كانت شهرزاد لألف ليلة وليلة تروي حكاية مثيرة تليها اخرى اكثر اثارة، من اجل ان تسلي شهريارالجبار وتُبعد عنقها عن سيفه المتربص بها كل مساء لكي يسلبها حقها في الحياة. لم تكن تعلم اثناءها ان الزمان سينجب عبر العصور شهرزاد وشهريار آخرين منتشرين بأعداد مهولة في كل بقعة معتمة حيث اُستخدم فيها الدين كسلاح للقهر والاستبداد.
هاهي شهرزاد اخرى تُولد من جديد في افغانستان لتجوب ارض شديدة القتامة من اجل البحث عن سبل للنجاة. افغانستان ارض طحنتها حروب هوجاء، ودمرها جشع الذكور للسلطة وبغضهم لبعضهم البعض. ذكور انجبتهم هي، وآخرون اتوا من الشرق والغرب بنفس سحنة شهريار الجبار، ليشاركوا جميعا ولعقود طويلة في اغتيال الحياة فيها، وسحق كل معالمها.
شهرزاد الارض وشهرزاد المرأة تلتقيان معا بأسى شديد في زمن اغبر عديم الرحمة.
مرت ثلاث ليال وشهرزاد تتهرب من نظرات زوجها العجوز الشيخ حامد كرزاي الذي يتلهف على الالتصاق بجسدها الغض ليعبث به كيفما شاء، معتقد ان مضاجعتها سيرد له شبابه من جديد، وسيعيد لجسده المترهل نظارته.
الشيخ حامد كرزاي زوج شهرزاد رجل سادي الطباع، فهو من صنف الرجال الذين يتلذذون بالعنف في الجنس، ويستمتعون في استخدام الضرب والكلام البذيء اثناء المضاجعة، مما جعل شهرزاد تقرف من رؤيته، ولا تطيق معاشرته، وتنفر بشدة من سلوكه الهمجي في الفراش.
لم يمر سوى شهور قليلة على زواجها من الشيخ حامد كرزاي، لكنها تشعر كأنها عاشت دهور سحيقة من شدة المرارة التي تعانيها مع ذلك الزوج الغريب الطباع، فهو لا يفارقها ولا يغيب ليلة عنها لانها امرأة جميلة وزوجة جديدة.
شهرزاد ما زالت في عز شبابها فهي لم تطرق ابواب العشرينات بعد. فقبل ان تُجبر على الزواج من شيخ القرية العجوز هذا، كانت تعيش مع شاب يحبها، ويعاملها بذوق وكانت حالتها ميسورة لأن زوجها كان يجيد النجارة وصنع الاثاث، لكنه قُتل في احدى غارات طالبان على القرية، فخلّف ورائة زوجة وطفلة رضيعة.
بعد موت زوج شهرزاد اخبرها والدها انه لن يعيلها، وبأنها لا بد ان تقبل بالزواج من شيخ القرية العجوز الذي ابدى رغبته في الارتباط بها وهي مازالت في شهور الحداد.
شهرزاد مثل معظم الفتيات في قريتها، لم يكن لديها خيارا سوى ان تقبل بذاك العرض من اجل ان تتمكن من تربية صغيرتها وتنقذ نفسها من الجوع والتشرد.
الشيخ حامد كرزاي رجل مغتصب للأرض ومغتصب للنساء. رجل فاسد بكل ما تحمل تلك الكلمة من معنى. فقد شيّد ثروته من استعباد الفلاحين والاستيلاء هو وعصابته على ثروات القرية. لديه ثلاث نساء منجبات وشهرزاد الرابعة. جميعهن شابات في مقتبل العمر، لكنه حالما يمل من واحدة منهن يطلقها ويأتى ببديلة عنها. في اعتقاد كثير من الرجال المسلمين ان النساء اداوات للانجاب والمتعة، وقوانين الاحوال الشخصية في بلدانهم والسماح بتعدد الزوجات لهم من غير شرط او قيد رسخت لديهم ذاك المعتقد.
حانت الليلة الرابعة وانتهى العد التنازلي لتملص شهرزاد من واجبها تجاه زوجها العجوز. الشيخ حامد كرزاي اليوم مدرك جيدا كون زوجته من الطائفة الشيعية فان القانون الجديد “الجنس مقابل الغذاء” اجاز له الحق في تجويعها في حالة ان رفضت الاستجابة لرغباته الجنسية . القانون حدد بشكل واضح ان المرأة الشيعية يجب ان تمارس الجنس مع زوجها كل اربعة ايام، سواء كانت لديها رغبة فيه اما لا. من المفترض ان تكون المعاشرة الجنسية علاقة خاصة تجعل الزوجين اكثر رقياَ وقرباً وحميمية، لكن في القانون الافغاني الشيعي الجديد حول الجنس الى علاقة ابتزاز وضغط نفسي يمارسه الزوج على زوجتة.
شهرزاد فرّت من الجوع وتبعاته الموحشة لتقع بين مخالبه بشكل ابشع وبحماية من قانون مجحف. لم تعد ترى امامها سوى نفق معتم طويل وسنين مديدة من الرضوخ والاغتصاب الموحش من رجل تبغض كل شيء فيه.
حلّ الظلام وبدأ الشيخ حامد كرزاي بشن هجومه الجنسي على شهرزاد، يعريها بجنون وكأنه حيوان متوحش يتضور جوعاً وللتو نال من فريسته. بدأ بعضها بقوة في مناطق مختلفة من جسدها، وهي تصرخ وتستجدي الرحمة لكن ذلك كان يزيده توحشاً وهيجاناً، فيصفعها على وجهها ويشد شعرها ومن ثم يقضم حلماتها.. يطأها بعنف وهي تندب وتبكي بكاء الايتام ويتبدد صوتها في الظلام وتتلاشى احلامها الوردية كتلاشي حمامات السلام على فوهات مدافع المعركة… ويستمر العجوز القذر في اغتصابها وايلامها طوال الليل حتى ينهار جسده من التعب وجسدها من الايذاء…
ومرة اخرى تصمت شهرزاد في تلك البقعة السوداء من العالم ..وتتسلل خيوط النهار بروية وتتفتق سماء الصباح على ظلم مقنن ومباح…
salameyad@hotmail.com
* كاتبة من السعودية
شهرزاد الأفغان!
شكراً أستاذه وجيهه
مقال في الصميم
اتمنى لك التوفيق
شهرزاد الأفغان!قصة القانون هي قصة مركب تحطم في عرض البحر فتشبث اثنين من الناجين بلوح خشبي يصلح لأنقاذ شخص واحد , فالاصل في الانسان البراءة والاصل في الطبيعة الأمان , فجاء القانون كاستثناء ليبرىء احد الناجين من السلوك (القتل) الذي مارسة ضد الآخر , وكافة المجتمعات البشرية تسعى لحل اشكالياتها (الاستثناء) بالتفاهم ووفق اعراف متفق عليها (العقد الاجتماعي) بحيث يكون اللجوء للسلطة (القضائية هنا) الملاذ الأخير , وعلى الأعم فان القضاء يعطي المتخاصمين فرصة لتسوية الاشكال ويشجع على ذلك قبل ان يتدخل فيه , فالأصل ايضا انه لا يوجد سلطة جيدة في مقابل سلطة سيئة , بل سلطة سيئة وأخرى… قراءة المزيد ..