… علي الوردي، مصطفى جواد، فيصل السامر، عبد العزيز الدوري، صالح احمد العلي، حسين علي محفوظ، أنستاس الكرملي، طه عبد الرحمن، حنا بطاطو، عبد الرزاق محي الدين، مير بصري، كوركيس عواد، هبة الدين الشهرستاني، جميل صدقي الزهاوي، علي جواد الطاهر، جعفر الخليلي، رافائيل بطي، عبد الجبار عبد الله، مجيد خدوري… حسين علي ذنون، عبد المجيد الحكيم الخ… بإمكاني ان استمر في اعداد أعلام العراق في القرن المنصرم حتى أصل الى المئات بل الى الآلاف، ولن استطيع أن أصل الى آخر اللائحة… لأن ذلك يحتاج الى ورشة مفكرين ومؤرخين.
ما أريد أن أقوله هو أن العراق كان غنياً جداً… بل لعله كان من أغنى البلاد العربية بالأسماء الكبيرة في حقول المعرفة المتعددة، ومنهم كثير من أهل المواهب المتعددة والامتياز والشهرة والفضل الواسع في رعاية طالبي المعرفة والراغبين في البحث والتحقيق والاضافة النوعية الى تراث العراق الغني.
هذا في المجال العلمي، اما في المجال الابداعي في مختلف الآداب والفنون حتى الشعر الى الرسم الى النحت الى القصة والرواية والمسرح والنقد فإن القائمة، لو حاولنا كتابتها، فسوف تكون طويلة جداً، بطول الرافدين وعريضة جداً بعرض السوادين.
ثم أخذت الأسماء تغيب عن صفحة العراق وتفاقم الغياب بالموت… والتغييب بالقتل او السجن او العزل او الفرار الى المنافي بعد ثورة السابع عشر من تموز (يوليو). التي تبلورت في الثلاثين منه… بزعامة الجاهل المتعالم… اي ذي الجهل المركب الذي لا يعلم انه جاهل. وغاب وغُيب حتى الذين اقترفوا التفكير في تاريخ حزب البعث من كريم شنتاف الى الياس فرح الى احمد عبد الستار الجوازي الى عزيز جاسم الذي عاد فاستبصر فقتل… ولم يسلم الشعراء ولا الأدباء ولا الفنانون الا من تدارك امر نفسه والتحق.. وحتى الملتحقون لم يسلموا، من شفيق الكمالي الى عبد الامير معلة صاحب «الايام الطويلة» الى منيف الرزاز… وانعقدت في جامعة بغداد مؤتمرات عدة حول دور وموقع وتأثير فكر الرئيس الملهم في علم الاجتماع والهندسة وغيرها… ومؤتمر في كلية الآداب حول تأثير ايحاءات شخصية القائد في الآداب والفنون… هكذا كان.
فما هو كائن الآن؟ لا أدري كم عدد الأسماء الكبيرة او المعروفة او المقدرة او الفاعلة في الحياة الثقافية العراقية… وما مدى علاقة السياسيين بها ومدى اصغائهم لأفكارها او قراءتهم لكتبها.
وكم عدد من هم الفاعلون في مختلف حقول العلم والمعرفة في الدولة. او الجامعة او الاعلام؟ لقد اتيح لي ان ادخل في حوار حول النشاط الفكري والادبي في العراق، او ما يتيسر منه الآن… لأفاجأ بأن مسؤولين سياسيين من اهل الكتاب والقراءة… لم يسمعوا… واعترفوا انهم لم يقرأوا.
هذا والكارثة الاكبر انه ليس في العراق الآن من هو مجنون عظمة كالرئيس البائد ليختزل الادب والثقافة والسياسة والعلم العسكري والتنموي في شخصه. فلماذا يبدو العراق فارغاً… وهو ملآن؟!
الذين اغتربوا من الكبار ومن الاجيال اللاحقة اكتسبوا خبرات معرفية وبحثية راقية… اين هم الآن؟ ما دورهم؟ هل عادوا وان عادوا فهل مكثوا او رجعوا؟ الاسئلة مؤلمة والاجوبة اشد ايلاماً… هذا وانا اقرأ بعضا من نتاج الادباء الذين لم يستطيعوا الفرار الى المنافي في العهد البائد… فباعوا كتبهم بعدما قرأوها بينهم… ليعيشوا… وتلقفوا المستجد الادبي والعلمي بصعوبة بالغة وخوف شديد من الرقابة… فاختزنوا… وبعد التغيير انفجروا واخذوا يكتبون العراق باحتراف ابداعي مدهش… فلماذا يُغيّبون او يغيبون… ولصالح من؟ ولماذا تمتلئ المكتبات والارصفة حتى شارع المتنبي بالتافه من الكتب والمتخلف من الفكر وتغري بثقافة قاتلة؟
وأين التواصل المنظم والمعرفة والخبرة المتبادلة بين الداخل والخارج؟ اين المؤتمرات الفكرية والعلمية والادبية الكبيرة والجادة والتي تقيم العلم العراقي مرة اخرى على الشراكة والتواصل والاختلاف الذي يشكل الشرط الاول للتكامل؟
الثقافة العراقية بين البائد والسائد
المحتل يا هاني، لا يريد سادة العقل، بل استقرب سادة البشر كي يسيّروا عبيدهم بفتاوى تخدم سياسة المحتل.