في حين يسعى الرئيس المكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي إلى فكفكة الغام القوى التي حملته الى الرئاسة الثالثة، تتجه قوى 14 آذار الى عدم المشاركة في حكومة ميقاتي ايا كانت الصيغة التي ستتشكل على أساسها، سواء كانت تكنوقراط، ام سياسية مطعمة بتكنوقراط، ام تكنوقراط مطعمة بسياسيين.
قوى 8 آذار تسعى الى تسهيل مهمة ميقاتي، من دون ان تقع في الاخطاء التي أكثرت من ارتكابها غداة التكليف. فقد غابت قياداتها عن التصريحات المتصلة مباشرةً بالشأن الحكومي، ولم يسجل سوى خرق وحيد اليوم تمثل بتصريح رئيس المجلس النيابي نبيه بري بأن الحكومة ستكون سياسية مطعمة بكنوقراط..
وفي موازاة ذلك، تتحدث معلومات في بيروت عن أن العماد عون وتياره يريدان من التشكيلة الحكومية تكريس منطق “غلبة” على قوى 14 آذار وتيار المستقبل، من خلال فرض تسمية جميع الوزراء المسيحيين من قبل عون فضلا عن الاصرار على توزير باسيل وشربل نحاس على الاقل في الحكومة المقبلة، إضافة الى مطالبة عون بحقيبة وزارة المال وما تيسر من حقائب الطائفة السنية السيادية.
في الضفة المقابلة، وبعد ان ساد جو من الارباك صفوف قوى 14 آذار نتيجة تكليف الميقاتي، عادت هذه القوى لتصوّب تموضعها السياسي من جديد في مقاعد المعارضة البناءة، كما وصفها عضو كتلة المستقبل النيابية عمار حوري.
وتعتبر قوى 14 آذار ان حزب الله نجح، ولو لفترة ايام وجيزة، في تظهير الصراع على انه مع “السنّة”، في حين انه عمليا بين قوى سياسية يتصدرها من جهة الحزب الحاكم، أي “حزب الله”، وقوى 14 آذار!
وإنطلاقا من هذه القراءة الجديدة حددت قوى “المعارضة الجديدة” عناوين معركتها المقبلة بـ”العدالة” والمحكمة الدولية، وسلاح حزب الله بأشكاله كافة، إضافة الى إتفاق الطائف والحؤول دون الإنجراف نحو اي شكل من اشكال “المثالثة” او نحو تغيير طبيعة النظام السياسي.
وتشير اوساط المعارضة الجديدة أنها ستضع الرئيس المكلف امام مسؤولياته من دون الاشارة الى ان المعركة شخصية معه، وذلك من خلال الزامه بمواقفه التي اعلن عنها وفيها انه “وسطي” و”توافقي”. فالتوافق يعني الأخذ بمطالب الجميع وهواجسهم، والتوافق يعني حكومة غير كيدية.
فهل يستطيع الرئيس المكلف ان يترجم تصريحاته مواقف وسطية، فينأى بنفسه عن مواجهة مع المستقبل وقوى 14 آذار؟ وهل سيتواجه مع القوى التي دعمت وصوله، ام انه سينسجم مع طروحات قوى 8 آذار فتنفتح عندها أبواب المواجهة مع قوى الرابع عشر من آذار؟
الايام المقبلة كفيلة بتظهير معالم المرحلة المقبلة، وما إذا كان الرئيس ميقاتي سيستطيع تشكيل حكومة، وما هو شكل بيانها الوزاري، وممن ستتألف؟