خاص- شفاف الشرق الاوسط
بدأ التلفزيون الايراني، وتحديداً القناة الثالثة، مناظرات تلفزيونية بين إصلاحيين ومحافظين (موالين لحكومة نجاد). ودون أن يكشف هذا التلفزيون عن نيّته في إستئناف هذه المناظرات بعد إنقطاع إستمر لأكثر من ستة أشهر أي قبل الانتخابات الرئاسية في يونيو 2009، رغم مطالبة القادة الاصلاحيين مثل “كروبي وموسوي” بفسح المجال لهم من أجل الدفاع عن أنفسهم أو فسح المجال لمن ينوب عنهم للدفاع عن مطالبات التيار الاصلاحي . ووجّه هؤلاء القادة إنتقادات حادّة لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون في إيران بسبب إنحيازها الكامل لحكومة نجاد ؛ يذكر أن مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الايرانية هي مؤسسة حكومية يتم إختيار رئيسها من قبل ولي الفقيه حسبما ينص عليه الدستور الايراني الحالي وهنالك رقابة مشددة على هذه المؤسسة لكي تسلك إتّجاهات تصب في إطار مصالح النظام العليا. ولايسمح إطلاقاً بتأسيس إذاعة وتلفزيون للأشخاص في إيران وكانت إحدى مطالبات المرشحين الرئاسيين في إيران وعلى راسهم “كروبي وموسوي ” خصخصة قطاع الاذاعة والتلفزيون.
فما هي دوافع التلفزيون الايراني وراء بدء هذه المناظرات التلفزيونية، حيث تشارك شخصيات مؤيدة للإصلاحيين تويد بشكل علني الحركة الخضراء وزعماءها “موسوي وكروبي “عبر شاشات التلفزيون في حين أنّ معظم زعماء الاصلاح في إيران يقبعون في السجون وأنّ تهماً لايستهان بها تطلقها السلطات على مناصري الحركة الخضراء مثل “المحاربة “وهي صفة يواجه بها الشخص مصير الاعدام إذا ما اتهم بها ؛ بالرغم من وجود إشكاليات عديدة والتي يوجهها بعض القانونيين في إيران الى هذه التهمة التي أطلقت على المتظاهرين سلمياً وهي بالاساس كانت تطلق على من يحمل السلاح ضد النظام حصرياً!!
لم يعلن التلفزيون الايراني عن دوافعه وراء بدء هذه المناظرات والتي يمكن أن تدفع الشارع الايراني المؤيد الى الحركة الخضراء لرد فعل أكثر صرامة في المظاهرات التي يخطط لها قادة الاصلاح في مناسبات قادمة وعلى رأسها مناسبة ذكرى إنتصار الثورة في فبراير القادم. و يبدو أنّ التلفاز الايراني وخلال هذه الخطوة يخطط لتبرير ما قام به النظام من إعتقالات وعملية تصفية ضد أنصار حركة الاصلاح خلال الستة أشهر الماضية. وتمثـّل هذه المناظرات عملية محاكمة فعلية لقادة الاصلاح. ولكن ستأتي هذه الخطوة بنتائج عكسية لأن الشارع الايراني وبسبب عدم ثقته بالتلفزيون الايراني المنحاز لتيار دون أخر، سوف يظهر بمظهر أكثر جرأة من السابق لأن المناظرات التي تجلب تأييداً رسمياً من قبل شخصيات خضراء تحضر في المناظرات لأول مرة بعد الانتخابات الرئاسية الاخيرة وتمّـثل هذه الخطوة المتقدمة لصالح الحركة الخضراء إنتصارا إعلاميا للحركة الخضراء وتراجعا واضحا لأنصار الحكومة وتضر الحكومة الحالية. وعكس ما كان يخطط له مناصرو نجاد في التلفزيون وهو ضرب عصفورين بحجر واحد ، حيث أنهم يخططون لمضاعفة التاييد لحكومة نجاد من ناحية وظهورالتلفزيون ومن وراءه النظام بمظهر البرئ غير المنحاز ، لكن هذه الخطوة المتأخرة والمشبوهة من قبل التلفزيون الايراني كلها نتائج إيجابية للحركة الخضراء. فهم يعترفون بشكل رسمي بتقلّص شعبية النظام بعد الانتخابات الرئاسية الاخيرة من ناحية حيث نقلت وسائل الاعلام الايرانية في الايام الاخيرة عن “الشيخ على طهراني ” زوج شقيقة الولي الفقيه (والذي يعتبر في السابق من المنتقدين للنظام وكان فيما سبق معتقلاً بسبب نشاطه المعادي للجمهورية الاسلامية وزعيمها اية الله خوميني وكان لاجئاً لدى الحكومة العراقية السابقة و بعد الحرب الايرانية العراقية صفح النظام عنه بسبب وساطة شقيق زوجته حسبما نقل موقع “جرس” ـ موقع الحركة الخضراء ـ في تقرير مفصل عنه منتقداً تمييز النظام في الصفح عن المعارضين وذكر على سبيل المثال الصفح عن زوج شقيقة القائد دون الصفح عن أنصار الحركة الخضراء الذين لم يعارضوا عشر معارضة الاخير ـ ) قوله أنّ شعبية النظام تقلّصت الى حد كبير حيث كانت قبل ثلاثين عاماً 85 بالمائة ووصلت اليوم الى مادون 15 بالمائة وإنخفض عدد المصلّين في إيران الى مادون الـ2 بالمائة وإنتقد تفشّي الفساد وطالب بإعدام بعض من يثيرون المشاكل للنظام ويشوّهون سمعته هذه عيّنة صغيرة من تصريحات المسؤولين الايرانيين حيال إنخفاض شعبية النظام هذه عيّنة صغيرة من تصريحات المسؤولين الايرانيين حيال إنخفاض شعبية النظام.
و اليوم، يدرك المسؤولون الإيرانيون بأنهم في موضع لا يحسد عليه ولم يشاهدوا من قبل مثله حتى إبّان فترة الاضطرابات في بداية الثورة؛ وإنّ العمل على رفع شعبية النظام لاتأتي من خلال تبرير أفعال المسؤولين وتلميع وتجميل وجه النظام وإنما تأتي من خلال ديمقراطية حقيقية يطمح إليها الايرانيون بجميع فصائلهم وتياراتهم وشعوبهم وطوائفهم الإثنية والعرقية. وهل سيستطيع المسؤولون في إيران إدراك هذه الحقيقة ؟ وهل يتمكنون من تغيير واقع وطموحات وتطلّعات الايرانيين؟ في واقع الامر، أن مطالبات الايرانيين الحالية وارتفاعها الى الحد الاقصى تمثل ضربة حقيقية لمن يريد تغليب واقع الامر وفرض واقع يخطط له وإنّ قضية عدم عودة المطالبات الى مالاقبل يونيو 2009 هي بالاساس تحرج المسؤولين في إيران وإنّ ما ستجلبه الاشهر لا و بل الايام القادمة من تطورات متسارعة داخل إيران وخارجه في الحقيقة تمثّل إجابة صريحة على جميع التساؤلات المطروحة .
*طهران
محمد حسن فلاحية ، صحفي ومعتقل سياسي سابق قضى ثلاث سنوات في سجن “إفين” بطهران
سيناريو المناظرات التلفزيونية في إيران التفاتة بارعة من الاستاذ (محمد حسن فلاحيه) لاحدى محاولات (النظام الاستبدادي) المنهار ترقيع صورته الحقيقية وكسب مزيد من الوقت الضائع “فقد خسر كافة المباريات وحتى – الرياضية وهذه آخرها – في الوقت الاصلي” : http://www.youtube.com/watch?v=KXu9P8aDcbQ&feature=player_embedded وكما كتب الروائي التشيكي (ميلان كونديرا) : لكشف بشاعة الاحتلال النازي لفرنسا لسنا بحاجة لتعداد الضحايا وتكرار رواية الاحداث بصورة درامية .. فمشهد حفل موسيقي اقامه الجيش المحتل وسط باريس يختزل كل ذلك , وكذلك فعل المخرج الفذ (يوسف شاهين) في الدقائق الاولى من فيلمه (عودة بونابرت) .. وهنا يكفي ان نلاحظ هذا القميص (الاخضر) الغامق الذي يرتديه احد قطبي… قراءة المزيد ..