وطنية – بعلبك – 23/1/2011 دعا الأمين العام السابق لحزب الله، الشيخ صبحي الطفيلي، خلال مؤتمر صحافي عقده في مكتبه في عين بورضاي- بعلبك، إلى “التفتيش عن حل توافقي وطرح أسماء للحكومة يمكن أن تتعايش مع الأزمة، ويقبل بها الفريق الآخر”. كما دعا “حزب الله” إلى “إبعاد من تسميهم القرارات الإتهامية لتجنيب المقاومة وشيعة لبنان مسؤولية الجريمة بنظر المجتمع الدولي ومؤسساته”.
ووجه الطفيلي في مستهل مؤتمره الصحافي “التحية والتبريك” إلى الشعب التونسي على “الانتصار الكبير”، وأمل “ان يكون هذا الانجاز مدرسة لشعوب المنطقة يتعلمون فيها ان سلطان الطواغيت أوهن من ان يصمد امام غضبة صادقة، وموعظة لحكام المنطقة علهم يعودون عن غيهم وفسادهم”.
وقال: “منذ اغتيال المرحوم الرئيس رفيق الحريري والأزمة تأكل أعصاب الناس وعقولهم وتفتك بالاقتصاد والادارة والأمن، والمواطن ينتظر الفرج والأمل بدولة ومستقبل، وإن كان في الواقع هو لا يزال ينتظر ذلك الفرج منذ بداية حرب الطوائف في القرن الماضي. والظاهر اننا لن ننعم بحق العيش في ظل دولة وانظمة وقوانين كغيرنا من الشعوب ما لم نخرج من جاهلية التعصب والحقد والانقياد الى غايات الدول الكبرى النافذة”.
أضاف: “من حقنا ان نصرخ ونحتج على فالج السياسة اللبنانية، ومن حقنا ان نرفض الجاهلية بكل لبوسها وألوانها المقيتة، ومن حقنا ان ندعو اطراف النزاع الى التعقل والقبول بالمستطاع والممكن من الحلول. وفي ظل ما تشهده الأمة من تصعيد مرعب نقترح ما يلي:
أولا: مع الانقسام الحاد في البلاد لا يستطيع اي رئيس حكومة من فريق 14 اذار ان يشكل حكومته حتى ولو كان لديه اغلبية برلمانية، لن تعيش حكومته تلك ولن تعمل في ظل هذا الانقسام وقدرة الفريق الآخر على شل البلد وتعطيل الحياة العامة.
ثانيا: بالنسبة الى المحكمة، انا أسأل فريق 8 اذار هل الضغوط على آل الحريري نافعة بشأن المحكمة؟ ثم أليس ما يطلبونه منهم أعظم من قتل ابيهم؟ فهم لا يقدرون على إغضاب السعودية وأميركا، وان فعلوا، لن يبقى منهم ولهم شيئا. ثم هل إلغاء التعاون مع المحكمة وحجب التمويل وسحب القضاة يغير من واقع الأمر شيئا؟ كلنا يعلم ان هذه الأمور ليس لها تأثير، ثم هل توتير الوضع المذهبي والتهويل بحرب مذهبية يلجم المحكمة، وهل السيطرة الفعلية على لبنان الدولة والأرض مفيد في هذا السياق؟”.
وسأل: “ألا تعتقد معي القيادة الايرانية ومعها قيادة حزب الله ان الصراع المذهبي مشروع اميركي، تسعى أميركا لنشره في لبنان والمنطقة؟ وانه قد يكون من مصلحة اميركا دفع حزب الله نحو التصعيد، حتى بلوغ السيطرة على البلد لتبرير الحماية الاميركية للمسلمين السنة في العالم العربي من الخطر الشيعي الموهوم، ولعله بهذا الدافع عطلت اميركا التفاهم بين 8 و 14 اذار. واذا كان هذا الاعتقاد صحيحا، وهو كذلك، ألستم بذلك تخدمون المشروع الأميركي من حيث لا تعلمون؟”.
تابع: “ثم على فرض أنكم شكلتم حكومة وقطعتم الصلة بالمحكمة، وتعامل المجتمع الدولي مع لبنان كسفينة مخطوفة. هل ستتمكنون من مواجهة ذلك؟ وهل طبيعة الشعب اللبناني تسمح لكم بذلك، وتمكنكم من الصمود؟ لعلكم تدركون معي ان ذلك غير ممكن. لهذا كله اعتقد ان من مصلحتكم التفاهم مع الفريق الآخر على حكومة تحقق لكم بعض اهدافكم وتسمح باستقرار البلد وتعمل على تأسيس دولة كريمة ونظيفة. هذا هو الحل الوحيد والمفيد والممكن لموضوع المحكمة، لكنه يحتاج الى بعض التضحية والشجاعة الحقيقية وتغليب المصلحة العامة ومصلحة المقاومة على بعض المصالح الخاصة، وأتوجه بتذكيري هذا الى القيادة الايرانية وقيادة حزب الله وقيادة حركة امل، لكي يمعنوا النظر به جيدا قبل رفضه. ومختصر وجهة نظري، ان يصار الى ابعاد من تسميهم القرارات الاتهامية عن حزب الله لعلنا نجنب المقاومة وشيعة لبنان مسؤولية الجريمة بنظر المجتمع الدولي ومؤسساته، ولا أقصد بكلامي هذا جر النار الى قرص احد، وخطوة كهذه منكم، لا يمكن ان تسجل الا في حيز اعظم الجهاد وصادق النبل والتضحية، والا تحولت المقاومة ومعها الشيعة في لبنان وجمهور المتعاطفين، الى مجموعة من القتلة تلاحقهم القرارت الدولية وتطاردهم تهمة الجريمة”.
ختم: “آمل مجددا من القيادة الايرانية وأبنائي في قيادة حزب الله ان يفكروا في هذا الحل المتاح، وانا أقدر حجم البلاء ومظلومية المقاومة والمخاض العسير، لكن اغلب القرارت المفيدة تلك القرارت الصعبة، وآمل أن يكون هذا منها”.
وردا على سؤال عما إذا كان اقتراحه بإبعاد من تسميهم القرارات الإتهامية عن “حزب الله” يشكل اعترافا بالجريمة، قال الطفيلي: “إن حزب الله وسلاحه مقصودان سواء كان بالمحكمة الدولية أو ببعض القرارات الدولية أو بالحروب، وعلى المقاومة وقيادتها أن تسعى إلى التخلص من كل الأشراك التي تنصب لها وللمشروع الإسلامي عموما. وليس في ذهن أي إنسان أنه عندما يقوم حزب الله بإبعاد من تسميه القرارات الإتهامية، وكأنه أقر بالتهمة المنسوبة إليه أو إلى بعض عناصره، وإنما من العقل أن نحصر المشكل بدائرة ضيقة جدا، فبذلك نبعد جسم المقاومة وهذه الشريحة ولبنان عن هذه الأزمة ونستطيع تجاوز هذه العقبات”.
وعما إذا كان اقتراحه يضع حدا لخطوات مستقبلية أخرى من قبل المحكمة، خصوصا أنه يعتبر أن المحكمة الدولية تستهدف حزب الله والمقاومة وسلاحها، اجاب: “منذ زمن بعيد والأمة تصارع وتحاول أن تبقى واقفة، والآخرون يسعون لضربها بصيغ ومواقع وأساليب، من جملتها هذا الأسلوب (المحكمة)، لذا علينا أن نتجاوز ما يحيكه الآخرون. لا يعني ذلك إننا إذا أقدمنا على هذه الخطوة سننهي كل شيء، لكن سنجهض خطوة، وعلينا انتظار خطوات أخرى”.
وعن رأيه بالمواقف الأخيرة للنائب وليد جنبلاط، قال: “وليد جنبلاط في كثير من الأحيان يوضح خطواته ومواقفه، وبتقديري يتبع ما يعتقد أنه يحقق مصالح طائفته”.
ورأى ردا على سؤال “أن الرئيس سليمان قد يتعرض لضغوط، فالكل تحت الضغط، والكل يضغط عليه”.
واعتبر “أن لبنان يدفع نحو المزيد من التأزيم، فلبنان جزء من المنطقة، والمنطقة كلها تدفع إلى التأزيم. الذين يتابعون الأحداث في باكستان والعراق واليمن وغيرها يرون أن هناك سياسة لوضع المنطقة في مناخ مضطرب، ولبنان من المناطق الحساسة يمكن استكمال المشاريع الغربية فيه بشكل حيوي”.
كما اعتبر “أن لبنان يتجه إلى المزيد من التوتير، ولا يوجد أفق حل أو أفق دولة”.