بقلم : رشيد خشانة – الدوحة- swissinfo.ch
نأى الدكتور عبد الرحيم الكيب، رئيس الحكومة الانتقالية الليبية، بتشكيلته المُـعلن عنها يوم 22 نوفمبر عن تمثيل الكيانات السياسية، خاصة أن هذه الأخيرة لم تتبلْـور وما زالت في طَـوْر البناء.
وركز في المقابل، على اعتماد مِـعيار الكفاءة، مختارا أكاديميين عرفهم عن قُـرب خلال حِـقبة اغترابه الطويلة أو نُصح بضمِّـهم إلى الحكومة.
وبهذه الطريقة، تخلَّـص من الانتقادات، التي كان يُـمكن أن تُـوجَّـه إلى حكومته، لو أبقى ضِـمنها على شخصيات عمِـلت مع النظام السابق، على رغم أن البعض وجدوا تخريجة تتمثل في اشتراط أن لا يكون هؤلاء ممّـن تلوَّثت أياديهم بدِماء الشعب الليبي أو جيوبهم بالمال الحرام.
وعلى عكس المكتب التنفيذي، الذي كان يقوده سَـلفه محمود جبريل، خلت حكومة الكيب تقريبا من العاملين في الإدارات السابقة، لكن إسناد الحقائب السيادية خضَـع إلى مشاورات عسيرة مع مجموعات الثوّار واعتمد على ترضِـيات للمناطق التي كان لها ثِـقل عسكري في الثورة، إذ حصلت مِـنطقة الزّنتان على حقيبة الدِّفاع من خلال أسامة الجويلي، وهو قائد عسكري لعِـب دورا هاما في عمليات توصيل الأسلحة وتنظيم صفوف الثوار.
أما مصراتة، التي تحمَّـلت الكثير من القصف والدّمار على أيْـدي كتائب القذافي، حتى وُصِـفت بستالينغراد ليبيا، فكان من نصيبها وزارة الداخلية التي أسنِـدت لفوزي عبد العالي، عضو اللجنة الأمنية بالمدينة، بالإضافة لوزارة المواصلات التي أسنِـدت ليوسف الوحيشي.
واعتبر بعض المحللين أن مِـقياس الانضمام إلى الحكومة، لا ينبغي أن يستند على المساهمة العسكرية في الثورة، وقال في هذا السياق الكاتب والمحلل السياسي عبد المنصف البوري لـ swissinfo.ch إنه لا يرى في هذا المقياس مبرِّرا أو قاعدة، لأن الثورة كانت ثورة شعبية ساهم فيها الجميع بما يستطيع، سواء في الميدان أم في الشارع أم في مواقع أخرى، ولا يمكن لمجموعة أن تفرض إرادتها على الجميع. أ
ما عن الأحزاب، التي لم ترشِّـح رموزها على سطح التشكيل الحكومي، فأكد البوري أنه لا توجد بعدُ قِـوى سياسية داخل ليبيا، فملامحها بدأت اليوم فقط تظهر، لكن ليس بالمفهوم الدّقيق للأحزاب، فهي ما زالت في طَـوْر الشعارات، وليس البرامج.
لا مكان للقُـدامى
والأرجُـح، أن حقيبة الخارجية سُحِـبت في اللحظة الأخيرة من الدبلوماسي المُـخضرم إبراهيم الدباشي، نائب رئيس البِـعثة الليبية في الأمم المتحدة، الذي وجَّـه ضربة موجِـعة لنظام القذافي بانشقاقه مع رئيس البِـعثة عبد الرحمان شلقم في الأيام الأولى للثورة.
كما لم يُجز الكيب ترشيح علي الترهوني لوزارة التخطيط، واختار عِـوَضا عنه، الخبير عيسى التويجري. وقد استُبعِـد الدباشي استجابة لرغبة عامة، على ما يبدو، للقطع مع مَـن تولّـوا مسؤوليات في العهد السابق، واستُبدل بعاشور بن خيال (وهو من أصل أمازيغي ومولود في مدينة درنة)، الذي كان يُـقيم في كندا وتولّـى إدارة أوروبا في وزارة الخارجية على أيام الوزير المغدور منصور الكيخيا. وانضم بن خيال إلى المعارضة وترأّس المكتب الدائم للمؤتمر الوطني للمعارضة الليبية في لندن (2005)، الذي لم يتمكّـن من عقْـد دورة ثانية بعد ذلك.
وشكّـل التوازن بين الشرق (بنغازي والبيضاء ودرنة) والغرب (مصراتة وطرابلس والزنتان والجبل)، هاجسا واضحا في التوزيع الجغرافي للحقائب، ما يدُلّ على أن الكيب قام بعمليات حِـسابية مُضنِـية، كي لا تشعر أي منطقة بالحيف في توزيع الحقائب، وهو ما يُفسِّـر طول المشاورات التي سبقت الإعلان عن التشكيلة الحكومية.
والطريف، أن رسما كاريكاتوريا صدر في أحد المواقع الليبية قبل يوم واحد من الإعلان عن التشكيلة الحكومية، ظهر فيه كل من عبد الرحمان شلقم وعلي الصلابي ومحمود جبريل ومحمود شمام وعبد الحكيم بلحاج وعبد الحفيظ غوقة وسليمان دوغة وآخرون، وهُـم بلباس رياضي يستعدّون للإنطلاق في الخطّ الأمامي للسباق، بينما كُتِـبت فوق رؤوسهم عِـبارة “فاتكم القطار”.
وفِـعلا، بدا لافتا أن القطار فات عبد الحكيم بلحاج، العُـضو البارز السابق في “الجماعة الليبية المقاتلة”، إذ روّجت الأوساط القريبة منه أنه قد يتولّـى وزارة الدفاع، إلا أن الوزارة آلت في النهاية إلى أهالي الزنتان، الذين يحتفظون بأرفع شخصية من نظام القذافي بين أياديهم، وهو نجله سيف الإسلام.
ولعل عبد الرحيم الكيب حرِص على عدم إغضاب القائد البارز الآخر للثوار عبد الله أحمد ناكر الزنتاني، الذي يقود مجلس ثوار طرابلس ويسيْـطر على قوة يُقدّر عدد أفرادها بـ 22 ألف مسلّح ينتمون، كما يقول، إلى 73 فصيلا. ويمكن أن يشكّل موضوع السيْـطرة على طرابلس، مصدر قلق للحكومة الجديدة، إذ قال ناكر: أخيرا: “إنه شكل “مجلس ثوار طرابلس”، لأنه رأى أن سكان المدينة مهمّـشون، حيث لم تتم دعوتهم للمشاركة في أي كِـيان في الحكومة الجديدة”، مذكِّـرا بأن قواته تسيْـطر بالفعل على 75% من العاصمة وأن “من الممكن أن يوسّـع مجلس ثوار طرابلس من دائرة عملياته”، لكنه لا يريد إثارة صراعات مع الفصائل الأخرى.
هيمنة التكنوقراط
ويبدو الميل إلى التكنوقراط واضحا في اختيار المسؤولين عن عدّة وزارات تكتسي طابعا فنيا، مثل وزارة الزراعة والثروة الحيوانية، التي سُمي على رأسها سليمان عبد الحميد بوخروبة، الذي كان ماسكا ملف مشروع تنمية الجبل الأخضر أيام حكم القذافي، ووزارة البحث العلمي والتعليم العالي، التي تولاّها نعيم الغرياني، ووزارة المالية التي عُـيِّـن على رأسها المصرفي القديم حسن زقلام، ووزارة الأوقاف التي أسنِـدت إلى حمزة بوفارس، وهو شخصية دينية منفتِـحة كانت تقدّم برنامجا تليفزيونيا حلَّـت فيه محلّ مُـفتي ليبيا السابق الصادق الغرياني، ووزارة الصناعة التي تولاّها الأكاديمي الأمازيغي محمد محمود الفطيسي، ووزارة الثقافة والمجتمع المدني (مفهوم جديد) التي أسنِـدت إلى عبد الرحمان هابيل، أستاذ القانون المنحدِر من درنة، وقد كان زميلا للكيب في الإمارات. كما أعطيت وزارة الاتصالات إلى الدكتور أنور الفيتوري (مستقل من الشرق)، وهو خرِّيج الجامعات الكندية وعمِـل مديرا لشركة اتصالات هاتفية في القاهرة.
ولعل من أبرز التكنوقراط في الحكومة الجديدة، نائب رئيس مجلس الوزراء مصطفى بوشاقور، وهو زميل سابق للكيب (غرياني الأصل)، عمل في وكالة الفضاء الأمريكية “ناسا” ودرس في جامعات أمريكية، قبل أن يدير إحدى الجامعات الأمريكية في الإمارات، حيث كان يقيم الكيب أيضا.
سيدتان..
أتت نِـسبة السيدات في الحكومة الجديدة، دون الثمانية بالمائة، وهي ربما من أضعف النِّـسب في العالم، وقد يعود ذلك إلى الطابع المحافظ للمجتمع الليبي، على رغم أن المرأة لعِـبت دورا بارزا في الثورة. لكن حصّـتها في الحكومة الانتقالية، لم تتجاوز مقعديْـن، هما الشؤون الاجتماعية التي أسنِـدت إلى مبروكة الشريف، والصحة التي أعطِـيت للدكتورة فاطمة حمروش.
وقال المحلل السياسي عبد المنصف البوري لـ swissinfo.ch “إن حمروش، المُـقيمة في دبلن بإيرلندا منذ 17 سنة، هي طبيبة عيون في أحد المستشفيات وأستاذة في الجامعة، وقد لعِـبت دورا كبيرا بعد اندلاع الثورة في ليبيا من خلال هيئة الإغاثة الإيرلندية الليبية Irish Libyan Emergency Aid ، إذ أرسلت مساعدات تُـقارب قيمتها 10 ملايين يورو. أما سياسيا، فكانت قريبة من “الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا”.
ستكون هذه الحكومة، الطاقم الذي سيتحمّـل مسؤولية قيادة التجربة الانتقالية في ليبيا، حيث تختلِـف الأوضاع عن تونس المجاورة بحُـكم كميات السلاح المنتشِـرة في البلد المُـترامي الأطراف، وبالنظر أيضا لحدّة الاستقطابات المناطقية وشدّة الصراعات بين المسؤولين القدامى والجُـدد، ولذا، تبدو المُـهلة الممنوحة لها والمقدّرة بثمانية أشهر فقط، طِـبقا لخارطة الطريق التي توافَـقت عليها القوى السياسية والمناطقية الليبية، أقصَـر من الوقت اللازم لإنجاز مهمّـة بهذا الحجم.
رشيد خشانة – الدوحة- swissinfo.ch
التشكيلة الحكومية الجديدة في ليبيا: هيْـمنة للتكنوقراط وغِـياب لعبد الحكيم بلحاج
الكيب لم يشكل توازن ،،، مدينة البيضاء لا يوجد منها وزير ومدينة طبرق كذلك ومدينة اجدابيا ، والوزراء من المنطقة الشرقية هم من اصول (المنطقة الغربية) باستثناء شخصين .. والجنوب لم يمثلوا في اي وزراة …
والغرب : الزاوية لم تمثل …
مع العلم جميع المدن التي ذكرتها مدن رئيسية ..
وهي ليست حكومة كفاءات ((فتحي تربل)) هو ((محامي)) ماهي علاقتها ان يكون ((وزير الرياضة))
…
حكومة مجاملات وليس كفاءات