حين تضطرب المشاعر وتثور، يستقيل العقل تحت وطأتها، وقد تنفرغ شحنة الانفعالات كالصاعقة. وهؤلاء الذين أحاطوا بالقذافي، ربما قتلوه لأنهم خافوا أن يستمر، رغم كونه تحت رحمتهم، فهو، بالنسبة لهم، والزمن صنوان. ولم يستطيعوا التفكُّر فيما هو الأنسب بالنسبة لهم ليفعلوه مع رجل طبع ليبيا لمدة 42 عاماً بطابعه الفصامي المطعم بجنون العظمة. ولم تكفه كل هذه السنوات وآلاف الخطب والهلوسات ليفكِّر بترك ليبيا المهشَّمة ويهرب إلى أي مكان، ليس لأنه شجاعاً، فالشجاعة ليس من مستوى هذا العناد والتحدي الذي طبع شخصيته المريضة.
نتساءل بالفعل، كيف لهذا اللامعقول أن يستمر في ليبيا وغيرها من أمثال هذه البلدان المبتلية بكل هذا الخوف، ومن حرسه ويحرسه كل هذه السنوات؟ أهو العنف والقهر وحده؟ أم أن ثمة ما يجب أن نحمِّله لأنفسنا أيضاً. المؤكد أن الخوف لا يترك للحياة مطرح، وهو صنو الموت، لأنه يجعلنا ننكفئ عن الحياة لنعيشها بغرائزنا الدنيا؛ كالأشجار العارية في وجه الريح العاتية، لا تورق ولا تثمر.
بين ثقافة الانتقام وثقافة القانون مسافة يجب أن تقطعها الشعوب لتصل إلى بر الأمان، وهي تطول أو تقصر تبعاً لنسبة أولئك الذين يتصرفون بالغريزة الجمعية، والوقت اللازم ليتحولوا إلى أفراد أحرار فيعيدون تشكلهم الجمعي على أساسٍ من أفراد أحرار وليس من اجتماع الغريزة ما قبل الوطنية… هذا هو التحدي الذي سنواجهه في القادمة من الأيام.
وفي هذه المرحلة يضطرب المجتمع، كما الفرد، ولكن الآفاق تكون مفتوحة إلى المستقبل وليس إلى الماضي، كما في مرحلة الاستبداد، حيث يعود الفرد القهقرى إلى أحضان الآمان السحيقة ليبقى على قيد حياته الدنيا.
أطراف كثيرة مؤثرة وجهود ستتضافر من أجل الانتقال بليبيا إلى مرحلة جديدة ديمقراطية، ولن تكون المهمة سهلة بالطبع، لكنها ممكنة، وستكون ليبيا مثالاً في بعض جوانبها للبلدان التي مازال الاستبداد يتشبث بها غافلاً عما يجري من حوله أو متغافلاً.
دشق
ليبيا اليوم وعرس التحرير ليبيا اليوم وعرس التحرير (بشّر القاتل بالقتل لو بعد حين) صدق رسول الله، (ولكم في القصاص حياة) صدق الله العظيم. سقط طاغية ومجرم الشعب العراقي صدام حسين، أما اليوم بالطريقة نفسها فسقط طاغية ومجرم الشعب الليبي معمّر القذّافي فمن التالي؟! نعم، لقد اكتمل تحرير ليبيا بقتل الطاغية معمّر القذّافي، الذي حكم ليبيا 44 عاما ً بالحديد والنار، هذا الطاغية الذي لم يرحم شعبه من إجرامه ومجازره قُتل على يد الثوار الليبيين الذين وعدوه بالقصاص على إجرامه وطغيانه عليهم، وطاردوه من زنقة إلى زنقة حتى نالوا منه وهو يحاول الهرب من جحره كالجرذ. هذا الطاغية الذي كان… قراءة المزيد ..