عند متابعة انجازات الأمم والشعوب الأخرى لا بد أن يشعر المواطن العربي بشيء ولو محدود من الشعور بالنقص أو الغبن أو الذل، ولربما تمنى لو كان احد مواطنيها ولم يخلق إنسانا عربيا، فالعديد من الدول النامية والمتقدمة تسعى جاهدة نحو السيادة والقوة، فعلماء الولايات المتحدة أعلنوا مؤخرا عن اكتشاف كوكب شبيه بالأرض، تتوافر فيه عوامل الحياة، ودولة عباد البقر! تعلن عن خطط لزيادة علمائها، من خلال رصد مبالغ كبيرة لجمع أكبر عدد من العلماء الموهوبين، علما بان الهند في عداد الدول الفقيرة والنامية ويرزح نصف سكانها تحت خط الفقر، أما معظم بلداننا وشعوبنا العربية فإنها مشغولة بماضيها السحيق، وبأشخاصه الذين رحلوا منذ مئات السنوات، وتحديدا في بلاد الخليج الذي تعيش شعوبها على بحار من الذهب الأسود والثروات الهائلة، إلا إن بعضها منشغلة بقدسية رموزها الدينية وثوابتها العقائدية وقضاياها التاريخية! ومؤخرا بفتنة الثنائي المخجل الحبيب والشيرازي!
من ناحية أخرى نتساءل يا ترى لماذا لم يهتم الشيعة والسنة اللبنانيون- مثلا- بما كان
من أمر الحبيب والشيرازي؟ لأنهم مشغولون بالمستقبل وان كان مبنيا على أسس مذهبية وطائفية. ولماذا لم يهتم العراقيون بهما ؟ لأنهم مشغولين كذلك بالمستقبل وان كان في إطار صراع سلطوي ينطلق من الانتماء للطائفة والمذهب. ولماذا لم يهتم بهما الإيرانيون ؟ فلأنهم منشغلين كذلك بقضاياهم الداخلية الأكثر واقعية وأهمية.
وحدهم أبناء الكويت والقطيف والاحساء والسعوديين عموما تفاعلوا مع هذه القضية، وبالرغم من كون الحبيب ليس سعوديا، إلا إن أي فتنة مذهبية أو قضية دينية لا بد أن يكون فيها القطيفيين والاحسائيين والنجديين حاضرين وبأقلامهم مرابطين، فهم أبناء مجتمعا قائما على ثقافة مذهبية متجذرة في أعماق بيئتهم وتكوينهم الوجودي.
ما قاله الحبيب ليس بالجديد، فهو لم يأتِ به من تفكيره المحض، وإنما هي أفكار سوداء وفتنة عمياء اخترقت الأزمنة وانتقلت عبر العصور لتستقر في الأفئدة والعقول الصدئة،إنها خلاصة مئات السنوات من الفتن المذهبية التي راح ضحيتها ألآف الأبرياء، ولكن الواقع المزري الذي تعيشه معظم المجتمعات العربية وتحديدا بعض المجتمعات الخليجية دفعها للتفاعل مع حدث لا يستحق كل هذا الصخب، فهذه القضية ضخمت فعل وردة فعل، بسبب الفراغ الحضاري التي تعيشه هذه المجتمعات، فهذه المجتمعات هامدة أو شبه هامدة! وجاءت هذه القضية التي خرجت من أعماق التاريخ، والميتة أصلا ونتيجة، لتضفي زخما حيويا مخدرا وتبعث الحياة الكاذبة في العقول والنفوس الخامدة، مما جعلها تتفاعل يشكل هستيري مع قضية ليس لها صلة بالواقع، وليس لها أي نتاج سياسي أو اقتصادي، لأنها قضية تتعلق بأشخاص غادروا الدنيا منذ ألف عام، وبأحداث ذاقت الحمام وانتهى أمرها وليس لنا منها إلا ما يمكن أن ننهل منه لحاضرنا ومستقبلنا.
جاء عن غورباتشوف عن خروتشوف عن ستالين عن لينين عن ماركس عن نيتشه (الفيلسوف الألماني) انه قال:”الدين افيون الشعوب”.
إن الأفيون (ومثله أنواع المخدرات الأخرى كالكوكايين والهيروين) يستخدم في تخدير المرضى أثناء العمليات الجراحية وكمسكن قوي للآلام، لاسيما في أمراض السرطان والإسهال والسعال، علاوة على آثارها النفسية المصاحبة كالنشوة والسعادة والقدرة على تحمل الأمراض، خاصة الخطيرة منها، واستخدامها في غير أغراضها الطبية يؤدي إلى الإدمان عليها وإلحاق الأذى الخطير
بمتعاطيها وبالمجتمع الذي يعيش فيه على مختلف الأصعدة، لذا فإنها محظورة دوليا، واعتبرت كافة الدول تجارتها وحيازتها وتعاطيها في غير الأغراض الطبية جرما يعاقب عليه القانون بأقصى العقوبات.
إن الدين كالمخدرات تماما! فعندما يخرج عن أغراضه الروحية ويتجاوز المسجد والمعبد والكنيسة إلى شئون الاقتصاد والسياسة والحقوق والقانون فانه يتحول إلى سلطة امبريالية، لأنه أصبح مسخرا لتحقيق مكاسب شخصية عبر شل إرادة الجماهير بالتابوهات العقائدية، ومنع عقولها عن التفكير بسطوة الفتوى، وسحق الفرد وتكبيل المجتمع بالهالة المزيفة لبعض رجل الدين.
في البلاد المتخلفة ومنها العربية يستخدم الدين كالأفيون وكملطف للآلام ليصبر الشعب على انتزاع حقوقه وانتهاك كرامته، يستخدم الدين لتثبيت سلطات بعض رجال الدين، من خلال جعل النظام الاجتماعي قائما على الدونية والفوقية والطبقية والسلطوية والاستبداد، وعبر التعاليم والقوانين الدينية التي تأخذ صفة التقديس يصبح الدين كالأفيون الذي يستخدم في غير أغراضه الطبية وفي أماكن غير المستشفيات والمراكز العلاجية، ويصبح كالأفيون تجارة تدر الربح السريع.
ومثلما الأفيون الذي يمنح الإنسان الإحساس الزائف بالنشوة والقوة والمهارة الفائقة، فان الدين يشعر الإنسان بأنه أفضل من الآخرين وان تفوقوا عليه علميا أو اقتصاديا، ومثلما الأفيون الذي يعمل على تجميد التفكير وشل إرادة التغيير والانعتاق من إدمانه وسلطته القهرية، فان الدين يعمل على إضفاء طابع شامل من القداسة على تعاليمه ونظمه، من خلال الطقوس الدينية، التي تتغلغل في كافة أوجه حياة الفرد والمجتمع، بحيث يوقف عمليا التفكير بالتغيير ويجعل أي مشروع فردي أو جماعي مغايرا لتعاليمه ونظمه وسلطته بمثابة الخروج عن طاعة الله.
إن رجال الدين يفتقدون لأي مشروع حضاري حقيقي، فقدسية الفتوى وتخلف أدوات الاستنباط والاجتهاد، وتخلف حركة البحث العلمي الديني، وكثرة التابوهات وشيوع المحرمات تحول دون مشاركة حقيقية وفاعلة من قبل رجال الدين في تنمية المجتمعات العربية بشكل عام، هذا الواقع الذي جعل الحياة الدينية رتيبة وكئيبة ومعزولة عن المدنية الحديثة، دفع ببعض رجال الدين ( كالحبيب والشيرازي ) إلى التراجع نحو الأمام! والعودة إلى التاريخ ونبش التراث المليء بالغموض وإثارة الصراعات المذهبية والطائفية والدينية، بهدف إثبات الوجود وتحقيق الذات، من دون تحقيق أي هدف فعلي أو انجاز حقيقي.
إن مثل بعض رجال الدين في المجتمعات العربية وتحديدا الخليجية منها كمثل القس تيري جونز الذي أعلن عن عزمه إحراق نسخ من القران الكريم، في تعبير عن رغبته اللاواعية في الخروج من حالة أللانجاز التي يعيشها، من خلال الدخول في لعبة الصراعات الدينية التي يتقنها رجال الدين من مختلف الأديان والمذاهب، وفعلا تحقق هدفه ونال الشهرة والتعاطف وأوجد لنفسه ولكنيسته المزيد من الأتباع والمؤيدين والأنصار وحجز لها موقعا على ساحة الأحداث.
سمعت ذات مرة الشيخ محسن العواجي يقول بان المسلمين لن يتنازلوا للغرب عن دينهم وقيمهم، يا ترى من بقي في هذا العالم لم يتخذ منه السلفيون موقفا معاديا؟ أي أتباع دين أو مذهب أو معتقد أو فكر لم يخوضوا معهم لعبة الصراع الديني بمختلف مستوياتها؟
والشيعة بفرقها وتياراتها ما أن يخرجوا من حروبهم ومعاركهم الطائفية مع أندادهم حتى يشعروا بالملل والفراغ! فتكون ردة فعلهم خوضهم معارك وصراعات مع بعضهم البعض!
وبينما يكتشف العالم آفاق جديدة للحياة خارج الكرة الأرضية فان رجال الدين بالمقابل يستمروا في بث حلم الدولة المهدوية ودولة الخلافة في عقول أتباعهم ومريديهم! في حلقة لا تنتهي من الاستنزاف والتدمير! وفي دلالة على كون معظم رجال الدين مفتقدين لأي مشروع انساني حضاري، وان الدين إذا استخدم في غير أغراضه فانه يتحول إلى مخدر للكائن البشري عقلا وذاتا.
إن افتقاد العالم العربي للدولة القائدة والمسئولة والتنمية الحقيقية، ساهم بشكل واسع النطاق في انقياد المجتمع نحو رجال الدين، فتحولوا إلى سلطة فعلية مؤثرة، إلا أنها سلطة من دون مشروع حضاري إنساني يمكن التعويل عليه في نهضة الأقطار العربية، فإذا كان كل شي محرم ومناطق التفكير ومقومات الإبداع محاطة بالتابوهات فان هذا سيدفع الإنسان للتحرك في حلقة وجودية مفرغة، لا يمكن أن تؤدي إلى تحقيق انجاز ما أو حل مشكلة ما أو ألتعاط الديناميكي مع واقع ما، بل إن هذه الحركة ستدفعه للتقهقر نحو الماضي وربطه بالحاضر، عوضا من أن يفكر بالمستقبل من خلال النهل الايجابي من الماضي وإصلاح أوضاع الحاضر من اجل بناء المستقبل، وهذا ما يعاني منه الفكر الديني قلبا وقالبا.
إن النفط في دول الخليج يشكل صمام أمان للسلطة الدينية، لأنه يغني بشكل مؤقت عن مراجعة الملفات الشائكة والقيام بالإصلاحات الواسعة النطاق والتي لا بد أن تشمل إعادة بلورة سلطات المؤسسات الدينية حتى لا تقف بالضد أمام مشاريع النهضة والتنمية والأعمار، وحتى إشارات الإنذار الأولى بنفاذ البترول وحتمية الإصلاح فان رجال الدين سيستمرون في ممارستهم للعبتهم المفضلة في إثارة الصراعات المذهبية والطائفية، والتي كان أخرها وليس بآخرها ما كان من أمر الثنائي الزهمري الحبيب والشيرازي.
raedqassem@hotmail.com
• كاتب من السعودية
رجال الدين.. تبا لكم!!
أبو عمر
الأولى أن تعرفوا بالكاتب أنه كاتب مجوسي يفتقر لأدنى مقومات الموضوعية ولأبسط آليات التفكير.. يضع على عينيه غشاوة لا تريه إلا سيقان المومسات والعاهرات..
يريد أن يتفلت من الدين فوجد أن أسهل طريقة هي مهاجمة رجال الدين..
إلى متى يا شفاف؟ إلى متى؟
رجال الدين.. تبا لكم!!
Ghassan Barakat
إذا أردت بأن تقضي على طائفةٍ فصلت عليهم رجال الدين . الذين اخترعوا السيارات والطائرات وجهاز المرئي والهاتف مع الخليوي والخ الخ لا يستاهلون بأن نقدسهم لأنهم أراحوا البشرية .أما المشايخ وأصحاب العمائم المنافقين يستاهل تقديسهم لأنهم يحرضون الناس والطوائف على بعضهم البعض لعنة الله عليهم
رجال الدين.. تبا لكم!! – من أراد ان يرقص (البرتقالة) مع (الحثالة) على ايقاع (يا مولاي , يا مولاي) فليرقص؟! أما نحن (المسلمون) فلا مولى لنا الا الله , ولا (ولاية) الا لله علينا. – “القس تيري جونز” لم (يحقق هدفه) ولم (ينال شهرة وتعاطف) ولم (يوجد لنفسه ولكنيسته المزيد من الأتباع والمؤيدين والأنصار) ولم (يحجز له موقعا على ساحة الأحداث) … (بل انفض مولده واضطر الى بيع عقاره بابخس الاثمان ليقتات بثمنه ليوم آخر) .. فمن يسيء للاسلام وامهات المؤمنين والصحابة هذا مآله المحتوم .. وما بني على (جهل) فهو (جهل) .. وما بني على (باطل) فهو (باطل) …… قراءة المزيد ..
رجال الدين.. تبا لكم!!
فراس
لله يلعن اسلامكم ومذاهبكم النتنه