ما زال رئيس الوزراء العراقي المكلف نوري المالكي يسير خبط عشواء في مسألة تشكيل الحكومة بعد أن أعرضت طهران عن تقديم المزيد من الدعم والضغوط على القيادات العراقية لصالح تسهيل مهمته.
فقد اعتبرت مصادر عراقية أن إيران عملت ما وسعها لاعادة تكليف المالكي إلا أنها في الوقت الراهن تعطي اولوية للمفاوضات الجارية مع مجموعة 5 + 1 بشأن ملفها النووي، فضلا عن الملف اللبناني الذي يكاد يطيح باستثمارها فيه منذ ثلاثة عقود، وتراجع الشأن العراقي الى المرتبة الثالثة بعد أن إستطاعت طهران تأمين عودة المالكي وبات عليه أن يعالج مسالة تشكيل الحكومة بنفسه، فطهران لا تستطيع المضي قدما في ممارسة مزيد من الضغوط على القيادات العراقية، كما أن الجانب الكردي أعطى بدوره ما في وسعه لطهران وهو لا يستطيع ان يقدم المزيد.
وأضافت المصادر انه الى جانب المأزق الايراني هناك صعوبات أخرى تعترض جهود المالكي لتشكيل الحكومة المرتقبة اوجزتها المصادر على الشكل التالي:
– مشروع أسلمة العراق ومنع بيع المشروبات الروحية وإقفال الملاهي الليلية، الامر الذي تسبب بخلاف بين المالكي وحزب الدعوة من جهة والحزب الشيوعي العراقي من والاكراد من جهة ثانية، حيث يرفض الشيوعيون والاكراد مشروع الأسلمة بالشكل الذي يريده حزب الدعوة، واشترطوا على المالكي إعادة النظر في القرار من أجل السير معه قدما في مشروع تشكيل الحكومة.
– الخلاف على منصب نائب رئيس الجمهورية، حيث طلب رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني من الرئيس العراقي جلال طالباني الحفاظ على نائبيه الحاليين طارق الهاشمي والدكتور عادل عبد المهدي، في حين أن حزب الدعوة يريد تعيين رئيس الحكومة الاسبق ابراهيم الجعفري نائبا للرئيس، وفي المقابل طرح تعيين صالح المطلق نائبا للرئيس كي يتخلى عن المطالبة بوزارة الخارجية، ما يعني أن نواب الرئيس العراقي، أصبحوا أربعة وهذا مخالف للدستور العراقي.
– الجانب الاميركي يتهم المالكي برشوة التيار الصدري لحمله على الموافقة على التجديد له لولاية ثانية من خلال الوعود التي أغدقها على الصدريين بالمناصب الحكومية ليحصل على موافقتهم، ولذلك طلب الجانب الاميركي من المالكي الحد من نفوذ تيار الصدر الى الحدود الدنيا، ما يسبب إشكالا إضافيا أمام المالكي، ويعيده الى المربع الاول لمأزق الاتفاق مع تيار الصدر عند مشاورات تشكيل الحكومة.
– المشكل المتجدد مع قائمة العراقية وزعيمها أياد علاوي، الذي يشترط على المالكي تعديل صلاحيات “المجلس الاعلى للسياسات الاستراتيجية” عملا بالاتفاق بين الجانبين قبل تشكيل الحكومة، وفي حال تعذر حصول هذا الامر، يطالب علاوي، بإعادة توزيع الحقائب الوزارية، ويريد مقابل ترؤسه “مجلس أعلى للسياسات الاستراتيجية” من دون صلاحيات تنفيذية ان يحصل على ثلاث حقائب سيادية وأربع حقائب خدماتية على الاقل.
وهذا الامر يعني ان “العراقية” تسعى لتطويق المالكي في رئاسة الوزراء والحد من صلاحياته التنفيذية المطلقة سواء عبر إنتزاع بعض هذه الصلاحيات لصالح “المجلس الأعلى للسياسات الاستراتيجية” ام عبر تطويقه داخل الحكومة.
– أخيرا وإزاء العراقيل التي إستجدت، ووجود المالكي وحيدا من دون مساندة إيرانية يومية له، اقترح رئيس الوزراء المكلف تشكيل حكومة أغلبية الامر الذي رفضه بشدة الاكراد والجانب الاميركي، ما وضعه من جديد امام الاستحالة.
ولخص مصدر عراقي وضع الحكومة العراقية بشبكة عنكبوتية تلتف حول عنق المالكي. فهو إذا إستطاع نيل رضى حلفاء ايران سيجد نفسه أمام مأزق مع أخصامها، والعكس صحيح.