حدثان سياسيان احدهما في العراق والثاني بمصر. رفض العراقيون المبادرة السعودية التي سعت فيها المملكة الي احتواء الاشكالية العراقية في تشكيل الحكومة رغم مرور عده اشهر علي الانتخابات. اما في مصر فقد اوقفت السلطات المصرية عدة قنوات فضائية تبث الفكر الوهابي بكل ما فيه من عنف ضد المواطن حتي ولو كان مسلما. ثم فاجاتنا الاحداث بجريمة ارهابية ضخمة في كنيسة سيدة النجاة بحي الكرادة ببغداد. تلاها مباشرة توجية انذار للكنيسة المصرية بشان سيدة مسيحية قيل او اشيع انها تحولت الي دين الاسلام. واعلن تنظيم القاعدة مسؤليته عن الحادث وعن الانذار.
فالعراق بعد ان كابد شعبه الكثير تحت حكم قومي عروبي بعثي هزم مرتين في حربين متتاليتين. الاولي ضد ايران الخمينية لثمان سنوات والثانية بعد غزوه للكويت، حيث جرت الحرب الاولي برعاية امريكية لنظام صدام وجرت الثانية بنفس الرعاية ضده. فالحربين صبا بنتائجهما في خانة امن دويلات الخليج وامن نفطها.
ومرت عشر سنوات قبل أن يقوم تنظيم القاعدة بمساعدات من جهات مجهولة قادرة علي اختراق المجتمع الامريكي بالاموال واللوجستيات بارتكاب جريمة 11 سبتمبر، كان التنظيم من صلب المملكة السعودية وبرعايتها فكرا وتمويلا وكان التنظيم ايضا في خدمة امريكا وبرعايتها تدريبا وتسليحا مدفوع باموال السعودية لمحاربة السوفييت منذ غزوهم الامبريالي التوسعي الاستعماري لافغانستان.
فالسوفييت مثلوا عدوا مشتركا لكل من المملكة والولايات المتحده الامريكية لهذا ازداد تحالفهما القديم صلابة، ذلك التحالف الموقع علي ظهر الطراد كوينسي في 14 فبراير 1945. اما بعد الحادي عشر من سبتمبر فان الامور ربما اختلفت ولو قليلا او ربما اصبح التحالف اكثر قوة. فالاحتمالين قائمين وليس لنا الا التخمين من موقع المشاهد فالجميع لا يرون الحدث الا بعد وقوعه بعكس الدول والانظمة ذات الاجهزة التي تتنبأ بما هو ممكن الحدوث لتوافر معلومات تصب في احتمالات كلها ممكنة الوقوع.
فالاحداث الاخيرة في العراق لا تصب في خانة الوعد الامريكي بحماية نظام المملكة الوهابي الفكر. فالعراق بعد صدام يستحيل عودته ثانية الي الحظيرة العربية او الاسلامية بشكلها التقليدي. وهو ما يخل بالوعد الامريكي للمملكة. وهو ما حاولت المملكة تعويضه بارسال المتطوعين من اهل السنة عبر الحدود المفتوحة بين البلدين بحجة محاربة الاحتلال الامريكي رغم ان كل دول الخايج محتلة بقواعد عسكرية امريكية. فمهام المبعوثين ليس مقاتلة الامريكيين بقدر اخضاع العراقيين وجعل اهل السنة هناك في موقف سيادي او علي الاقل متقدم علي باقي القوي السياسية.
فكما تدخلت المملكة في افغانستان وباكستان وفي السودان والصومال فلماذا لا تتدخل علي مسؤليتها وعلي الطريقة السرية بذات الاسلوب لعدم احداث توافق بين الكتل السياسية وخاصة بعد الرفض للمبادرة السعودية باحتواء كل من نجح في الانتخابات العراقية ولا تفضلها الافكار الوهابية وتري في البيعة بديلا لها.
اما بالنسبة للانذار بشأن المرأة المصرية المشكوك في تغيير دينها فلم تكن اكثر من حجة ومبررا بعد ان اوقفت السلطات اليد الاعلامية الوهابية في عدة فضائيات يملكها اناس تم تدريبهم فكرا ودينا في المملكة ليكونوا جنودها ومبشريها في بلاد حتي ولو كانت مسلمة اساسا. فالعلاقة بين الانتخاب وحق التصويت والاختيار هو ما ترفضه وتحاربه الحركات الاسلامية الاصولية جمعاء. فالديموقراطية عندهم كفر. واي فكر خارج الاصولية الوهابية ايضا كفر. وبالتالي فان اغلاق تلك الفضائيات يصب في خانة الكفر علي الطريقة السعودية.
فما جري في العقود الاخيرة يطرح السؤال ذو الشقين، هل كان التحالف الامريكي من علي ظهر الطراد كوينسي راعيا للايمان ام ان الايمان علي الطريقة الوهابية اصبح في خطر فتحرك في اتجاهين حماية لمكسبة في الاعلام المصري بحجة امرأة مشكوك في امرها وفي اتجاه العراق لوقف عملية ديموقراطية تريد الاستقلال بنفسها عن اي تدخل عربي من جديد بعد ان خذل العرب الشعب العراقي طويلا؟ وهذا هو الشق الاول.
الكنائس في مصر والعراق هي جزء اصيل من تاريخ البلدين، بل انهما جزء من سيادة الدولة في كلا منهما. وهما ايضا مما لا تحترم الوهابية وجوده، لانها لا تعتقد بان الدولة من صحيح الاسلام. فاغلاق الفضائيات ورفض المبادرة السعودية تضعف الدعوة الوهابية والاسلام الاصولي، ولم تكن الكنائس سوي اضعف الحلقات لتهديد الدولتين الضاربتين بعمق التاريخ قبل ظهور الاديان جميعا. فجريمة كنيسة الكرادة والانذار للكنيسة المصرية اصبح موجهها للدولة الشرق اوسطية المليئة بالكنائس. ام ان الفوضي الخلاقة التي اقترحتها الولايات المتحدة هي السياسة التي يتجدد فيها العهد الذي عقداه المتحالفين من ظهر الطراد الامريكي في لقاء السحاب بين النفط والوهابية؟ وهذا هو الشق الثاني. فياتري ايهما اصدق وعلي اي ساسا ستتقدم بنا الاحدث؟
ومهما كان نوع الطبيخ الذي يتم في الخفاء من سموم فان الوقوف ضد الجريمة هو مطلب عالمي لا يجوز السكوت علي ارتكابه في اي مكان غربا او شرقا في كنيسة او جامع.
elbadry1944@gmail.com
كاتب مصري
كيف نفهم الجرائم الاصولية الاخيرة؟ – آنية صفوية مستطرقة , تبا لك. وصل عدد الردود على دعوة (كمال غبرايل) المعنونة (رسالة مفتوحة لقداسة البابا شنوده الثالث) والمنشورة هنا (الشفاف) الآن (87) .. وكل الردود لا علاقة لها بما كتبه “غبرايل” .. ولكن لها علاقة مباشرة بما يتعرض له المصريون المؤمنون (مسلمون ومسيحيون) من (مصادرة) على (ايمانهم وحريتهم الدينية الاصيلة) من قبل سدنة (السياسة) وجلاديها : سواء كانوا اسلامويين , او ليبراليين مستجحشين اسلامويا في العام بتموقعهم على الطرف لاعطاء الاستجحاش دفعا اضافيا . سواء رفعوا لافتة المعارضة كالاخوان المسلمين , او رفعوا لافتة السلطة “التنويرية” كوزير اللاثقافة : فاروق حسني.… قراءة المزيد ..