بعد عشر سنوات من التعنت الإيراني حيال رفضها استقبال مقرر خاص لحقوق الإنسان جاء القرار الأخير لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بعد صمت طيلة السنوات الماضية حيال الانتهاكات السافرة في مجال حقوق الإنسان في إيران ما تعتبر هذه الخطوة ، رغم أنها غير كافية ، مؤشراً واضحاً على جدية المجتمع الدولي مواجهة الانتهاكات الصارخة في مجال حقوق الإنسان في هذا البلد وكذلك رغم تأخر هذه الخطوة بعض الشئ .
الذي يلفت الإنتباه أكثر من غيره في هذا الخصوص ما تضمنه تقرير الأمين العام للأمم المتحدة المتعلق بحقوق الإنسان والذي شمل إثنا عشر صفحة تشمل تندداً واضحاً لما تقوم به إيران من قمع للمعارضين وتصعيدها لحالات الإعتقال وسجن الصحفيين والمحامين والمدونين وتعذيبهم في السجون وحالات الإعدام السياسي وغيرها من الإنتهاكات لحرية الرأي والمعتقد ما يكشف شعوراً بالقلق ينتاب الأسرة الدولية على ما سيحدث في هذا البلد في الأشهر القادمة بعد تصاع وتيرة الإحتجاجات في منطقة الشرق الأوسط والتي ستصل عدواها الى إيران بأسرع مما يتصوره البعض .
وفور مصادقة أعضاء مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة يوم الخميس الموافق 24-03-2011 على مشروع قرار يقضي بتعيين مقرر خاص يعنى بحالة حقوق الانسان في ايران بغالبية الأعضاء صدرت بيانات ترحب بالخطوة من قبل المعارضة في إيران على مختلف أطيافها وبنفس الدرجة وحسب عادتها شجبت الحكومة الإيرانية وعلى لسان ممثلها في مجلس حقوق الإنسان “علي بحريني ” القرار واصفة إياه بـ “التحدي الجبّار” وفي خضم هذه الأحداث لم يعط مندوب إيران لدى المجلس سوى إيضاحات مقتضبة مليئة بالشجب والإدانة والإستنكارللقرار.
المقرر الخاص في مجال حقوق الإنسان استناداً للقرار سيتولى مهاماً من بينها رفع تقارير الى مجلس حقوق الانسان والجمعية العامة للأمم المتحدة كما سيقدم تقريراً مؤقتا الى الجمعية في دورتها الـ 66 وتقريراً الى المجلس للنظر فيه في الدورة الـ 19 .وكانت الحكومة الإيرانية عطلت عمل المقرر الخاص بحقوق الإنسان منذ العام 2002 ومنعت دخول مقرر الى أراضيها منذ عام 2005 .
رغم مناشدة القرار الحكومة الإيرانية التعاون الكامل مع المقرر الخاص والسماح له بزيارة البلاد والحصول على جميع المعلومات اللازمة لتمكينه من أداء مهامه بالشكل المطلوب إلا أنه وحسب رأي الكثير من الناشطين في مجال حقوق الإنسان رغم اعتباره يأتي بالتوقيت الصحيح إلا أنه جاء متأخراً و وغير كاف نظراً لحجم المأساة التي تعاني منها الشعوب غير الفارسية خاصة في السجون والمعتقلات فهنالك أعداد هائلة من السجناء الأحوازيين يقبعون سجن كارون دون توجيه تهم محددة لهم لا لسبب وجيه سوى لمعتقداتهم الدينية والسياسية والفكرية وقس على هذا وكذلك الحال بالنسبة للشعوب الأخرى في إيران مثل الكرد والبلوش والأذريين والتركمان وغيرهم وإن ّ استثناء تقرير الأمين العام للأمم لهذه الشريحة يعتبر تجاهلاً لا مبرر له لمطالب غالبية الشعوب غير الفارسية في إيران .
رغم كل هذا فإن موافقة 22 دولة على القرار والتصويت له بغالبية مقابل معارضة سبع دول يعتبر إنتصاراً حاسماً للناشطين في مجال حقوق الإنسان وإنتكاسة أخرى للحكومة الإيرانية التي طالما تبجحت بحقوق الشعوب العربية التي تمر بمرحلة ثورات مثل اليمن وليبيا وساعدت الحس الطائفي لإجهاض الإصلاح في دول أخرى مثل البحرين والعراق وهي تقمع أي تحرك ينادي ولو لمظاهرة سلمية مطلبية في الداخل فهذا القرار يعري نفاق المسؤولين الإيرانيين ويكشف النقاب عن زيف إدعائاتهم بكل وضوح وشفافية .
بشأن الدول التي صوتت ضد القرار وهي “موريتانيا وبنغلاديش وباكستان وروسيا والصين وكوبا والأكوادور “فهي تعاني أصلاً من انتهاك لحقوق الإنسان وتمنع المقررين الخاصين لزيارة بلدانها للإطلاع على حجم الانتهاك أو لديها مصالح إقتصادية لاتريد التفريط بها عبر التصويت للقرار المذكور وما يثير التساؤل أكثر من أي شئ هو امتناع 14 دولة عن التصويت على القرارالمذكور وعلى رأس هذه الدول “السعودية والبحرين والأردن”. فكيف لهذه الدول الثلاث أن تدعي تدخل إيران بشأنها الداخلي وتمتنع عن التصويت للقرارالذي هو أساساً جاء لنصرة طيف كبير من العرب والسنة في إيران فالوقوف ضد هذا القرار أو الإمتناع عن التصويت لصالحه ألا يعتبر نفاقاً أيضاً من قبل البحرين والسعودية والأردن أم هنالك مصالح خفية لا يعرف عنها أحد تربط الدول الثلاث بدولة الجور والعدوان في إيران .فكل خطوة إيجابية كانت أم سلبية من قبل الدول حيال ما يجري في إيران ستسجل في ذاكرة الشعوب غير الفارسية في هذا البلد وستكون لها نتيجة تبعاً لما تتخذه هذه الدول في المستقبل.
falahiya25@yahoo.com
* كاتب وصحفي إيراني- سجين سياسي سابق
قرار مجلس حقوق الإنسان حول إيران: خطوة مناسبة لكن غير كافية
استهجن واندد بامتناع السعودية والبحرين عن الامتناع عن التصويت لصالح القرار لما في ذلك من نفاق ومداهنه لايران على حساب حقوق الانسان.