فاض كأس رئيس حزب الكتائب اللبنانية سامي الجميل، فأعلن عن إستقالة الوزيرين الكتائبيين سجعان قزي وألآن حكيم من “حكومة المصلحة الوطنية”، في حين أعلن الوزير الثالث الذي كان محسوبا على الحزب، رمزي جريج، ان “مواصفاته لا تتطابق مع مواصفات الكتائب”، فرفض الاستقالة، معلنا انه سيستمر في عمله كوزير في الحكومة متناغما مع مواقف حزب الكتائب.
اوساط الكتائب تقول إن الحكومة الحالية تحولت الى ما يشبه “مجلس إدارة شركة مقاولات”، موزعة بين اربعة أطراف تتبادل المنافع في ما بينها، وجدول أعمال الحكومة يسير وفق مصالح الفرقاء لا وفق مصالح اللبنانيين.
وتشير الى ان لكل فريق داخل الحكومة شركته للمقاولات وللنفايات ولبناء السدود ولتشغيل المولدات الكهربائية، ولا تتناول الحكومة اي ملف ما لم يكن الاطراف الثلاثة الاخرين قد ضمنوا موافقة الطرف المنتفع من هذا الملف على ملفاتهم هم.
وتضيف ان الكتائب لم تدخل في هذا “البازار”، وتاليا فإن وزراء الحزب داخل هذه الحكومة اصبحوا شهود زور، خصوصا ان لم يستطيعوا ان يغيروا مسار اي من الملفات التي اعترضوا عليها كالنفايات وتلزيمات شركة “سوكلين” والتلزيمات بالتراضي، وموازنات وزارة الاشغال التي ذهبت في غالبيتها للمناطق الشيعية، الى آخر منظومة الفساد والإفساد التي يتهم الكتائب بها الحكومة.
وقالت المصادر الكتائبية أيضا، إن الحزب بقيادته الجديدة يتجه اكثر الى مقاربة نبض الشارع اللبناني، ومجتمعه المدني المسيحي والمسلم، في خطوة تجديدية، تستند الى ما حصل على الساحة اللبنانية في الاشهر الماضية من اعتراض المجتمع المدني في وجه عجز الحكومة عن معالجة ملف النفايات، وصولا الى الانتخابات البلدية والآلية التي جرت من خلالها، حيث بدا ان هناك نقمة شعبية مسيحية وإسلامية على الاحزاب ، وخصوصا الثنائيات المتحالفة، والتي استجد عليها مؤخرا تحالف “معراب” بين القوات اللبنانية والتيار البرتقالي.
وأضافت المصادر ان الكتائب، وجدت نفسها، خارج التحالف الثنائي، وفي مواجهة معه في نفس الوقت، حيث دفع المستقلون وجمهور قوى 14 آذار بالكتائب ليتصدر عنوان المواجهة مع الثنائي المسيحي المستجد، والذي كان اعلن عن انه يمثل 86% من المسيحيين. وهكذا استطاع حزب الكتائب، ان يثبت حضوره الشعبي، كبديل عن القوات على المستوى المسيحي الاربعة عشر آذاري، وهذا ما رتب على الحزب مسؤولية مستجدة، وهو يتطلع الى الانتخابات النيابية المقبلة بعد اقل من عام.
وتضيف المصادر ان هذه الاسباب مجتمعة دفعت بالحزب الى الخروج من الحكومة السلامية، بعد ان انتفى، ابضا السبب الذي دفع بالحزب الى المشاركة فيها، لتحقيق التوازن السياسي بين قوى 14 آذار من جهة وقوى 8 آذار، بعد ان رفض حزب القوات اللبنانية المشاركة في الحكومة، والتي كان مقدرا لها ان تستمر لمدة شهرين، كحد اقصى، لحين انتخاب رئيس للجمهورية، فتصبح الحكومة مستقيلة حكما.
وتشير الى ان الانقسام بين 14 و 8 آذار لم يعد قائما في البلد اليوم! وتاليا ،غياب الكتائب عن الحكومة لن يؤثر على التوازن السياسي فيها. فوزراء التيار العوني يمثلون الى حد ما القوات اللبنانية، وسائر الوزراء يتفقون في ما بينهم على إمرار مصالحهم، خصوصا ان الحوار بين المستقبل وحزب الله ما زال قائما، والرئيس بري ما زال يعمل على تدوير الزوايا بين سائر الافرقاء، والوزير جبران باسيل يختصر في شخصه، كل وزراء ومصالح التيار العوني، وتاليا فإن غياب الكتائب لن يخل بالتوازن السياسي. ووجود وزراء الحزب لن يقدم ولن يؤخر في سياسة توزع الحصص والمنافع، وتاليا فإن الكتائب لن تتحمل بعد اليوم تبعات سوء الآداء الحكومي، بل على العكس لن يقوم وزراء الكتائب بتصريف الاعمال، وسيقوم الحزب بالتصدي لاي سياسة حكومية يرى فيها الحزب فسادا او محاصصة.