المركزية – تطورت عملية تكليف رئيس لتشكيل الحكومة مع انطلاق الاستشارات النيابية الملزمة من قصر بعبدا اليوم بشكل “دراماتيكي” نقل الواقع المحيط بالعملية الدستورية من حال التأزم الى حال التحدي والمواجهة المفتوحة بامتياز في ضوء آخر السيناريوهات المفاجئة لقوى 8 آذار بعد “ضربة” الاستقالة من الحكومة بتبني ترشيح الرئيس نجيب ميقاتي المصر على صفته التوافقية التي نقضها الفريق الآخر علنا في بيان اصدره رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري اكد فيه ان اي كلام عن وجود مرشح توافقي هو محاولة لذر الرماد في العيون، واعلن رفض تيار المستقبل المشاركة في اي حكومة يرأسها مرشح الثامن من آذار، مشددا على ان مرحلة ما قبل الاستشارات شيء وما بعدها شيء آخر.
غير ان مراقبي الوضع اللبناني ومستجدات الساعات الاخيرة اكدوا ضرورة النظر الى الامور من زاوية مختلفة ومقاربة ما يحصل في ضوء الحراك الدولي والاقليمي الذي يبدو انه افضى الى ما افضى اليه لجهة ترشيح الرئيس ميقاتي بقبول سعودي وموافقة سورية ومباركة اقليمية.
واشاروا الى ان مواقف الايام الاخيرة ولا سيما الاسرائيلية “الفاقعة” لجهة رفض حكومة يقودها حزب الله، دفعت بالقوى الدولية والاقليمية العاملة على خط الوساطة الى استعجال الحل، وكان شبه توافق على ضرورة انقاذ الوضع ومنع انزلاق لبنان الى الهاوية، من خلال اتصالات ربع الساعة الاخير التي اسفرت عن ان الرئيس ميقاتي يشكل همزة الوصل المطلوبة في الداخل والمقبولة من الخارج الذي يوفر له الضمانات ويقدم التطمينات من دون فرض شروط مسبقة من اي طرف.
الاسد في المغرب: وتبعا لذلك اشارت معلومات دبلوماسية لـ “المركزية” الى ان وزير خارجية ايران بالوكالة علي اكبر صالحي في دمشق وبحثا الملف اللبناني، على ان يلتقي السبت المقبل رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الاميركي جون كيري، سيزور المغرب للقاء العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز منتصف الاسبوع، الامر الذي يدرج في خانة وصل ما انقطع بعد الاعلان عن سقوط المساعي السورية – السعودية وتبادل الاتهامات وتحميل المسؤوليات بين الطرفين.
ثوابت للنظام:
وليس بعيدا، اوضحت اوساط دبلوماسية لـ “المركزية” ان “مجموعة التواصل” من اجل لبنان التي كانت تهدف الى ايجاد حل لأزمة سقوط الحكومة حولت هدفها الى مرحلة ما بعد تشكيل الحكومة الجديدة بحيث ستعكف على وضع اسس وثوابت للنظام اللبناني. وتوقعت ان يعقد وزراء خارجية كل من اميركا والسعودية وتركيا وقطر وفرنسا ومصر اجتماعا في 28 الجاري في باريس، واحتمال انضمام سوريا التي تبدي تحفظات على خلفية مشاركة تركيا ومصر وتغييب ايران.
ورقة الحل التركية:
وسط هذه الاجواء، كشفت صحيفة “اقسام” التركية مضمون وبنود ورقة الحل التركية – القطرية وفيها: تأليف حكومة وحدة وطنية برئاسة الرئيس سعد الحريري تضم وجوها بارزة من حزب الله. وتؤلف هذه الحكومة لجنة تحقيق خاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري وتتولى مسألة التحقيق في ملف شهود الزور.
وبعد انتهاء عمل هذه اللجنة تقرر الحكومة مصير المحكمة الدولية الخاصة بلبنان ومواصلة تعاطيها معها من عدمه.
وبحسب “اقسام” فإن ما ادى الى رفض المبادرة التركية هو معارضة حزب الله ترؤس الحريري حكومة جديدة ورفض الحريري وجود ممثلين رفيعي المستوى عن حزب الله في اللجنة المنصوص عليها.
سيناريو “المفاجأة”: كلمة السر جاءت من دمشق
وكانت الاوساط السياسية قد واكبت منذ ليل امس التحول الذي قاد الى اختيار المعارضة الرئيس ميقاتي للمواجهة مع مرشح الاكثرية الرئيس الحريري، من دون ان تلتقي قياداتها ذلك ان هذه الخطوة لم تكن “بنت” ساعتها، بل انه تم التفاهم عليها منذ ليل الخميس – الجمعة الماضي عندما عاد موفدا الرئيس نبيه بري والسيد حسن نصرالله النائب علي حسن خليل وحسين خليل من دمشق بكلمة سر اسمها “واحد من اهل البيت” هو الرئيس ميقاتي. وطلب الى الجميع ابقاء هذا الاتفاق سريا حتى الساعات الاخيرة الفاصلة عن بدء الاستشارات لحماية عنصر المفاجأة.
وتوقفت مصادر مطلعة في المعارضة عند عملية اختيار ميقاتي ورأت فيها “ضربة معلم” قادها الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، لم يكن يشاركه احد فيها سوى الرئيس بري الذي وافق على الخطوة في الساعات الاخيرة لعملية الاختيار وعندما جرت اعادة قراءة دقيقة لردات الفعل على ترشيح الرئيس عمر كرامي.
وقالت المصادر لـ “المركزية”:
في هذه القراءة ان الرئيس ميقاتي نائب في البرلمان اللبناني ويشارك في قيادة كتلة نيابية كانت حتى الامس القريب في صفوف الغالبية، وان سحب ثلاثة اصوات على الاقل من الاكثرية خطوة مهمة لا يمكن توفيرها في حال المضي بترشيح الرئيس كرامي الذي ومهما بالغت المعارضة في قراءة احصاءاته لم يتجاوز الـ 63 صوتا في مواجهة 65 صوتا للرئيس الحريري، وان سحب الثلاثة سيفقد الاكثرية 6 اصوات لصالح ميقاتي.
واضافت: كانت انباء قد وردت الى بيروت تفيد عن تعثر المساعي الفرنسية الجديدة التي حاول الرئيس ساركوزي قيادتها مع تركيا وقطر بفعل الغياب القسري السعودي ما سمح لسوريا وقطر بتسويق وجهة نظر سورية شرط ابعاد كرامي واستبداله بالصفدي او ميقاتي، لكن الخيار رسا على ميقاتي.
وردا على سؤال يتصل بقدرة الرئيس ميقاتي على قيادة حكومة تواجه المجتمع الدولي في اللحظة الاولى وتحديدا على مستوى المحكمة، قالت المصادر: ان الرئيس ميقاتي لن يكون وحيدا في المواجهة وان الفريق العربي والدولي الذي اقترحه سيكون الى جانبه، وسيسير الجميع بالاقتراح التركي الخاص بتشكيل لجنة خاصة للبت في ملف شهود الزور واقتراح وسائل التعاطي مع المحكمة قبل اي قرار.
وختم: اذا شاركت المعارضة الجديدة في الحكومة سيكون الامر اصعب من مقاطعتها لها.
المعارضة والضغوط:
غير ان مصدرا سياسيا معارضا ابلغ الى “المركزية” ان اتجاه المعارضة لتسمية الرئيس نجيب ميقاتي جاء نتيجة اتصالات عربية واقليمية ودولية وضغوط تعرضت لها المعارضة وسوريا للابتعاد عن مرشح التحدي الرئيس عمر كرامي الذي يشكل “نقزة” لقوى 14 آذار، مشيرا الى ان القيادة السورية ابلغت ذلك ليل السبت – الاحد الى المعارضة عبر الخليلين اللذين زاراها على عجل وتلقيا الاشارة التي تبلغها الرئيس بري والسيد نصرالله والعماد ميشال عون. وقال المصدر: ان فرنسا وقطر مارستا ضغوط لعدم ترشيح مرشح تحد بهدف سحب فتائل التفجير على الساحة الداخلية للحفاظ على الاستقرار في لبنان، لافتا الى ان الرئيس ميقاتي وان تبنته المعارضة فهو في الحقيقة وسطي بين المعارضة و14 آذار على رغم انه كان متحالفا انتخابيا مع تيار المستقبل وهو ايضا لديه علاقات مميزة مع فرنسا ولم تضع السعودية فيتو عليه ووصوله الى رئاسة الحكومة يشكل ارتياحا في لبنان.
وتوقع المصدر ان ينال ميقاتي 68 صوتا في الاستشارات وهو بدأ عمليا الاعداد لتشكيل الحكومة المقبلة على ان تكون من التكنوقراط مؤلفة من 14 وزيرا بينهم وزيرا الدفاع والداخلية من حصة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الا انه اشار الى ان ذلك لا يعني ان لا مشاورات اولية لتشكيل حكومة وحدة وطنية ثلاثينية من دون ثلث معطل الا ان رفض الطرف الآخر المشاركة يجعل حكومة التكنوقراط افضل الخيارات.
واوضح المصدر ان المعارضة عرضت على الرئيس ميقاتي خطة لتنفيذها في حكومة تقوم على 5 نقاط:
1- سحب بروتوكول التعاون بين لبنان والمحكمة الدولية لأنه تم بطريقة غير دستورية.
2- سحب القضاة اللبنانيين من المحكمة الدولية لأنهم “شهود زور”.
3- وقف تمويل لبنان المحكمة الدولية.
4- احالة شهود الزور الى القضاء اللبناني.
5- تعزيز وتطوير العلاقات اللبنانية – السورية.
واشار المصدر الى ان “ميقاتي قال “ان هذا الامر يعود الى مجلس الوزراء وكل شيء في وقته”.