حملته الوحشية، ألقوا بصدق التزامهم بالنضال الشعبي والمقاومة ضد الإمبريالية في موضع شك حقيقي.
فهُم، عبر حرمان الشعب السوري من حقه الثورة، في حين يدعمون النضال الفلسطيني، لا يقلّون نفاقاً عن الصهاينة الذين يحتفلون بسخرية بالإنتفاضة السورية أثناء سعيهم لسحق أي تكرار للمقاومة الفلسطينية.
في رأيي، فإن الحق في مقاومة الطغيان هو حق عالمي وغير قابل للتجزئة، و لايمكن حرمان أحد منه.
خلال الأسابيع الماضية، ومع تزايد إحساسي بالمعاناة، تأملت شجاعة اليساريين اللبنانيين الذين قاتلوا إلى جانب الفدائيين الفلسطينيين في بلدة صيدون، الأمر الذي أدى إلى التصدي للغزو السوري المبارك أمريكياً للبنان، والذي صممه حافظ الأسد بغية كسر ظهر القضية الوطنية الفلسطينية. عندها، تذكرت قصص النشطاء اللبنانيين الذين استطاعوا اختراق حصار الجيش السوري لتل الزعتر لتوفير الغذاء و الإمدادات للّاجئين الفلسطينيين المدافعين عن معسكرهم ضد دمار وشيك.
إن التاريخ الطويل من التضحية و الشجاعة من قبل الشعبين اللبناني و السوري في دعم النضال الفلسطيني – وفي تحد للمستبدين المهتمين بأنفسهم- يبلور حقيقة مهمة لا يجب تكرارها: فلسطين لن تكون حرة ما دام العالم العربي يرزح تحت سيطرة حكام مستبدين.
حاولت غريّب من خلال صحيفة الأخبار باللغة الانجليزية، تقديم جدلية معاكسة تقضي بأن دعم نظام الأسد يتماشى مع دعم النضال الفلسطيني، بل ربما أكثر أهمية. وهذا ما حذا بها للزعم زوراً أن “المسؤولون السوريون لا يجتمعون بنظرائهم الإسرائيليين”، متجاهلة بذلك حقيقة أن المسؤولين السوريين و الإسرائيليين كانوا قد تناولوا العشاء سويةً في عام 2007 في حفل إحياء ذكرى محادثات مدريد، حيث عرض السوريون على الإسرائيليين الدخول في مفاوضات حول مرتفعات الجولان “دون شروط مسبقة”، وهو موقف حافظ عليه النظام حتى نهاية كانون الأول من عام 2009. وخارج نطاق المفاوضات مع إسرائيل، فمن غير الواضح ماهية الخطوات الملموسة التي قد تكون الحكومة السورية مستعدة لاتخاذها لاستعادة الجولان.
ففي ذات العمود الذي تمتدح فيه نظام الأسد لمنعه السوريين من الولوج إلى المواقع الالكترونية الإسرائيلية ورفضه إجراء مقابلات مع الصحفيين الإسرائيليين، استشهدت غريّب ببروفيسورٍ إسرائيلي و مقالة ليمين الوسط نشرت في الموقع الإخباري الإسرائيلي (تايمز أوف إسرائيل The Times of Israel)، لتدعم النقاط التي طرحتها.
على ما يبدو، يجب على الشعب السوري تنفيذ ما يقوله الأسد، ليس كما يفعل المدافعون عنه في بيروت.
وبالإضافة إلى استغلال القضية الفلسطينية، لعب المدافعون عن الأسد بلتهف بورقة القاعدة لإثارة الخوف من سيطرةٍ إسلاميةٍ على سوريا. في حين أنه في العام 2003، اتهم الأسد الولايات المتحدة بتعمد المبالغة في قوة تنظيم القاعدة لتبرير ما تسميه حربها على الإرهاب، قائلاً في حينها، “لا يمكنني أن أصدق أن بن لادن شخص قادر على مناورة العالم بأسره و هزيمته”، كما تساءل “هل هناك فعلاً كيان يسمى تنظيم القاعدة؟ لقد كان في أفغانستان، ولكن هل مازال هناك؟”.
لكنه الآن، وفي محاولة واضحة لاستجداء تعاطف العالم الخارجي، يصر الأسد أن المعارضة السورية في أغلبها خاضعة لسيطرة جهاديين على غرار القاعدة، وفدوا من الخارج ليضعوا البلاد تحت سيطرة إسلامية. وفي خطابه أمام مجلس الشعب السوري في 3 حزيران الماضي، حاول الدكتاتور فرض هذه الفكرة عن طريق استخدام مصطلح “الإرهاب” و “الإرهابيين” لعدد كبير من المرات بلغت 43 مرة. وهذا العدد أكثر بعشر مرات كاملة من استخدام جورج بوش George W. Bush لهذه المصطلحات خلال خطابه أمام الكونغرس في أعقاب هجمات 11 سبتمبر / أيلول.
كما أشارت غريّب، مرددةً ما قاله الأسد، إلى حملات الجيش السوري العنيفة بشكل فاضح ضد ما يتفق الجميع على أنه مقاومة شعبية في أغلبه، و وصفتها بأنها “حرب النظام ضد الإرهابيين والمنتفضين المدعومين من الخارج” مطالبةً “بحل أمني لاستئصالهم”.
وفي موقع صحيفة الأخبار باللغة العربية، يصور جان عزيز استيلاءً سلفياً كاملاً في حال سقوط الأسد. بينما يدّعي إبراهيم الأمين أن المعارضة السورية “قلّدت طريقة العمل التي تم وضعها من قبل قيادة تنظيم القاعدة”، ثم اقتبس من دون تمحيص مصدراً غير مسمى من النظام، الذي أصر على أن “الغالبية المتشددة من الجماعات المسلحة يقودها أناس ليسوا سوريين”. وعلى غرار ذلك، تجزم نرواني أن ميليشيا إسلامية متشددة غامضة مؤلفة من 5000 رجل ما زالت تعمل داخل مدينة حمص وفق “مخططات لإعلان خلافة إسلامية في سوريا” – ما يهيئ لتطبيق الشريعة الإسلامية. وقد بنت تأكيدها العجيب هذا على حوار واحد فقط مع صحفي مجهول الهوية.
فعبر انضمامهم لحملة نظام الأسد الساعية لنزع شرعية المعارضة السورية عن طريق تصويرها كمجموعة من الجهاديين غير المنطقيين (من المثير للسخرية، أنه يبدو أنهم ليس لديهم أية مشكلة مع القيم الجوهرية الإسلامية لحزب الله)، اعتمد المدافعون عن الأسد، دون قصد منهم، على مفردات “الحرب على الإرهاب” التي قدمها كل من جورج بوش، أرييل شارون، و عصبة المحافظين الجدد بعد أحداث 11 سبتمبر / أيلول. فلم يقوموا فقط باستحضار شبح الإرهابيين المخيف في محاولة لاهثة لتبرير أعمال القمع العنيفة التي لا يمكن الدفاع عنها أخلاقياً، ولكنهم باتوا أيضاً كمروجي تأييد إسرائيل، يلجأؤون إلى المغالطات الخطابية لنفي أعمال النظام الوحشية على أنها شر لابد منه، أو حوادث مؤسفة (كما يصفها الأمين “بالأخطاء”)، أو افتراءات من معارضي النظام (يشار هنا إلى ما وصفته غريّب في مقالتها على أنه “ادعاءات لا أساس لها عن جرائم حرب”).
أتساءل هنا، كما أفعل حيال المتعصبين الصهاينة، إذا كان هناك أي حد للمذابح التي يستطيع المدافعون عن الأسد تحملها باسم القضية الأسمى.
وتماشياً مع روح الاحتلال الإسرائيلي الحقيقية، التي رفضت السماح للصحفيين بالدخول إلى غزة لتوثيق فظائع عملية ” الرصاص المصبوب”، وقامت بتجريد الصحفيين من أوراق اعتمادهم الصحفية عقاباً لهم على ما اعتبر “الانحياز ضد إسرائيل”، بذلت “شارمين نرواني” آلاف الكلمات تشتكي دون هوادة حول “الصحفيين الغربيين” الذين “يتوجهون مباشرةً إلى الناشط السوري، أو المظاهرة المعارضة للنظام، أو الرجل الذي يحمل مسدساً في إحدى ‘المناطق الساخنة”. وقد كانت مبررات شارمين نرواني حول إبقاء وسائل الإعلام الأجنبية بعيدة عن مشاهد جرائم الأسد، مشابهة بشكل مزعج لتلك التي صرح بها داني سيمان Danny Seaman، مدير مكتب صحافة الحكومة الإسرائيلية أثناء عملية “الرصاص المصبوب”، الذي قال “إن أي صحفي يدخل إلى غزة يصبح متواطئاً و واجهةً لمنظمة حماس الإرهابية، و لا أرى أي سبب لنساعد على ذلك.”
ومن ثم، حاولت “شارمين نرواني” تزييف الهجوم الذي شنه النظام باستخدام المدفعية على حي بابا عمرو. حيث أن تحليلها، إن كان بالإمكان اعتباره كذلك، يذكرني مباشرةً بالبروباغاندا العسكرية الأمريكية بعد الهجوم على مدينة الفلّوجة العراقية، الذي كان عبارة عن هجوم مدفعي عنيف استخدمت فيه عبوات الفوسفور الأبيض على مركز المدينة “لاستئصال” الإرهابيين، كما قد يحلو لغريّب تسميتها.
وقد كتبت نرواني عن الهجوم العشوائي الذي دمر الحي الحمصي أنه “في حين أن الرواية السائدة في وسائل الإعلام العالمية افترضت هجوماً عسكرياً غير مبرر على السكان المدنيين، فإنه ليس ثمة دليل يدعم هذا السيناريو، خصوصاً بعد ظهور معلومات تفيد بأن الحي عبارة عن معقل للمعارضة المسلحة، و أن معظم السكان قد هجروا الحي مسبقاً، إضافة إلى تسرب تقارير عن نشطاء يضخمون أعمال العنف.”
وعلى غرار دعاة الحرب من المحافظين الجدد، الذين هللوا للاجتياح الأمريكي للعراق من مكاتبهم في معهد المشاريع الأمريكية American Enterprise Institute في واشنطن، فإن أي من المدافعين عن الأسد قد قام بأي عمل صحفي ميداني لدعم آرائهم، حيث يبدو أن كلاً من غريّب ونرواني قد قيدتا نفسيهما ببيروت.
فأمل غريّب تستعين بكتابات كل من في.أي. لينين V.I. Lenin و باولو فريري Paulo Freire لتدعم هذيانها في تجسيد الأسد كمناضل ثانوي للحرية، في حين تعكف شارمين نرواني على لملمة مقتطفات من اليوتيوب YouTube وشائعات مصدرها صحفيون تقضي أوقاتها معهم، لتبرير “حرب النظام الخاصة على الإرهاب.”
أما مصادر رئيس التحرير إبراهيم الأمين ، فهي أكثر ريبةً. فعلى سبيل المثال، في مقال له عن تسلل الأسلحة المفترض من لبنان إلى سوريا، نوّه الأمين إلى “محاضر التحقيقات مع الأشخاص المحتجزين بتهمة نقل و تهريب الأسلحة و المتفجرات…”.
ربما كان على الآمين توضيح لغته الغامضة، وبالتحديد يمكنه توضيح ما إذا كان يشير إلى ملاحظات الاستجواب مع أعضاء المعارضة المحتجزين التي أمدته بها مصادر النظام. وإن كان كذلك، فهل يستطيع تأكيد ما إذا كانت هذه الاستجوابات لم يتخللها تعذيب؟
إن مشاكلي مع صحيفة “الأخبار” لا تقتصر على الجزء الخاص بآرائها. ففي نبذة نشرت أصلاً في موقع الأخبار باللغة العربية (وتمت ترجمتها فيما بعد إلى الانجليزية) حول باسل شحادة، مصور الفيديو الصحفي الذي قتل في حمص، لم تتطرق الصحيفة حتى إلى التنويه أنه قتل على يد الجيش السوري، وقد عزت سبب موته إلى مجرد “عيارات نارية”.
وكانت تلك التغطية الوحيدة التي تمكنت من العثور عليها حول موته في الصحيفة، التي كثيراً ما تقدم الأحداث في سوريا بعبارات غامضة مثيرة للشك، بالأخص فيما يتعلق بآثام النظام.
وفقاً لأحد أصدقاء باسل شحادة المقربين، والذي كان أيضاً يغطي أحداث المعارضة في حمص وسائر سوريا، فإن “باسل كان جزءاً أساسياً من الثورة في حمص. فقد كان مقرباً من قيادة المقاومة هناك، و كان يعيش على الخطوط الأمامية”. وقبل أن يقرر العودة إلى سوريا لدعم الانتفاضة، كان باسل يتمتع بمنحة فولبرايت Fulbright للدراسة في برنامج الفنون الجميلة التابع لجامعة سيراكيوز Syracuse University، وقام بإيقاف دراسته مؤقتاً حتى يتسنى له تدريب النشطاء داخل مدينة حمص المحاصرة، معتقداً أن تاريخه من الحظ الجيد في خضم المخاطر قد يحميه بطريقة ما من الموت.
إن وجود باسل شحادة بحد ذاته، كمسيحي يرفض الطائفية بشدة، هز النظام السوري. فعقب موته، قام الجيش بقصف حي الحميدية المسيحي لمنع تشييع جنازته، ومن ثم هاجمت عصابة من الشبيحة حفل تأبين له في دمشق، الحفل الذي قد يكون من شأنه أن يقدم عرضاً نادراً للتضامن السني المسيحي. وقد بدا أن هذا الشعور بالتضامن أكثر ما يهدد النظام. حيث ورد عن والدة باسل شحادة قولها “لقد كانوا يخافونه حياً، ويخشونه الآن وهو ميت.”
منذ عدة سنوات، عندما كنت في زيارة لمكاتب نايشن ماغازين Nation Magazine، وهي مجلة كنت كثيراً ما أكتب لصالحها. في تلك الزيارة جلست أفكر كيف يمكن أن يكون العمل في هذه المجلة في ثلاثينيات القرن الماضي عندما كانت رئاسة تحريرها تدعم ستالين وتتغاضى طوعياً عن جرائمه، كيف كانت طبيعة المناقشات الداخلية، وكيف كانت ستكون ردة فعلي؟
إن الأسابيع الأخيرة في صحيفة “الأخبار” أعادت تنشيط هذه الأسئلة في أفكاري، فهي لم تعد أسئلة افتراضية. فصفحات الآراء هنا باتت مساحة مخصصة لأولئك الذين يمكّنون الديكتاتور ويدافعون عنه، ولكنها على خلاف نايشن ماغازين Nation Magazine في حقبة ثلاثينيات القرن الماضي، لها من الأعذار القليل لتبرير تصرفها الدفاعي عن الأسد. وفعلاً، بالنظر إلى سهولة الوصول إلى وسائل الإعلام الالكترونية التي ينتجها الناشطون والصحفيون السوريون، ليس للمدافعين عن الأسد عذر في ادعاء عدم علمهم بجرائم نظامه.
وفي هذه اللحظة، ليس لدي أي عذر أيضاً. أنا لم أعد مساهماً في صحيفة الأخبار. لقد آن الأوان للمضي قدماً.
وداعاً “الأخبار” والمدافعين عن بشار الأسد!ما أكتشفه هذا الغربي ، ادركته منذ الاطاحة بصلاح جديد. صحيح انني لم اكن احب المذكور ، لكنني منذ معارك الاردن كنت مدركا ان العدو لفلسطين هو حافظ الكلب .وافتخر انني قاتلت السوريين واتباعهم منذ 1975 مع عصام العرب و مع كل من حاربهم . وما نظرت الى اي حليف لهم الا على انه كلب مثلهم منذ 1973 ، كنت اردد ان الفلسطيني اضعف من ان يشكل خطرا على لبنان . من يشكل خطرا على لبنان هو السوري. خرج الجميع و بقي السوري . خرج هو في 2005 ولكن بقي عملاؤه . اليوم فان ارض… قراءة المزيد ..