اجتاحت موجة التعدي على المشاعات التي هبت على الجنوب في الأيام القليلة الماضية آلاف الدونمات من أملاك الدولة، حسب ما جاء في وسائل الإعلام اللبنانية التي انصرفت كل واحدة منها إلى ترجمتها وفق إنتمائها وتوزعها على طرفي الصراع في لبنان.
لكن سرعان ما تبدى من خلال الفوضى الفجائية في البناء صفقات سياسية ومطامع تجارية سقطت ضحيتها أراض تابعة للدولة، ووقع بسببها المواطن اللبناني أسير تهمة التمرد على القانون. ورغم أن مسلسل الإعتداء على الأملاك العامة يعود إلى ما قبل هذه الفترة بكثير، وبالتحديد إلى العام 2000، أي قبيل تحرير الجنوب، إلا أنه تم تجاهله ولم يسلط عليه الضوء بقدرة قادر لأن عمليات مصادرة الأراضي كانت تتم في مناطق غير
مختلطة طائفيا أو مذهبيا ويسيطر عليها لون حزبي واحد.
يعرف الجنوبيون أن أغلب مخالفات البناء نبتت بعد التحرير في مشاعات
شكلت أحزمة حول المدن والبلدات الرئيسية صار يطلق عليها لاحقا “أحياء المشاع“، بحجة أن أهلها قدموا أرواحهم ودماءهم وأموالهم في سبيل التحرير، وعاشوا ما يكفيهم من الحرمان و الهجرة والغربة عن مناطقهم. فاعتبرت أراضي الدولة المستباحة “عربون تقدير” لهم، وتم التعتيم على ما يجري من مخالفات وتعديات في ذلك الوقت، بعدما توفر لها كاتم صوت حزبي متماسك..
يعزو آخرون تجاهل التعديات في تلك الفترة إلى أن المسؤولين في الدولة كانوا منشغلين بدورهم بالإستيلاء على الأملاك البحرية والنهرية والسياحية! لذلك تركوا الحبل على الغارب في ما حصل، وتستروا على المخالفين كي لا يفضحوا أنفسهم.
الحراك اليوم أخذ طابع المواجهة والتمرد، حاملا في طياته
أبعادا مختلفة. وهو يتفاوت من منطقة جنوبية إلى أخرى تبعا للجهة السياسية المهيمنة.
ففي ساحل الزهراني على سبيل المثال، وفي حي يارين بالذات الذي تقطنه عائلات سنية مهجرة من بلدة يارين الحدودية والواقع في خراج بلدة عدلون الشيعية، اتخذ الحراك طابعا مذهبيا. ويقول أهالي المنطقة أن أهالي الحي كوفئوا من خلال صفقة سياسية، بعد مشاركتهم بتظاهرة 13 آذار، بالسماح لهم سرا في البناء الجديد أو زيادة أسقف على أبنية قديمة أمّنها لهم تقارب طرأ مؤخرا على العلاقة المتباعدة منذ حوالي السنة بين الرئيس بري والنائبة بهية الحريري! المرونة أو الإستجابة التي أبداها بري تجاه الحريري ليست بريئة من معادلة الإنتخابات النيابية المقبلة، كونه نائبا
مكرسا عن منطقة الزهراني، و”التمريرة” هذه تؤمن له أصوات السنة المحسوبين على آل الحريري..
أثارت حركة البناء السرية أو الصفقة البعيدة عن الأضواءاستياء سكان القرى الشيعية المجاورة والبعيدة وصولا إلى صور والنبطية. فشرعوا
بالبناء بالمثل: بيت شيعي مقابل بيت سني وسقف شيعي مقابل سقف سني! وقد تحركوا، كما يقال، بناء على إشارات حزبية من الطرف الشيعي الآخر الذي استنكر تصرف بري، وعدّه خروجا عن قواعد اللعبة السياسية الثنائية وتحضيرا لسيناريو تحالفي جديد، فقلب عليه أبناء طائفته.
من ناحية أخرى، يعتبر مراقبون أن توقيت حملة الفوضى يتزامن مع الهجمة التي يشنها عون وفريقه ضد وزير الداخلية زياد بارود، إمعانا في إضعافه وتحميله مسؤولية ما يجري بسبب استمرار قرار عدم إعطاء رخص البناء الساري المفعول منذ شباط 2010 عشية الإنتخابات البلدية.
وللحراك أيضا أبعاد تجارية وأهداف مالية.
فقد بدأت قيمة السقف المخالف من 3 آلاف دولار وما فوق، توزعت بالتساوي على جيوب السياسيين المهمنين على المنطقة. فجيوب المسؤولين في الثنائية الشيعية تعاني نقصا في السيولة بعدما جفت مزاريب المساعدات العربية التي تغذيها منذ حرب تموز، مع انتهاء مدد المشاريع وعمليات التأهيل والترميم وإعادة البناء، إضافة إلى ضعف أصاب التحويلات الإيرانية نتيجة وضع إيران الإقتصادي المحرج. فلا بد من مضخة مالية ولو مؤقتة تنعش الحال، تمثلت ببناء حوالي ألفي وحدة سكنية في وقت قياسي. ضف إليها أن مصادر الحديد والترابة والباطون والأخشاب وغيرها من مواد البناء لا تخرج عن حدود ممالك الثنائية المالية.
في بحر الفوضى المتلاطم انتقد كثيرون أداء الأجهزة الأمنية، واتهموها بالعجز أو الوقوف موقف المتفرج. في حين أشار مصدر أمني: أن القوى الأمنية تنبهت منذ البداية إلى وجود صفقات وتمريرات “أكبر منها”، لذلك “آثرنا عدم التدخل بقوة كي لا نكون “كبش محرقة” في لعبة الكبار”!وعلى حد قول أحدهم: “لي طلع الجحش ع الميذنة هو بينزله”!!
وللهجمة على أراضي الدولة بعد إنساني لا يمكن إغفاله.
فمناطق الجنوب كافة تعاني منذ انتهاء حرب تموز إرتفاعا جنونيا في أسعار العقارات والأراضي والشقق السكنية، حيث أصبح سعر الشقة او العقار في بلدة ما في أقصى الجنوب لا يختلف كثيرا عن سعرها في العاصمة. كان ذلك نتيجة اندفاع مسؤولين كبار في حزب الله تحت أسماء وهمية، أو عبر مقربين في لعبة تبييض الأموال، إلى شراء الأراضي والعقارات والشقق السكنية والمتاجر ومواقف السيارات والمنازل السكنية الخاصة,بأسعار مغرية. فانحصرت عمليات البيع والشراء والإستملاك ضمن عناصر حزب الله بالتحديد، نظرا لقدراتهم الشرائية العالية، وانعدمت بسبب ذلك قدرة الطبقة المتوسطة على الشراء، فكيف بالطبقة الفقيرة والمعدمة. الأمر الذي دفع الناس للتعويض عن عجزهم بالسطو على أملاك الدولة.
التعدّي على المشاعات: الكل ضالع من “الست بهية” إلى برّي و.. حزب اللهو الله مش قليلة طلعت الست بهية… هي اللي بلشت و”اضطر حزب الله و حركة امل ان يقلدها “. أنا هنا لا ادافع عن ” الست بهية” فهناك كثر يدافعون عنها اولا، وثانيا:الله يساعدها .واقفة بسلاح الكلمة في وجه غولان التشبيح. ذكرتني حضرة الكاتب الغافل عن اسمه برواية ان الست بهية سلّحتْ او موّلتْ فتح الاسلام في مخيم عين الحلوة. وذكرتني بالرواية السورية ،أخر طبعة ، ان تيار المستقبل و “غرفة هامبورغ” التي تدير عمليات الثورة في سوريا يقوم بها عقاب صقر! كما روى ” الاخ نافذ” مصطفى… قراءة المزيد ..