ستخسر الثورة الليبية الكثير من تعاطف الرأي العام الدولي، والعربي، إذا لم تُفلح في ردع بعض المسلّحين عن ممارسات همجية تذكّر بممارسات القذافي!
“عدالة الشارع” ليست “عدالة” على الإطلاق!
ثوار ليبيا ملزمون باحترام “اتفاقية جنيف بشأن معاملة أسرى الحرب” التي تنص على ما يلي:
المادة 3
في حالة قيام نزاع مسلح ليس له طابع دولي في أراضي أحد الأطراف السامية المتعاقدة، يلتزم كل طرف في النزاع بأن يطبق كحد أدني الأحكام التالية:
الأشخاص الذين لا يشتركون مباشرة في الأعمال العدائية، بمن فيهم أفراد القوات المسلحة الذين ألقوا عنهم أسلحتهم، والأشخاص العاجزون عن القتال بسبب المرض أو الجرح أو الاحتجاز أو لأي سبب آخر، يعاملون في جميع الأحوال معاملة إنسانية، دون أي تمييز ضار يقوم على العنصر أو اللون، أو الدين أو المعتقد، أو الجنس، أو المولد أو الثروة، أو أي معيار مماثل آخر.
ولهذا الغرض، تحظر الأفعال التالية فيما يتعلق بالأشخاص المذكورين أعلاه، وتبقي محظورة في جميع الأوقات والأماكن:
(أ) الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية، وبخاصة القتل بجميع أشكاله، والتشويه، والمعاملة القاسية، والتعذيب،
(ب) أخذ الرهائن،
(ج) الاعتداء على الكرامة الشخصية، وعلى الأخص المعاملة المهينة والحاطة بالكرامة،
(د) إصدار الأحكام وتنفيذ العقوبات دون إجراء محاكمة سابقة أمام محكمة مشكلة تشكيلا قانونيا. وتكفل جميع الضمانات القضائية اللازمة في نظر الشعوب المتمدنة.
يجمع الجرحى والمرضى ويعتني بهم.
يا ثوار ليبيا القانون الدولي ينطبق عليكم أيضاً! وأية جرائم ترتكبونها اليوم سيدفع ثمنها شعب ليبيا، وستدفع ثمنها، أيضاً، الشعوب العربية التي تناضل من أجل إسقاط طغاتها!
الشفاف
*
لم يظهر مقاتلو اي من طرفي النزاع في ليبيا شفقة ولا رحمة بخصومهم في المعارك الضارية بينهما في الايام الاخيرة للسيطرة على العاصمة طرابلس وسط شهادات وانباء عن عمليات اعدام جماعية وحالات تعذيب وانتقام.
وساد الهدوء النسبي العاصمة الليبية الجمعة وسط ارتفاع شديد في درجات الحرارة وذلك بعد معارك استمرت منذ الثلاثاء كان بعضها شديد الضراوة. ورغم اصوات طلقات بعيدة وبعض الانفجارات فان الامر لا يقارن بما كان يدور في الايام السابقة.
وفي حي ابو سليم جنوب العاصمة كانت عشرون جثة تتعفن تحت اشعة الشمس في دوار باب العزيزية غير بعيد من المجمع الذي كان معمر القذافي يقود ليبيا منه.
وقال ابراهيم عبد الهادي القائم على حاجز تفتيش للثوار قرب الجثث المتعفنة “انهم من رجال القذافي، مرتزقة اجانب”.
والعديد من جثث الرجال الذين قتلوا بالرصاص كان قد تم تقييد اياديهم الى الخلف ما يشير الى عمليات اعدام جماعية وهو الامر الذي يؤكده الثوار في حرج باد.
وهم يعللون ارتكاب هذه الفعلة بقولهم ان قوات القذافي كانت تفعل الامر ذاته بالاهالي منذ اشهر حيث مارست التعذيب والقتل واستخدام السلاح الثقيل ضد المتظاهرين او قصفت مدنا متمردة بالمدفعية الثقيلة.
وكانت هذه الممارسات التي نقلتها وسائل الاعلام ومنظمات الدفاع عن حقوق الانسان قامت بدور هام في رفض الليبيين للقذافي.
ويبدو ان انصار القذافي استمروا في القيام بذلك اثناء معركة طرابلس.
والخميس وحين كانت المواجهة محتدمة بين الطرفين اشار مقاتلون من الثوار الى جثتين مسجيتين في بهو بناية.
وقال احدهم “انهما من سكان الحي وقد رفضا حمل السلاح الذي وزعه القذافي لمقاتلتنا. لقد قتلوهما برصاصة في الراس”. وهو ما ايده العديد من سكان حي ابو سليم.
لكن بعد ساعات قليلة وبعد ان رجحت كفة القتال لفائدة الثوار واسروا العديدين من مقاتلي القذافي، تم طرح رجل ارضا ودوى طلق ناري حوله جثة هامدة.
وهجمت مجموعة من الثوار على اسير آخر ما لبث ان سقط ارضا لتبدا عملية تعذيبه. وتلقى عددا هائلا من الركلات كانت ستودي بحياته لولا تدخل احدهم وهو يصرخ “توقفوا، توقفوا، صحافيون في المكان”.
وخرجت اسرة من بناية خربها الرصاص وكان الاب يحمل ابنته الصغيرة المصابة على ذراعيه. ووافق الثوار على نقلها الى المستشفى لكنهم رفضوا نقل فتى في الخامسة عشرة من العمر مصاب في ساقه وطردوه وشتموه.
وبرر عبد الناصر غضب رفاقه بقوله “غالبية السكان هنا من انصار القذافي وبعضهم يطلق النار علينا. لا يمكن ان نثق بهم ولا حتى بالفتيان من امثاله”.
ووصل اسير جديد من انصار القذافي وتحلق مجددا عدد من الثوار حوله. واقترب منه احد هؤلاء وسدد له ثلاث لكمات على الراس.
وهنا تدخل مجددا احد قادة الثوار “توقفوا، صحافيون في المكان”.
واقتيد الرجل الذي تحلق حوله جمع غاضب ومسلح، الى مصير مجهول لا يحسد عليه بالتاكيد.
وكانت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون قالت مساء الجمعة في بيان نشر عقب اجتماع مجموعة القاهرة التي تضم الامم المتحدة والاتحاد الافريقي والجامعة العربية والاتحاد الاوروبي “لا يجب ان تكون هناك اعمال انتقامية”.
واضاف البيان “اليوم وتحت ادارة الامم المتحدة، اتفقنا على دعوة كافة الاطراف الى احترام تعهداتهم الانسانية”.
ونددت منظمة هيومن رايتس ووتش بتجاوزات وفظاعات قالت انها ارتكبت في معارك ليبيا من جانب انصار القذافي واحيانا من جانب الثوار.
وندد قائد العمليات العسكرية للثوار في طرابلس الجمعة بعمليات “قتل جماعية” ارتكبها نظام القذافي في ساعاته الاخيرة الاثنين في مجمع باب العزيزية.
وقال ان “حراس القذافي قتلوا اكثر من 150 اسيرا” من الثوار بالقنابل قبل فرارهم.
afp_tickers