اكتملتْ فرحةُ ما يقربُ من مائة ألف كوردي مجتمعين على مقربة من معبر الخابور الحدودي، وملايين الكورد الآخرين، بعد انتظار ليومين ماراتونيين، بإخلاء سبيل الناشطة أليف أولوداغ، آخر عضو محتجز من مجموعة مبعوثي حزب العمال الكوردستاني للسلام، في حدود الساعة الرابعة من مساء اليوم الثلاثاء 20 أكتوبر، وأنطلقت بذا احتفالات أنصار حزب العمال الكوردستاني المؤجلة.
إخلاء سبيل حمائم العمال الكوردستاني للسلام…
وكان قدْ أُطلقَ سراح 29 عضواً من المجموعة في ساعة متأخرة من ليل أمس الأثنين، وذلك بعد ساعات من انتهاء التحقيقات معهم، ليتم التحفظ على خمسة من أعضاء المجموعة وفاقاً لنص المادة 314 من قانون العقوبات التركي، التي تنصُّ على توقيف ومحاكمة من يثبت انتمائه إلى تنظيم إرهابي ( توصيف العمال الكوردستاني الرسمي في تركيا )، وتمت إحالة أضابيرهم إلى المحكمة المناوبة، التي قررت لاحقاً إخلاءَ سبيل الخمسة : حسين إيبك، نور الدين تورغوت، موسى توماك، ولايت ياقوت، وأليف أولوداغ.
كواليس محكمة المعبر الحدودي…
وقد طرحَ المدَّعون العامون الأربعة، المكلفون من قبل المدعي العام للجمهورية في آمد (ديار بكر)، والذين قدموا إلى معبر الخابور الحدودي بواسطة حوامة عسكرية تركية، على أعضاء المجموعة الـ 34 خلال التحقيقات الأولية معهم أسئلة حول تاريخ انضمامهم إلى تنظيم العمال الكوردستاني ومدد نشاطهم مع التنظيم، ولم يتم التطرق خلال الاستجوابات إلى قانون الندم الصادر من قبل الدولة التركية. فيما أكد أعضاء المجموعة، سيما منهم القادمون من معسكرات العمال الكوردستاني في جبال قنديل، خلال الاستجوابات، أنهم قدموا إلى تركيا تلبية لنداء قائدهم عبد الله أوجلان، لإتاحة المجال أمام فرص حل القضية الكوردية سلمياً وديمقراطياً، وقد حضر الاستجوابات 45 محامياً يمثلون فروع نقابة المحامين التركية في الولايات الأربع: آمد، وان، شرناخ، ماردين، وقد أكد رئيس فرع آمد لنقابة المحامين محمد أمين آكتار للصحافيين احتمال محاكمة أعضاء المجموعة السلمية التي عبرت أمس الأثنين إلى الطرف التركي من الحدود مع العراق بعد اتمام التحقيق الأولي.
معبر الخابور في الخدمة مجدداً…
بعدها، فتح معبر الخابور الحدودي أمام حركة التنقلات والتبادل التجاري مجدداً، بعد أكثر من أربع وعشرين ساعة على إغلاقه، وقد حال إغلاق المعبر أمس دون عودة صحفيين أتراك كانوا قد عبروا إلى الطرف العراقي من الحدود لأجل التغطية الصحفية لوصول مجموعة السلام الكوردية، وقد بقي الصحافيون على الطرف العراقي من الحدود إلى حين فتح المعبر مجدداً مساء اليوم، والصحافيون الأربعة هم: مراسل وكالة أنباء دوغان رمضان ياووز، ومراسل صحيفة مللييت نامق دوروكان، ومراسل صحيفة راديكال رفعت باشاران، ومراسل وكالة أنباء دجلة مظلوم أوزدمير.
بعثة العمال الكوردستاني السلمية إلى العاصمة ديار بكر …
وقد أقل أعضاء المجموعة الـ 34 المخلى سبيلهم باصاً عائداً لحزب المجتمع الديمقراطي، ليدخل موكبهم السلمي وسط حشود أنصار العمال الكوردستاني، الذين كانوا في الاستقبال بكامل وردهم وهتافاتهم وشعاراتهم وأغانيهم القومية وعلامات النصر، حيث ألقى شريف غنج داغ الناطق باسم المجموعة كلمة قصيرة على الجموع, ليتوجه الجميع لاحقاً إلى عاصمة الشمال الكوردي آمد (ديار بكر)، حيث كان من المقرر أن تشهد المدينة الكوردية الكبرى في كوردستان تركيا حفل استقبال جماهيرياً، كان يجري الإعداد له، لإكرام وفادة أعضاء المجموعة السلمية. ولكن فرع آمد لحزب المجتمع الديمقراطي ألغى الحفل، وتم تأجيل الحفل إلى الساعة الثانية عشرة من ظهيرة الغد الأربعاء، حيث من المقرر أن يقام في ساحة باتي كنت (المدينة الغربية) إحدى ضواحي مدينة آمد (ديار بكر)، في حين كانت العديد من المدن في كوردستان وتركيا تشهد أمس واليوم احتفالات جماهيرية صاخبة في الشوارع والساحات والأزقة، بالتزامن مع دخول الوفد السلمي العمالي إلى تركيا وإخلاء سبيلهم لاحقاً، نذكر من بينها مدن ديرسم، اسطنبول، ماردين، إزمير، مرسين، باتمان، وان، هكاري، بدليس، آغري، قارص، موش، وآرداهان.
ثلاثاء التصريحات في تركيا…
مع الانفراج الذي حصل في ملف مبادرة العمال الكوردستاني السلمية، وإخلاء السلطات التركية سبيل أعضاء المجموعة الـ 34، مخالفة بذلك تعاملها الذي كان في 1999 مع وفود سلام مشابهة، أرسلها الحزب الكوردستاني أيضاً بناء على نداء موجه من زعيمه أوجلان، شهد اليوم الثلاثاء في أنقرة بدء صدور مواقف رسمية وشبه رسمية تقيم الحدث وفاقاً لأجندتها.
إذ عدَّ رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في كلمته، أمام مجموعته البرلمانية، خطوة دخول وفد سلام حزب العمال الكوردستاني إلى تركيا “تطوراً إيجابياً”، وأنها استجابة لمشروعه في توحيد الأمة، وليس استجابة لنداء أوجلان.
في حين رحب وزير الداخلية التركي بشير آتالاي بقدوم مجموعة سلمية إلى تركيا، وأعرب عن انتظارهم لوصول العدد إلى 100 أو 150 شخصاً، جاءت تصريحات آتالاي خلال لقاء جمعه صباح اليوم الثلاثاء مع مجموعة من الصحافيين في فندق ريكسوس بأنقرة، والغريب في تصريحات آتالاي إيراده لمعلومات غير دقيقة ومتناقضة، فقد كان يتحدث للصحافيين عن شمول أعضاء المجموعة بقانون الندم 221 رغم أن المدعين العامين على معبر الخابور لم يتطرقوا له خلال الاستجوابات. وكرر آتالاي في اللقاء أيضاً رهان حكومته على إنهاء حزب العمال الكوردستاني، وذلك بالتنسيق مع سورية والعراق وإيران، وعد منطقة جبال قنديل في إقليم كوردستان العراق منطقة غير آمنة لمقاتلي حزب العمال الكوردستاني، واصفاً دخول المجموعة السلمية إلى تركيا أمس بأنه “نجاح مشترك للجميع”.
من جهته، هاجم زعيم حزب الحركة القومية اليميني المتطرف والمعارض دولت باخجلي، المبادرة السلمية لحزب العمال الكوردستاني، جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها على أعضاء كتلة حزبه البرلمانية، قائلاً أن الوافدين: “ليسوا حجاجاً قادمين من مكة المكرمة وإنما خونة”، وقد انتقد باخجلي في كلمته أيضاً حزب العدالة والتنمية الحاكم قائلاً: “ليس حزب العمال الكوردستاني هو من استسلم للدولة التركية، بل أن حكومة العدالة والتنمية هي المستسلمة لحزب العمال الكوردستاني”.
بينما نقلت صحيفة “أكشام” التركية عن أوساط في المؤسسة العسكرية التركية، رغم غياب أي تصريح رسمي لها، أنها لا تعد قدوم المجموعة كافياً، ولا يمكنها النظر إلى ذلك باعتباره عودة لمقاتلي حزب العمال الكوردستاني إلى الديار، وأنها تعد الثمانية القادمين من جبال قنديل في عداد المجموعة السلمية كوادر سياسيين يجيدون الخطابات فقط، وأنهم ليسوا مقاتلين.
وكان أحمد تورك رئيس حزب المجتمع الديمقراطي، قد عد أمس الأثنين في مؤتمر صحفي عقده الحزب في أحد فنادق مدينة سلوبي مبادرة العمال الكوردستاني تقوية للحكومة التركية في مسعاها السلمي إزاء حزبي المعارضة والمؤسسة العسكرية، معرباً عن ثقته بأن حزب العمال الكوردستاني سيبادل كل خطوة من الحكومة بعشر خطوات من جهته.
ما جرى أمس واليوم على معبر الخابور الحدودي، يمثل رسالة من الكورد وحزب العمال الكوردستاني إلى الحكومة التركية، مفادها أن قائدهم السجين هو المفاوض الوحيد والمخاطب الوحيد للحكومة التركية إذا كانت تبحث عن مفاوض في الطرف الكوردي. وبرأي هاقان تاهماز عضو مجلس السلام في تركيا، فإنه – خارج أوجلان – ليس هنالك سياسي مؤهل للعب دور المفاوض أو المخاطب في العملية السلمية لحل القضية الكوردية في تركيا التي يتحدث عنها حزب العدالة والتنمية منذ أشهر دون تقدم حقيقي لها، وبرأيه فإن أوجلان هو اللاعب الوحيد المؤهل لإدارة العملية السلمية على الضفة الكوردية من طاولة المفاوضات.
mbismail2@hotmail.com
“حزب العمال الكوردستاني” غزا تركيا.. سلماً!http://www.metransparent.com/spip.php?page=article&id_article=8457〈=ar