نقلت “الوكالة الوطنية” اليوم الأحد خبر اجتماع رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان مع البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، ورئيس تكتل “التغيير والإصلاح” العماد ميشال عون، في ما يبدو أنه “وساطة” يقوم بها البطريرك بين رئيس الجمهورية والطامح الدائم (منذ الولادة) لرئاسة الجمهورية.
والأهم، فقد أدلى البطريرك الراعي، الذي أصبح له موقع على الإنترنيت يحمل تصريحاته اليومية، بتصريحات جديدة لوكالة “رويترز” لا تنمّ عن “تحليل عميق” ولكنها تذكّر بتصريحات البطريرك الأولى حول “المسكين بشّار الأسد”! هذه المرة، اكتشف الراعي أن “أقرب شيء إلى الديمقراطية هي سوريا”. وأيضاً: “”يوجد مخططات هدامة في السياسات العالمية. ليس الشعب الذي يريدهم (المتشددون) يوجد دول وراءهم تدعمهم ماليا وعسكريا وسياسيا … الشعب معتدل لا يريد المتشددين.”
البطريرك الراعي لماذا لا يصدّق أن “السكوت من ذهب”!
الشفاف
*
حريصا (لبنان) (رويترز) – من أعلى الجبل يمتد نظر رأس الكنيسة المارونية مشرفا على شرق يتلوى بين الفصول السياسية متخوفا من أن يتحول الربيع العربي.. الى شتاء.
وكنسيم حريصا في جبل لبنان تخرج اراء بطريرك الموارنة في لبنان بشار بطرس الراعي خلال استقباله وفدا من وكالة رويترز برئاسة مايكل ستوت رئيس تحرير الوكالة في اوروبا وافريقيا والشرق الاوسط لتضع “علامة استفهام كبيرة على رمز الربيع العربي” اذ يتساءل “كيف يكون ربيعا عربيا ويقتل الناس كل يوم. يتحدثون عن العراق والديمقراطية ومليون مسيحي من أصل مليون ونصف هاجروا من العراق. أين الديمقراطية في العراق.”
يجلس في كنيسته واعظا متأملا في الشرق البعيد المضطرب بسبب الانتفاضات في البلدان العربية التي أدت الى سقوط أربعة رؤساء عرب قائلا “نحن مع الربيع العربي ولكن ليس مع الربيع بالعنف والحرب والدمار والقتل. بهذه يصبح شتاء.”
ويدرك أن صولجانه لابد أن يختزن كل الاديان وأن عباءته تلف المسيحي والمسلم ويتحدث خائفا على كل المواطنين قائلا “حالة الحرب والعنف والازمة الاقتصادية والامنية تؤثر على جميع المسلمين والمسيحيين لكن المسيحيين يتأثرون أكثر لان عددهم أقل وبسبب الاثر الاقتصادي والاجتماعي الذي يتركونه.”
ويتحدث البطريرك الذي كان مرتديا ثوبا أسود ويلف حوله زنارا احمر ويضع على جيده صليبا ذهبيا كبيرا عن الاستقرار بين البشر والذي يسبق نشر الديمقراطيات في العالم متسائلا “ما نفع الديمقراطية اذا كانت تريد ان تقتل الناس وتضع عدم استقرار.. نحن نتحدث من منطلق كنسي نقول ان الانسان الكائن البشري هو كل شيء.”
هو راع لرعية تنتشر من لبنان الى سائر المشرق فعندما تدمى قلوب المسيحيين بين دجلة والفرات تراه بطريركا عراقيا وعندما يقتلع الفلسطيني من أرض وشجر يصبح ناقما على أسرة دولية وعلى استخدام لحق النقض (الفيتو) على نحو يقارع السلام حالما بالقدس كأبنائها المشردين عنها.
ويقول “نحن في الشرق يوجد مصدر أساسي لازمات الشرق وهو النزاع الفلسطيني-الاسرائيلي. هذا الموضوع سبب كل مشاكلنا في الشرق الاوسط … على المستوى الفلسطيني هذا شعب اقتلع من أرضه وكلما جاءت الاسرة الدولية لتحل مشكلته وتجعل له دولة خاصة به مثلما اسرائيل عندها يستخدم الفيتو (حق النقض) أي سلام في الشرق الاوسط … معنى ذلك ان النار ستبقى مشتعلة دائما في هذا الشرق.”
أضاف “ممنوع على البلدان العربية ان تتسلح بالشكل الذي تريده اما اسرائيل فمسموح لها ان تتسلح بكل الاسلحة الممكنة. كيف السلام؟ أين السلام في العالم العربي؟ هذا موضوع لا نأتي عليه. هل الهجرة المسيحية متوقفة أو كثرت الهجرة المسيحية من فلسطين؟ هذه طريقة تدل على ان نوايا الاسرة الدولية غير سليمة.”
ويتطرق البطريرك الى الوضع في سوريا والتي يقول انها “مثلها مثل غيرها من البلدان فهي بحاجة الى اصلاحات يطالب بها الشعب وحتى الرئيس (السوري بشار) الاسد أعلنها منذ مارس اذار الماضي. وصحيح ان نظام البعث السوري هو نظام متشدد ديكتاتوري لكن يوجد مثله كثيرا في العالم العربي.”
وأضاف “كل الانظمة في العالم العربي دين الدولة هو الاسلام الا سوريا وحدها تتميز من دون سواها بأنها لا تقول انها دولة اسلامية ولكن دين الرئيس الاسلام. اقرب شيء الى الديمقراطية هي سوريا.”
لكنه أردف قائلا “لا أريد أن يفهموا اننا مساندين للنظام السوري. لا نساند ولا نعادي أي نظام في العالم. لان نحن ايضا في لبنان قاسينا الامرين من النظام السوري. نحن لا ندافع عنه. ولكن نحن نقول انه يؤسفنا أن تكون سوريا التي تريد أن تعمل خطوة الى الامام… أن يجري هذا بالعنف والدمار والخراب والقوة والسلاح.”
لا يخشى البطريرك الماروني من الاسلام وهو الذي جمع حوله المسلمين والمسيحيين حول شعار “شركة ومحبة” الذي حمله اذ يقول “نحن لا نتحدث ضد طائفة نحن لسنا متخوفين من الاسلام المعتدل نحن نتخوف من المجموعات المتشددة التي تستعمل لغة العنف.”
وكان مسيحيو لبنان انقسموا بشأن مواقف بطريرك الموارنة التي اطلقها في سبتمر ايلول الماضي في باريس بشأن تخوفه من “مرحلة انتقالية في سوريا قد تشكل تهديدا لمسيحيي الشرق” بين منتقد لدفاعه عن نظام الاسد وبين من وصفه بانه حامي الاقليات المسيحية في الشرق.
وقال “يوجد مخططات هدامة في السياسات العالمية. ليس الشعب الذي يريدهم (المتشددون) يوجد دول وراءهم تدعمهم ماليا وعسكريا وسياسيا … الشعب معتدل لا يريد المتشددين.”
أضاف “سوريا بحكم الجيرة نحن مثل الكيمياء يوجد تواصل. مثلا الان عندما بدأت الاحداث في سوريا نحن تأثرنا اقتصاديا حيث اقفلت الطريق علينا كل النتاج الزراعي والصناعي الذي نصدره الى البلدان العربية الى العراق والاردن كسد وكسدت منتوجاتنا في لبنان.”
ومضى يقول “نحن نعرف اننا مررنا مع سوريا بمشاكل كبيرة هناك اناس مع النظام السوري وهناك اناس ضده ويوجد اناس كانوا معه وصاروا ضده ويوجد اناس كانوا ضده وصاروا معه هذه قاعدة موجودة في لبنان على المستوى السياسي لذلك نحن نتأثر بالصراع ومتأثرين ويوجد خلاف داخلي في لبنان لان هذا يريد أن يساعد النظام وذاك يريد ان يساعد المعارضة.”
واستطرد قائلا “الامر الثالث الذي نخاف منه اذا لا سمح الله تحول هذا النزاع الى نزاع طائفي سني وعلوي. في لبنان يوجد نزاع سني وعلويين يستطيع فورا وسريعا ان ينزلق الوضع الى صراع. في طرابلس عندنا علويون والامر هناك كالنار تحت الرماد.”
كما يخشى البطريرك من ان تقع المشاكل في لبنان بين المهجرين من سوريا وبين من هم مع النظام ومن هم ضده.
ويقول “لذلك نحن نقول اننا لا نستطيع ان نعمل اصلاحات بالقوة والسلاح ولا احد يستطيع ان يقدر الخسائر الكبيرة والاضرار التي قد تحصل.”
الراعي يخشى الشتاء العربي: “أقرب شيء للديمقراطية هي سوريا”“(…) عن الاستقرار بين البشر والذي يسبق نشر الديمقراطيات في العالم متسائلا “ما نفع الديمقراطية اذا كانت تريد ان تقتل الناس وتضع عدم استقرار.. نحن نتحدث من منطلق كنسي نقول ان الانسان الكائن البشري هو كل شيء.” مقتطفق من مداخلة البطريرك الراعي ينجلي فيها بشكل مبهر ومذهل معاً، هامش ثقافته الشخصية المتواضع جداً أقله، ومستوى تعلمه غير المرتقي قطعاً إلى مستوى المسؤولية المنوطة به. إنها مشكلة لبنان بامتياز، بعد 30 عاماً من “الأسدنة” بالإرهاب. ومثل الراعي مثل سليمان وعدد كبير من “النخب”، “النخب” الأسدية الفبركة، والأسدية الوصول إلى مراكز المسؤولية. مرض لبنان… قراءة المزيد ..